القاهرة- بين التعاطف والجدل، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تفاعلا واسعا مع اسم الممثل سمير صبري، وذلك بعدما أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بعلاجه على نفقة الدولة، وهو ما دفع مغردين ونشطاء للحديث حول حاجة الفقراء إلى المعاملة بالمثل، خاصة أن صبري -على غرار مشاهير آخرين- ربما لا يكون بحاجة إلى مساعدات حكومية.

حالة التعاطف والتضامن مع صبري لم تكن فقط بسب كونه ممثلا مشهورا، ولا لأنه كان واحدا من أشهر مقدمي البرامج في التلفزيون المصري، فالذي ضاعف حجم التعاطف معه هو أنه من بين قلة قليلة من الفنانين المصريين ممن لا يتركون فنانا يمر بأزمة إلا ويقفون بجانبه، بحسب ما ذكره المذيع عمرو أديب.

والأسبوع الماضي، أثارت كلمات سمير صبري -في مداخلته مع المذيع عمرو أديب- حالة من التعاطف بعد أن طلب صبري من أديب أن يقف بجانبه وأن يكون “تحت رعاية عمرو أديب”، وهو ما استجاب له أديب مؤكدا أن صبري سيكون تحت رعاية الدولة كلها.

ويبدو أن قرار رعاية صبري رسميا لم يتأخر كثيرا، إذ أعلن بعدها نقيب المهن التمثيلية المصرية، أشرف زكي، أن الرئيس وجّه بعلاج صبري على نفقة الدولة، مضيفا أنه يتوجه بالشكر إلى الرئيس باسمه وباسم جموع الفنانين المصريين.

 

جدل بعد التعاطف

لكن حالة التعاطف الشديدة مع صبري صاحبتها حالة أخرى موازية من الجدل بشأن قرار السيسي معالجة سمير صبري وغيره من المشاهير على نفقة الدولة، خاصة المقتدرين منهم وأصحاب الملايين.

فاستنكر مغردون قيام الحكومة بتحمل نفقات علاج عدد كبير من المشاهير، خاصة ممن يُعرف عنهم الثراء، في حين أن آحاد الناس والمعدمين قد يخوضون رحلة طويلة للحصول على قرار علاج على نفقة الدولة، وبعضهم قد يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يحصل على القرار.

وتجادَل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد بشدة لعلاج سمير صبري على نفقة الدولة خاصة من قبل ممثلين ومشاهير على مواقع التواصل، لكونه شخصا كان يمد يد العون لكثيرين، ومعترض بشدة على قرار السيسي بوصفه يحمل نوعا من التمييز بين فئات المجتمع، بحسب وصف مغردين، أو لأنه إنفاق للمال العام في غير محله، مطالبين على الأقل بمعاملة الفقراء بالمثل وسرعة إصدار قرارات لعلاجهم على نفقة الدولة.

 

 

صحفيون ينتقدون القرار

وانتقلت حالة الجدل التي صاحبت قرار السيسي بعلاج سمير صبري على نفقة الدولة إلى الوسط الصحفي، حيث انتقد عدد من الصحفيين القرار رغم تعاطفهم مع سمير صبري بوصفه إنسانا وفنانا، وقال الكاتب الصحفي علي القماش إنه لا خلاف على علاج سمير صبري وغيره من الفنانين على نفقة الدولة، خاصة أن الدستور القديم كان يحث الدولة على “رعاية النابهين منها والعلماء”، لكن الواجب في العلاج على نفقة الدولة أن يكون وفقا للقدرة على تكاليف العلاج.

وضرب القماش مثالا بقصة سيدة فقيرة استغاثت به لمساعدتها في مخاطبة مستشفى لتحمل قيمة الأشعة والتحاليل المطلوبة منها، إذ لا تدخل ضمن قرارات العلاج على نفقة الدولة، وأنه عندما توسط لدى مكتب وزير الصحة استجابت المستشفى بتخفيض قدره 10 جنيهات فقط (الدولار = 15.7 جنيها مصريا).

 

كما لقي القرار انتقادا من الكاتب الصحفي محمد سعد خطاب، حيث قال في عدة تدوينات على حسابه بموقع تويتر، إنه لا مانع من علاج الأغنياء على نفقة الدولة إذا انطبق عليه القول “عزيز قوم ذل”، لكنه أشار إلى أن صبري “مليونير وورث عن والده وهو ضابط شرطة سابق 18 شقة بأرقى الأماكن في القاهرة والجيزة”.

ومن دون أن يقدم دليلا، تحدث خطاب عما وصفه بـ”ابتزاز الرئيس عاطفيا” عبر حيلة قام بها اثنان من مرافقي صبري لجمع الأموال باسمه، والتهرب من الفاتورة الضخمة لعلاجه، كما تحدث عن تنازل المستشفى عن فاتورة العلاج خوفا من افتضاح أسعاره المبالغ فيها، مضيفا أن كل ذلك تم على يد وسائل إعلام تلهث وراء “التريند” وتلبية مصالح شبكة أصدقائها.

تمييز مخالف للدستور

تنص المادة 9 من الدستور المصري على ما يلي: “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”، وعلي الرغم من وجود قرارات علاج على نفقة الدولة لغير المقتدرين وممن لا يمتلكون تأمينا صحيا، فإن عددا كبيرا من نشطاء مواقع التواصل أكدوا أن الدولة تميز بين مواطنيها في العلاج.

ونشر حساب باسم أحمد حسين نداء للسيسي، بعد قرار علاج سمير صبري على نفقة الدولة، وطلب منه أن يتدخل لعلاج ابنتي أخيه اللتين تعانيان من “ضمور العضلات الشوكي” وتحتاجان إلى تدخل سريع من أجل إنقاذ حياتهما.

وأضاف -في رسالة الاستغاثة التي وجهها للرئيس- أن “عائلة الطفلتين لجأوا لكل الجهات المختصة، وحاولوا تقديم التماس للرئيس من خلال حضور أحد أفراد العائلة لمؤتمر الشباب الأخير، ولكن لم يستطيعوا أن يصلوا إليه”.

مشاهير عالجهم السيسي

لم يكن قرار السيسي بعلاج سمير صبري على نفقة الدولة هو القرار الأول من نوعه؛ فلقد سبقه قرارات مشابهة بعلاج عدد من الفنانين على نفقة الدولة، منهم المطرب الراحل على حميدة والممثل شريف دسوقي -الذي بترت قدمه- والممثلة فاطمه كشري. كما سبق وأن قرر السيسي علاج الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بالخارج على نفقة الدولة.

وفي المقابل، تقول الحكومة المصرية إنها توسعت في شبكة الرعاية الصحية لعموم المصريين، سواء بالقضاء على قوائم الانتظار الخاصة بإجراء العمليات الجراحية، وتحقيق نسبة نجاح غير مسبوقة في القضاء على فيروس الكبد الوبائي “سي” (C)، كما أنها تواصل إصدار قرارات علاج المواطنين على نفقة الدولة، وفقا للحالات المستحقة.

ونهاية العام الماضي، نشرت صحيفة الأهرام (حكومية) أرقاما صادرة عن وزارة الصحة تكشف إصدار مليونين و914 ألفا و106 قرارات علاج على نفقة الدولة، خلال عام 2021، بإجمالي تكلفة بلغت 10 مليارات و4 ملايين جنيه.

وشملت قرارات العلاج على نفقة الدولة تخصصات أمراض الدم، والأورام، والأنف والأذن، والجراحة، والنساء، والعيون، والعظام، والمسالك، والباطنة، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية والعصبية.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply