قال موقع “بلومبيرغ” (bloomberg) إن حرب روسيا على أوكرانيا وردود الفعل الدولية العنيفة الناجمة عنها أمران أغرقا أسواق الطاقة العالمية في الفوضى؛ مما ينذر بعواقب اقتصادية وخيمة تضاهي ما أحدثته الصدمات النفطية في سبعينيات القرن المنصرم.

وذكر الموقع أن الفحم حقق انتعاشا غير مسبوق في الأسعار بنسبة تقارب 80%، كما حطمت أسعار الغاز الأوروبي الرقم القياسي، وتأرجحت العقود الآجلة للنفط في أوسع نطاق تبادل لها في 3 عقود.

ويقول جيف كوري، مدير أبحاث السلع بـ”مجموعة غولدمان ساكس” (Goldman Sachs Group) “لا يمكنك منع ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم (من التصدير) من دون أن تتوقع حدوث أمور سيئة”.

ووفق بلومبيرغ، فإن العزلة الاقتصادية المفاجئة المفروضة على روسيا تحرم العالم من مصدر رئيسي عالمي للطاقة والمعادن والمحاصيل الزراعية، الأمر الذي يهدد أسس الدولة ذاتها ويثير المخاوف من حدوث أمر لم تعانِ منه الدول المتقدمة في عقود مضت كالتضخم الحاد وشح حقيقي في الطاقة.

ولا تزال معظم الدول الأوروبية تعتمد على روسيا في تزويدها بأكثر من نصف وارداتها من النفط الخام.

وتنقل بلومبيرغ عن دانيال يرغين -وهو مؤرخ في شؤون النفط والغاز ونائب رئيس شركة “آي إتش إس ماركيت ليمتد” (IHS Markit Ltd)- قوله إن العملية التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي لربط روسيا ودمجها بالاقتصاد العالمي “تسير بسرعة كبيرة في الاتجاه المعاكس”.

وكانت النتيجة حدوث فوضى في سوق الطاقة، على حد تعبير بلومبيرغ؛ وذلك بسبب العجز عن الحصول على تأمين واردات أو ناقلات نفط والناجم عن المقاطعة الفعالة لملايين براميل النفط الروسية يوميا.

ولا يقتصر الأمر على النفط فقط، فقد قفزت أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008، وتجاوزت 550 دولارا للطن في باريس هذا الشهر (مارس/آذار)، بعد أن تسببت الحرب في أوكرانيا في توقف نحو ربع الصادرات العالمية.

كما ضرب سعر الألمنيوم رقما قياسيا، وزاد على 3800 دولار للطن في بورصة لندن للمعادن، قبل أن يتراجع لاحقا، واقترب النحاس من أعلى مستوياته على الإطلاق.

ويؤكد هنينغ غلويستاين المحلل بمجموعة يوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية أن العالم لم يشهد قط ارتفاعا مفاجئا في أسعار السلع بهذه الحدة، مضيفا أنه ما لم يحدث خفض كبير لتصعيد الأوضاع فإن الأسعار القياسية أو المرتفعة للعديد من السلع بسبب العقوبات وسلاسل الإمداد المعطلة ستستمر.

وقد يماثل هبوط صادرات النفط الروسية في نهاية المطاف الانهيار الذي عصف بإيران خلال الفترة ما بين عامي 1978 و1979 عندما كان قطاع النفط يرزح تحت وطأة ضغوط مزدوجة تمثلت في الثورة الشعبية داخليا وتجميد أصول الدولة من قبل الحكومة الأميركية، كما يعتقد جيف كوري من مجموعة غولدمان ساكس.

وقد باءت الجهود الدولية لترويض البلبلة التي تسود الأسواق -برأي بلومبيرغ- بالفشل، وهو ما أحدث وضعا محفوفا بالمخاطر لا سيما للرئيس الأميركي جو بايدن قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في ظل تدني شعبيته.

وتتوقع ميغان أوسوليفان، أستاذة الشؤون الدولية في كلية كندي بجامعة هارفارد، من جانبها، أنّ أزمة الطاقة الروسية سوف يتردد أصداؤها في جميع أنحاء العالم لسنوات قادمة.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply