رغم التعاطف الشعبي الواسع الذي يظهره سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا مع أوكرانيا، فإن التقارير والأنباء التي تحدثت عن نية السوريين السفر إلى أوكرانيا لاقت استنكارا كبيرا من شخصيات عدة.

شمال سوريا- يُبدي بلال الإدلبي (اسم مستعار) -وهو مقاتل سابق في فصائل المعارضة بإدلب شمالي سوريا- رغبته في القتال إلى جانب الأوكرانيين، “للانتقام من روسيا وجنودها”، بعد أن فقد زوجته وطفلته ذات الثلاث سنوات في قصف من الطيران الحربي الروسي على بلدته قبل 4 أعوام.

ويقول الإدلبي -في حديث للجزيرة نت- إن الخبرة التي اكتسبها في قتال النظام السوري منذ 2012، تمكّنه من قتال القوات الروسية في أوكرانيا. وباعتقاده، فإن الروس “عدو واحد للشعب السوري والأوكراني، ويجب قتالهم في كل مكان”.

وردا على تصريحات المعارضة التي ترفض تحويل السوريين إلى مرتزقة، وتدعو للتركيز على قتال القوات الروسية في سوريا فقط، رد الإدلبي أن قادة الفصائل الذين وصفهم بـ”المتخاذلين” يرفضون فتح أية معارك في الوقت الحالي ضد قوات النظام والروس في سوريا، “بذريعة” التفاهمات الدولية بين تركيا وروسيا ووقف إطلاق النار.

وإلى جانب الأدلبي، يعرب سوريون في مناطق سيطرة المعارضة عن رغبتهم في قتال روسيا -حليف النظام السوري- ومساندة الأوكرانيين، لاعتقادهم أن “هزيمتها نصر للثورة السورية التي خرجوا من أجلها قبل 11 عاما”.

موالون للنظام السوري بدؤوا التسجيل فعلا للمشاركة في القتال إلى جانب روسيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

ساحة مواجهة جديدة

بالمقابل، بات من المؤكد استعداد عناصر من ميليشيات موالية للنظام السوري، للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا. وبدأ ضباط أمن وآخرين من الفيلق الخامس الموالي لروسيا بتسجيل قوائم السوريين الراغبين في القتال هناك فعلا.

ومع الاستعداد الطرفين للمشاركة في القتال بالحرب الأوكرانية، تتولد مخاوف كبيرة مؤخرا من أن تتحول أوكرانيا إلى ساحة حرب جديدة يتعارك فيها موالو النظام السوري ومعارضوه، بعد أن هدأت جبهات القتال داخل سوريا.

مقاتلان من المعارضة السورية في إحدى خطوط الجبهات مع قوات النظام (الجزيرة)

انتظار التعليمات

وفي مناطق سيطرة النظام السوري بدمشق وحلب، أصبحت صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزي العسكري تغطي معظم لوحات الطرق بالمدينتين، فيما يبدو أنه تأييد صريح للهجوم الروسي على أوكرانيا، ودعم ما تسميه حكومة النظام “الحليف الروسي”.

وأخذ طابع التأييد حد الاستعدادات للانخراط في القتال، حيث بدأت قيادات من ميليشيات موالية للنظام السوري بتسجيل قوائم الراغبين في القتال إلى جانب روسيا في هجومها على أوكرانيا. ويقدّر المراقبون أن هذه الرغبة مدفوعة بالحصول على أجور مالية وراتب شهري، بعد وقوعهم في أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد.

وأفادت مصادر مطلعة للجزيرة نت من حلب وريف حماة بفتح مليشيا “الدفاع الوطني” مكاتب تسجيل أسماء المقاتلين في صفوفها، لأجل تحضيرهم للقتال في أوكرانيا، مقابل أجور تتراوح ما بين 300 إلى 400 دولار شهريا، ومقابل عقود نصف سنوية.

وأضافت المصادر أن الصفة التي تطلق على المقاتل السوري الموالي للنظام والذي يتم تجهيزه للسفر إلى أوكرانيا “حارس أمن” متطوع، نافية سفر أي مقاتل حتى اللحظة إلى أوكرانيا، وأكدت أن العملية في طور الاستعداد وانتظار التعليمات من الجانب الروسي.

وقالت المصادر إن هؤلاء وجدوا في الحرب الروسية فرصة جديدة لكسب المال من خلال القتال، كونهم لا يتقنون أي أعمال أو مهن أخرى، وبات مصدر رزقهم الوحيد هو الانخراط في المعارك بسوريا، والتي تشهد هدوءا حذرا بين أطراف الصراع.

قائد مليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام السوري أكد استعداد عناصره للقتال في أوكرانيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

جاهزون لقتال الشوارع

وعبر صفحته الشخصية بفيسبوك، قال نابل عبد الله قائد ميليشيا “الدفاع الوطني” في مدينة السقيلبية بريف حماة إنه ينتظر التعليمات للذهاب إلى أوكرانيا والقتال بجانب القوات الروسية.

ووفق تسجيل مصور بثه عبد الله، فإن عناصر المليشيا التي يقودها “جاهزون لتقديم أشياء جديدة، لم يروا مثلها سابقا من قتال شوارع وطرق حربية”، وقال إن قواته انتصرت في الحرب بسوريا على الإرهابيين، وفق تعبيره.

وتأتي هذه الاستعدادات في وقت أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترحيبه بالمتطوعين الأجانب بالقتال إلى جانب جيشه، فيما قال وزير دفاعه إن 16 ألف متطوع في الشرق الأوسط مستعدون للقتال مع موسكو في أوكرانيا.

في حين، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن موسكو تنشر مرتزقة سوريين خلال الحرب التي قال إن بلاده وصلت فيها إلى نقطة تحول إستراتيجية.

“ليسوا مرتزقة”

ورغم التعاطف الشعبي الواسع الذي يظهره سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا، فإن التقارير والأنباء التي تحدثت عن قتال السوريين ونيتهم السفر إلى أوكرانيا لاقت استنكارا كبيرا من شخصيات عدة.

فلا ناقة ولا جمل للسوريين في المعارك الدائرة بأوكرانيا، وفق المتحدث باسم المجلس الإسلامي السوري مطيع البطين الذي قال إن القتال ينبغي أن يكون في أرض سوريا ضد النظام وحلفائه ومن يخرب ويمزق البلد.

وأضاف البطين -في حديث للجزيرة نت- أن أتباع النظام السوري الذين يجري الحديث عن تجنيدهم للقتال في أوكرانيا، “لا يهمهم دين أو خلق أو شرف أو غير ذلك، فهؤلاء وقفوا ضد الشعب السوري وضد ثورة الأحرار في سوريا”.

ورفض البطين وصف السوريين بـ “المرتزقة”، مؤكدا أنه من غير اللائق بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف وصفهم بالارتزاق.

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply