تشير استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى أن أغلبية الأميركيين لا يكترثون بالشأن الأوكراني مع انعدام الرغبة الشعبية في أي تورط عسكري أميركي في النزاع

واشنطن– جاء خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن الأول في رئاسياته حول “حالة الاتحاد” في لحظة فارقة من التاريخ الأميركي الحديث بعد أقل من أسبوع من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

ولم يتطرق الخطاب إلى القضايا الخارجية، سواء المتعلقة بمواجهة الصين أو الملف النووي الإيراني أو قضايا التجارة العالمية، وركز على الشأن الداخلي، إضافة إلى أزمة أوكرانيا.

وقبل ساعات من إلقائه الخطاب تحدث بايدن لأكثر من نصف ساعة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما تمت دعوة أوكسانا ماركاروفا سفيرة أوكرانيا لدى واشنطن كضيفة فوق العادة، وجلست بجوار سيدة أميركا الأولى.

وتحدث بايدن عن الشأن الأوكراني منذ الدقيقة الأولى، ونالت أزمة أوكرانيا ما يقارب 18% من كلمته التي استغرقت 62 دقيقة، وشملت 6494 كلمة.

ويلقي رؤساء الولايات المتحدة خطاب حالة الاتحاد استنادا إلى الفقرة الأولى من القسم الثالث من المادة الثانية للدستور الأميركي، والتي تنص على “أن يقوم الرئيس من حين إلى آخر بتقديم معلومات عن حالة الاتحاد إلى الكونغرس، وأن يوصي بالنظر في تلك التدابير التي يحكم بضرورتها وسرعة تنفيذها”.

على الأميركيين الاهتمام بأوكرانيا

وأعلن بايدن في خطابه انضمام الولايات المتحدة إلى حلفائها في إغلاق المجال الجوي الأميركي أمام جميع الرحلات الجوية الروسية “مما يزيد عزل روسيا ويضيف ضغطا إضافيا على اقتصادها”.

وأكدت سلطات النقل الجوي الأميركية بدء سريان قرار إغلاق المجال الجوي الأميركي أمام الخطوط الجوية الروسية بشكل كامل بحلول نهاية اليوم الأربعاء.

ولم يتطرق بايدن إلى حجم التضحيات الواجب على الأميركيين الاستعداد لها بسبب تداعيات أزمة أوكرانيا، كما لم يشرح أهمية هذه التضحيات للحفاظ على الديمقراطيات الغربية التي تؤثر على الداخل الأميركي.

وفي الوقت الذي لا يكترث فيه أغلبية الأميركيين بالشأن الأوكراني مع انعدام الرغبة الشعبية في أي تورط عسكري أميركي في النزاع -كما تشير كل استطلاعات الرأي- أوضح بايدن للشعب الأميركي لماذا عليه الاهتمام ودعم كفاح الشعب الأوكراني.

درس بوتين والتاريخ

وقال بايدن “لقد تعلمنا هذا الدرس طوال تاريخنا، عندما لا يدفع الطغاة ثمنا لعدوانهم فإنهم يتسببون في المزيد من الفوضى ويستمرون في عدوانهم، وتتزايد التهديدات التي تواجه أميركا والعالم، ولهذا السبب تم إنشاء حلف الناتو لضمان السلام والاستقرار في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والولايات المتحدة عضوة في المجلس مع 29 دولة أخرى، وهذا أحد نجاحات الدبلوماسية الأميركية”.

وأوضح أن “حرب بوتين متعمدة وغير مبررة، لقد رفض الجهود الدبلوماسية لحل هذه الأزمة، لقد كان يعتقد أن الغرب وحلف شمال الأطلسي لن يستجيبا، وظن أنه يستطيع تقسيمنا هنا داخل أميركا، كان بوتين مخطئا، نحن متحدون ومستعدون”.

وعلى الرغم من حالة الانقسام الكبير بين أعضاء الكونغرس من الحزبين -والذي يظهر بوضوح في نظام جلوس الأعضاء أثناء إلقاء بايدن خطابه- وقف كل الأعضاء احتراما لما قاله الرئيس الأميركي بخصوص مواجهة روسيا ودعم أوكرانيا، وهو ما لم يتكرر أثناء حديثه عن القضايا الداخلية الاقتصادية والاجتماعية.

حالة من عدم الرضا

وجاء خطاب حالة الاتحاد الأول في عهد بايدن ليقدم كشف حساب عن أداء إدارته الاقتصادية خلال العام الأول في الحكم، في ظل عدم رضا شعبي أميركي عن سياساته الاقتصادية، والتي ارتفعت معها الأسعار ونسب التضخم لأعلى معدلات خلال العقود الأربعة الماضية.

وتعهد بايدن بالعمل على تقليل آثار أزمة أوكرانيا على سوق الطاقة العالمي، والذي يؤثر بدوره على أسعار الوقود للمستهلكين الأميركيين.

وقال الرئيس الأميركي “سوف تقود أميركا هذا الجهد وتطلق 30 مليون برميل من احتياطنا النفطي الإستراتيجي، ونحن على استعداد لبذل المزيد من الجهد إذا لزم الأمر”.

وجاء الخطاب في وقت يرى فيه 30% من الأميركيين أن بلدهم يسير في الاتجاه الصحيح، مقابل أغلبية تتخطى 60% تقول إن أميركا سائرة في الاتجاه الخاطئ.

أرقام الاقتصاد

ولم يتردد الرئيس الأميركي في تكرار ما يعتبرها إنجازات اقتصادية، مشيرا إلى خلق أكثر من 6.5 ملايين فرصة عمل جديدة في العام الماضي فقط، وهو ما يعد أكثر عام يتم فيه خلق المزيد من الوظائف على مدار التاريخ الأميركي.

وأشاد بايدن بنمو الاقتصاد الأميركي بمعدل 5.7% في العام الماضي، وهو أقوى نمو خلال ما يقارب 40 عاما، وتعهد بإصلاح البنية التحتية الأميركية المتهالكة التي دفعت لأميركا للتراجع إلى المركز الـ13 عالميا بعد أن كانت في القمة لعقود طويلة.

وأكد أن لديه خطة أفضل لمحاربة التضخم تتمثل في خفض تكاليف المعيشة، وليس تخفيض الأجور، على أن يتم تصنيع المزيد من السيارات وأشباه الموصلات في أميركا.

وأضاف بايدن “نستثمر في المزيد من البنية التحتية والابتكار هنا داخل أميركا، وأن السلع تتحرك بشكل أسرع وأرخص في أميركا، ولنوفر المزيد من الوظائف حيث يمكنك كسب لقمة العيش الجيدة في أميركا، وبدلا من الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية فلنجعلها في أميركا، ويطلق خبراء الاقتصاد على ذلك اسم زيادة القدرة الإنتاجية لاقتصادنا، وأسميه بناء أميركا أفضل”.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply