ويستدل من إحدى وثائق الشاباك التي تعود إلى العام 1987، أن معتقل الخيام “كان له دور في غاية الأهمية بالنسبة لإسرائيل تمثل في إحباط عمليات “المقاومة اللبنانية”-، كما جاء في الوثيقة أن المعتقل يدار من قبل مليشيا “جيش لبنان الجنوبي”، العميل لإسرائيل وذلك بإشراف وتدريب من قبل الجيش الإسرائيلي والشاباك.

القدس المحتلة- أظهرت وثائق سرية لجهاز الأمن العام “الشاباك” ارتكاب الجيش الإسرائيلي فظائع في تعذيب آلاف المعتقلين اللبنانيين، في معتقل الخيام الذي أقامه الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع جيش لبنان الجنوبي عام 1985، وجرى إغلاقه نهائيا في العام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.

ووفقا لوثائق الشاباك، فإنه تم احتجاز ما بين 250 و300 أسيرا بشكل دائم في معتقل الخيام، كانوا ينتمون إلى أحزاب وحركات لبنانية وفلسطينية، بينها حزب الله، وحركة أمل، والحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كما احتجز أسرى آخرون منتمون إلى منظمات غير معروفة.

واضطر “الشاباك” للكشف عن الوثائق الأرشيفية التي توثق ظروف ومعاناة المعتقلين في سجن الخيام، عقب التماس للمحكمة العليا الإسرائيلية قدمه المحامي الحقوقي إيتاي ماك، باسم نشطاء حقوق الإنسان، حيث قررت المحكمة عقد جلسة للتداول في الالتماس في أبريل/نيسان المقبل، وسمحت للشاباك بنشر قسم من الوثائق بعد إخضاعها لرقابة عسكرية، بحسب ما أفادت صحيفة “هآرتس”.

وثائق الشاباك أظهرت أن الأوضاع الصحية كانت مزرية جدا بمعتقل الخيام (الجزيرة)

معتقلات الدكتاتوريات

ونقلت الصحيفة عن المحامي ماك قوله إن “الجيش الإسرائيلي والشاباك أدارا سوية مع جيش جنوب لبنان منشأة اعتقال وتعذيب تشبه تلك المعتقلات التي أقامتها ديكتاتوريات عسكرية في أميركا اللاتينية”.

وأشار إلى أن أساليب وأصناف عمليات التعذيب التي مورست في معتقل الخيام هي جريمة ضد البشرية، مؤكدا أن “الوثائق التي اضطر الشاباك للكشف عنها بقرار من المحكمة العليا، صادمة ولا تشكل سوى ملمح بسيط للجحيم الذي مورس هناك”.

وأوضحت داليا كيرشتاين المديرة العامة السابقة لمركز الدفاع عن الفرد، وإحدى مقدمات الالتماس أن “نظام الاحتلال الوحشي الذي مارسته إسرائيل في جنوب لبنان، ومن ضمنه عمليات التعذيب الرهيبة في سجن الخيام، هو أحد الوصمات السوداء في تاريخ إسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن كيرشتاين قولها إن “الانسحاب من لبنان لن يكون كاملا حتى تكشف إسرائيل عن جميع ممارساتها هناك”.

وبعد عقود من إنشاء المعتقل -تضيف كيرشتاين- “يتواصل إخفاء الوثائق حول ممارسات إسرائيل فيه عن الجمهور، بينما المسؤولون عن هذه الفظائع يتحركون بحرية دون محاسبتهم على أفعالهم”.

أساليب وأصناف التعذيب

وأظهرت الوثائق أن “الشاباك” الذي أشرف على إدارة سجن الخيام بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله لجنوب لبنان، اعتمد الكثير من أساليب التعذيب، أبرزها الصعقات الكهربائية ومنع النوم والعلاج والتجويع لفترات طويلة للكثير من اللبنانيين الذين اعتقلوا واحتجزوا دون أي إجراءات قانونية.

وأقام الجيش الإسرائيلي سجن الخيام في العام 1985، أي بعد 3 سنوات من اجتياحه لبنان عام 1982، قرب قرية الخيام في جنوب لبنان، وعلى بعد كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، حيث أقام جيش الاحتلال منطقة أمنية عازلة في الجنوب اللبناني.

ويستدل من إحدى وثائق الشاباك التي تعود إلى العام 1987، أن معتقل الخيام “كان له دور في غاية الأهمية بالنسبة لإسرائيل تمثل في إحباط عمليات “المقاومة اللبنانية”، كما جاء في الوثيقة أن المعتقل يدار من قبل مليشيا “جيش لبنان الجنوبي” العميل لإسرائيل، وذلك بإشراف وتدريب من قبل الجيش الإسرائيلي والشاباك.

لبنان.. اعتقال آمر سجن الخيام الذي كان يتبع لإسرائيل
مظاهرات غاضبة في بيروت بعد عودة عامر الفاخوري قائد جيش لبنان الجنوبي وآمر سجن الخيام بعد عودته للبنان (الجزيرة)

اعتقالات دون إجراءات قانونية

وتحت البند “متفرقات” في وثيقة الشاباك جاء أنه “لم يكن هناك أي أمر اعتقال بحق المعتقلين، ولم يتم الحصول على اعترافات منهم، كما لم يتم تقديمهم للمحاكمة، وتم تحديد فترات اعتقال غير محددة بحقهم وفقا لخطورة الأعمال المنسوبة إليهم”.

لم يقتصر الاعتقال في الخيام على الرجال، بل أظهرت وثائق الشاباك أن الكثير من النساء والفتيات كن من بين المعتقلين، وكشفت وثيقة كتبت بخط اليد بشأن إخضاع فتاة للتحقيق في معتقل الخيام للاشتباه في علاقتها بحزب الله، أن الفتاة تلقت صعقات كهربائية، كما كشفت وثيقة أخرى إخضاع الكثير من النساء اللبنانيات للتحقيق بالخيام من قبل محقق كبير بوجود شرطية.

تجويع وإهمال صحي

وبشأن تجويع الأسرى أظهرت وثيقة أخرى للشاباك من العام 1988، أن مدير المعتقل أفاد بأنه تم إعلان إضراب عن الطعام ليوم واحد بالسجن بسبب النقص بالطعام، والاكتظاظ البالغ بالمعتقل أيضا.

أما بما يتعلق بالأوضاع الصحية للمعتقلين والأسرى، استعرضت وثيقة سرية من العام 1997، المشاكل الطبية والأوضاع الصحية المزرية للمعتقلين، مشيرة إلى أنه بسبب المشاكل الصحية الخطيرة للمعتقلين، علقت قرارات بالإفراج عن الكثير منهم، خاصة من كانوا بحالة مرضية خطيرة.

وورد في نهاية الوثيقة أن مسؤول بالسجن من عناصر جيش جنوب لبنان أكد أنه لا يوجد لديه أي دعم له في حال موت معتقل في السجن إثر مشاكل صحية أو عدم تلقيه العلاج.

تكتم وإشكاليات قانونية

وأفادت منظمة العفو الدولية “أمنستي” بأن 11 أسيرا في معتقل الخيام قد توفوا، لكن الجيش الإسرائيلي والشاباك امتنعا عن نشر معطيات رسمية بهذا الخصوص.

وفي وثيقة من العام 1997، أوضح ضابط إسرائيلي شطبت الرقابة العسكرية اسمه ومنصبه أن “المشاكل والأوضاع الصحية بالمعتقل معروفة منذ سنوات طويلة، وعليه ليس هناك أي مشكلة صحية خطيرة تستوجب الإفراج، وبالإمكان احتجاز مرضى أيضا بالمعتقل، على أن يبقى القرار النهائي بأيدي قواتنا، فمصالح الجانب اللبناني – بالإشارة لمليشيا لحد- لا تتلاءم دائما مع مصالحنا”.

وتطرقت وثائق أخرى لجهاز الشاباك إلى مداولات قضائية لمسؤولين إسرائيليين بحثت في مدى قانونية التحقيق مع معتقلين لبنانيين في معتقل الخيام من قبل ضباط إسرائيليين، حيث أظهرت وثيقة من العام 1996 أن السلطات الإسرائيلية تقر بـ” إشكالية قانونية” وجود منشأة اعتقال وتحقيقات تديرها إسرائيل في لبنان.

معتقل الخيام بعد تدميره من قبل إسرائيل بعد تحوله لمزار  (الأوروبية)

اعترافات وموافقة مبدئية

ورغم الاعتراف بهذه الإشكالية، طلب الشاباك من الحكومة الإسرائيلية السماح له بالتحقيق مع لبنانيين في الأراضي اللبنانية، وزعم أن “الأوضاع الأمنية ساءت، وهناك حاجة ماسة لاستخراج وجمع معلومات مخابراتية، الأمر الذي من شأنه أن يمنع جزءا من الهجمات ومقتل جنود في الجيش الإسرائيلي وجيش جنوب لبنان”.

وأظهرت وثائق الشاباك أن المدعي العسكري العام الإسرائيلي، أوري شوهام، شدد على أن طلب الشاباك بإجراء تحقيقات كهذه “لا تخلو من إشكاليات أساسية في المسؤولية التي تتحملها إسرائيل لمجرد إجراء تحقيق من جانب ضباط إسرائيليين على الأراضي اللبنانية”.

ورغم هذا التقدير للمدعي العسكري، بيد أن وثيقة أخرى للشاباك تظهر أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية في حينه، إلياكيم روبنشتاين، “وافق مبدئيا على طلب الشاباك والجيش الإسرائيلي بالسماح، بشروط وقيود معينة، بالتحقيق مع لبنانيين في الأراضي اللبنانية”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply