ينشر الأوكرانيون صورا تقارن بين ما كان عليه حال مدن خاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على مدار 8 سنوات من الحرب مع السلطات الأوكرانية وبين ما خلفته العمليات الروسية من دمار في مدن أوكرانيا خلال عدة أيام مضت

كييف- على مدى أيام الحرب الروسية على أوكرانيا المستمرة منذ فجر 24 فبراير/شباط الماضي لجأ أكثر من 2.3 مليون أوكراني إلى دول الاتحاد الأوروبي، ونزح نحو 7 ملايين -حتى الآن- داخليا إلى مناطق في غرب البلاد أكثر أمنا.

واللافت هنا أمران، أولهما أن موجات النزوح واللجوء تشمل معظم المناطق الحدودية مع روسيا قبل غيرها، والتي لطالما اعتبرتها موسكو “مناطق رعايا” دونيتسك، ولوغانسك، وخاركيف، وسومي، وتشيرنيهيف، وثانيهما أن نسبة ضئيلة جدا فقط من أولئك “الرعايا” فضلوا اللجوء إلى روسيا.

وفي هذا الصدد، تشير إحصائيات أممية إلى أنه حتى تاريخ 9 مارس/آذار الجاري لجأ إلى روسيا نحو 53 ألفا و300 أوكراني، في حين لجأ إلى بيلاروسيا المجاورة نحو 400 شخص فقط.

الدبابات الأوكرانية تدخل مدينة ماريوبول بعد إعلان بوتين بدء عملية عسكرية في شرق أوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي (رويترز)

ماريوبول المنكوبة نموذجا

وخير مثال قد يطرح هنا مدينة ماريوبول على بحر آزوف (جنوب شرقي أوكرانيا) التابعة إداريا لمنطقة دونيتسك بإقليم دونباس الذي يسيطر الانفصاليون الموالون لروسيا على أجزاء واسعة منه.

وتتهم السلطات الأوكرانية روسيا باحتجاز نحو 400 ألف من سكانها كرهائن، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه والغاز والتدفئة وتعمّد قصف المدينة و”الممرات الآمنة” للنازحين عنها “انتقاما منهم”، لأنهم فضلوا النزوح إلى مناطق أوكرانية أخرى بدلا من روسيا أو “جمهورية دونيتسك الشعبية” التي اعترفت بها.

وبالفعل، تتعرض الأحياء السكنية في مدينة ماريوبول لقصف عنيف طال أمس الأربعاء أحد مستشفيات الولادة فيها، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من النساء والأطفال والأطقم الطبية.

والحال مشابه أيضا في مدن رئيسية أخرى مثل خاركيف (شمالي إقليم دونباس) التي يفضل سكانها النزوح غربا وقضاء أيام طويلة على الطرقات بدلا من اللجوء إلى حدود روسيا التي تبعد عنهم نحو 30 كلم فقط.

إعراض عن “بشارات” بوتين

كل هذا يدفع إلى التساؤل: لماذا يؤمن الأوكرانيون بالغرب على أنه جنة أحلام وملاذ أمن وأمان، ويعرضون عن “بشارات بوتين المخلّص” -إن صح التعبير- لتحريرهم من “النازيين والقوميين المتشددين” الذين يعرضون أوكرانيا للخطر؟

وفي هذا الصدد، ينشر الأوكرانيون صورا قد تطرح أجوبة عن هذا التساؤل يقارن بعضها بين ما كان عليه حال مدن خاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على مدار 8 سنوات من حرب مع السلطات الأوكرانية غربية الميول وبين ما خلفته العمليات الروسية من دمار في المدن الأوكرانية خلال عدة أيام مضت.

يقول الأوكراني سيرهي (أحد سكان العاصمة كييف) في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت “في العاشرة من عمري خلال فترة الثمانينيات انتشرت في الاتحاد السوفياتي إشاعة تفيد بأن الولايات المتحدة المعادية تعتزم إلقاء قنبلة نووية على جورجيا، وهذا شحن سكان الاتحاد جميعا -حينها- ضد أميركا والغرب”.

وأضاف “كبرنا وأيقنا أن الاتحاد السوفياتي وروسيا من بعده نشرا الأكاذيب، وبنيا عليها كل إجراءاتهما ضد الدول المجاورة المصنفة دولا شقيقة وصديقة، مثل جورجيا أمس وأوكرانيا اليوم التي لم يفكر الغرب أصلا بفعل ضدها يصل إلى حجم وفظاعة ما تفعله موسكو”.

People flock to Lviv Train Station
أوكرانيون نزحوا إلى مدينة لفيف هربا من حرب روسيا على أوكرانيا (الأناضول)

قطيعة تامة

وبحسب الأغلبية في استطلاع لآراء عدد من النازحين عن عدة مناطق أوكرانية إلى مدينة لفيف (غربي أوكرانيا)، فإن “روسيا دولة معتدية، وبوتين عدو رئيسي لأوكرانيا وشعبها”.

وتقول الشابة نتاليا النازحة عن مدينة خاركيف “أمي من أصول روسية، وأبي أوكراني، وكلاهما هنا معي، كيف لي أو لغيري أن نلجأ إلى بلد عدو في نظر الأوكرانيين جميعا، بمن فيهم “الرعايا” كما تدعي روسيا الذين لا ينظرون بعين الأخوة والولاء لها بعد كل ما رأوه من احتلال وعدوان صادر عنها؟”.

وأضافت “وصلت العلاقات مع روسيا إلى حد القطيعة التامة، فلم نعد نستشعر أي قيمة لأي تاريخ مشترك أو أي رابط ثقافي وعرقي وديني يجمعنا، كل شيء انتهى باعتقادي، وبوتين يعلم جيدا هذه الحقيقة وإن تجاهلها، ولذلك يريد إخضاع أوكرانيا وإعادتها لسيطرته بالقوة”.

وتضيف “الغرب -وإن خذلنا بالوعود والدعم- كان ولا يزال أرحم علينا من بوتين ونظام حكمه، الخلاص منشود في دول الغرب، وخطر الموت والدمار يأتينا مع قبل روسيا” على حد قولها.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply