القاهرة- كأحد تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا على المستوى المحلي تشهد الأسواق المصرية موجة غلاء في الأسعار شملت كثيرا من السلع والمنتجات، خاصة الخبز، إذ تعتمد القاهرة على موسكو وكييف في استيراد نحو 80% من احتياجاتها من القمح.

وفي ما بدا نوعا من امتصاص غضب الناس كثف إعلاميون مقربون من السلطة جهودهم في مجال تقديم ما قالوا إنها نصائح للمواطنين من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار، ومنها مقاطعة السلع غير الأساسية، وعدم تخزين السلع بالمنازل، والاستغناء عن خدمات التوصيل المنزلي، والتكاتف المجتمعي من قبل الأحزاب والجمعيات الخيرية.

وذهب إعلاميون إلى نصائح بدت غير ملائمة لنمط الحياة العصرية ولا تتناسب مع مستويات دخول المصريين المنخفضة وعاداتهم الغذائية أو مع طبيعة حياتهم وأماكن سكناهم، ومنها إعداد الخبز في المنزل، وتقليل عدد أرغفة الخبز التي يتناولها الفرد، والاستعاضة عن البطاطس المسلوقة بالمقلية.

وتفاجأ المصريون مطلع الأسبوع الجاري بارتفاع أسعار جميع أنواع الخبز غير المدعوم بنحو 50% على إثر زيادة ثمن طن الدقيق السياحي والفاخر 3 آلاف جنيه دفعة واحدة (الدولار يعادل 15.73 جنيها).

تخزين السلع

من جهته، نصح مقدم برنامج “التاسعة” عبر التلفزيون الحكومي المصري يوسف الحسيني المواطنين بعدم تخزين السلع الغذائية داخل البيوت، على حد قوله.

وأوضح أن شراء كميات كبيرة من السلع بهدف تخزينها يؤدي إلى إهدار جزء كبير من تلك المشتريات، متابعا “نهدر تقريبا 60% من اللي بنشتريه بسبب إما قلة الاستهلاك من المخزون أو أن التخزين يؤدي لفساد تلك السلع، خاصة الغذائية منها”.

وحاول الحسيني توجيه رسالة طمأنة بخصوص توفر السلع بالأسواق خلال الفترة المقبلة، وخاطب المواطنين قائلا “لا أنت محتاج تخزن ولا محتاج ترمي أكل.. سايق عليك النبي يا أخي خاف على مصروف بيتك ومتخزنش حاجة.. اللي أنت عايزه هتلاقيه وموجود، وسيبها على ربنا سبحانه وعلى الدولة”.

وأشار إلى انطلاق مبادرات حكومية واجتماعية لتوفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة أو بنفس الأسعار التي كانت معتمدة قبل حرب روسيا على أوكرانيا، دون أن يكشف عن تفاصيل هذه المبادرات أو كيفية استفادة المواطن منها.

مقاطعة الجشع

أما الإعلامي تامر أمين فقد استغل برنامجه المذاع على فضائية النهار ليركز اتجاه الغضب نحو التجار الذي قال إن بعضهم استغلوا الأزمة الراهنة لتحقيق مكاسب برفع الأسعار دون سبب يتعلق بارتفاع تكلفتها.

واتهم أمين هؤلاء التجار بالجشع وعدم مراعاة ظروف المواطنين، مقدما الحل من وجه نظره وهو الاستغناء عن السلع التي يزيد سعرها بدون مبرر ولا حاجة ملحة لها مثل البيتزا والحلويات.

واستطرد “على المواطن أن يحارب الغلاء بالاستغناء عن السلع، ويجب عليه شراء السلع الأساسية فقط لكي تتم السيطرة على موجة الغلاء”، مقترحا سبلا أخرى للتوفير كالاستغناء عن خدمات التوصيل المنزلي، وتقليل استخدام الإنترنت.

في الوقت نفسه، لم يقدم الإعلامي المصري أي نصائح للحكومة بخصوص الرقابة على الأسواق، موضحا أنه لا يمكن السيطرة على السوق الحر في ظل النظام الرأسمالي الذي تحكمه سياسة العرض والطلب.

بدوره، انضم الإعلامي نشأت الديهي إلى الداعين لاستخدام سلاح المقاطعة، إذ ناشد المواطنين عدم شراء الخبز غير المدعوم بعد ارتفاع أسعاره، متجاهلا الإشارة إلى الخبز المدعوم وهل يكفي من يحصلون عليه أم لا.

واعتبر المذيع -الذي يعمل في فضائية “تن” (TeN)- أن رفع التجار الأسعار غش وسرقة، مطالبا الجهات الرسمية المعنية بسرعة التدخل لضبط الأسواق بعد الفوضى العارمة التي حدثت خلال الأيام الماضية.

تغيير نمط الاستهلاك

أما نصائح الإعلامي عمرو أديب فبدت خارجة عن إطار ظروف المعاناة الاقتصادية التي يعيشها المصريون بسبب انخفاض الدخول أمام ارتفاع الأسعار.

وأكد أديب -خلال برنامجه الذي يقدمه على قناة “إم بي سي مصر” المملوكة لجهات سعودية- ضرورة تغيير النمط الشرائي للمواطنين، ضاربا مثلا بالاستعاضة عن البيض الأورغانيك (العضوي) بالبيض العادي، على حد قوله.

وتابع “ده مش وقت بيض أورغانيك، ماله البيض العادي، كله بالبسطرمة بيبقى حلو، مش لازم تشتري المنتج الغالي ما دام الأرخص منه نفس الجودة”.

حديث أديب يأتي في ظل ارتفاع أسعار البيض العادي البلدي، إذ وصل سعر كرتونة البيض إلى 63 جنيها، وبحسب خبراء مختصين، فإن سعر البيض الأورغانيك يزيد على العادي بنحو 50%.

 

 

إلى ذلك، اقترح الإعلامي المصري أن يتجه المواطن لإعداد الخبز في المنزل بدلا من شرائه من المخابز، وتساءل “ليه ما نرجعش نخبز في البيوت زي ما كنا بنعمل من 100 سنة؟.. في ناس في أميركا بدأت تعمل العيش بتاعها في البيت”.

وعلى نفس خط الدعوة لتغيير نمط الاستهلاك تماشيا مع ظروف الحرب، خاطب الإعلامي محمد الباز الأسرة المصرية، مطالبا إياها بتقليل تناول الخبز خلال الوجبات الغذائية.

واقترح الباز في برنامجه على قناة النهار أن يقلل المواطن تناول الخبز حفاظا على صحته، قائلا “كل بس ما تحفش”، كذلك استطرد في قراءة رسالة أحد المواطنين والتي تدعو إلى تناول البطاطس المسلوقة بدلا من المقلية للتقليل من استخدام الزيت.

التكاتف المجتمعي

من جهته، اختار الإعلامي أحمد موسى أن تكون نصائحه موجهة للكيانات السياسية والمجتمعية، داعيا إلى إطلاق مبادرات من قبل الأحزاب والجمعيات الخيرية تستهدف العمل على تقديم منتجات بأسعار مخفضة.

وقال موسى خلال برنامجه المذاع عبر شاشة صدى البلد إن هناك نحو 5 آلاف جمعية ناشطة في العمل الخيري، ولا بد أن تبدأ فورا في المساعدة لمواجهة أزمة غلاء الأسعار.

وفي الوقت نفسه، انتقد موسى ما وصفه بجشع التجار، مطالبا السلطات بالقبض على أي تاجر يستغل الحرب الدائرة في أوكرانيا لرفع أسعار منتجاته ليحقق ثروات على حساب المواطن البسيط، حسب قوله.

وقال إنه لا يوجد سبب آخر لزيادة الأسعار سوى جشع التاجر، لأن استيراد السلع من الخارج يحتاج بين 3 و6 أشهر، في حين أن حرب روسيا على أوكرانيا بدأت منذ 12 يوما فقط.

سخرية وانتقاد

رواد منصات التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع نصائح الإعلاميين المصريين، وتنوعت التعليقات بين السخرية من طبيعة النصائح غير الملائمة للواقع المصري والانتقاد لهؤلاء المشاهير الذين يدعمون السلطة ويحصلون مقابل ذلك على مبالغ مالية ضخمة، حسب تعبيرهم.

 

 

 

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply