باتت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من حياة الأفراد اليومية، بل إنها الحياة نفسُها عند البعض، يعرضون عليها أدق تفاصيل يومياتهم، ويشاركونها مع الآخرين متابعة وإعجابا وتفاعلا. فكيف غيّرت حياة الإنسان؟

وتابع تقرير برنامج “للقصة بقية” (2023/4/3) ضريبة متابعة مواقع التواصل التي تعد نقلة ثورية في عالم الاتصال بين البشر، إذ لم يعد الإنسان معها ذلك المتلقي السلبي الذي يستقبل ما تبثه وسائل الإعلام والاتصال التقليدية، بل بات متفاعلا مع ما يتلقاه، ومنتجا أيضا للمعرفة والترفيه، ومعبرا عما يجول في نفسه بحرية ودونما قيود.

ويستخدم مواقع التواصل عبر العالم قرابة 5 مليارات إنسان، ومنصة فيسبوك وحدها يستخدمها نحو 230 مليونا في العالم العربي، ومن بين ملايين المستخدمين ظهر من يوصفون بالمؤثرين الذين يقدمون محتوى يجذب متابعين كثرا ويتفاعلون معه مدحا وقدحا، ولا يحققون شهرة فقط، بل أيضا مكاسب مالية طائلة.

صورة براقة

كما شكلت الصورة المثالية والبراقة التي يقدمها بعض المشاهير وهْما كبيرا للمتابعين الذين ربما يعيشون واقعا مغايرا، ورغم أن ذلك قد يعزى إلى الاختلافات في واقع البلدان ومستويات معيشة وطبيعة الحياة، فإن جزءا كبيرا منهم اتُهموا بتقديم صورة مزيفة أو منفصلة عما تعيشه منطقتنا العربية.

وفي مجال الدراسات والبحوث، أظهر بحث مسرب لفيسبوك عنوانه المقارنة الاجتماعية على إنستغرام نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) أن متابعي نجوم مواقع التواصل يعانون من المشاعر السلبية المرتبطة بصورة الذات.

في حين كشفت دراسة أخرى أجرتها شركة “بيو ريسيرش” (Pew Research) الأميركية المتخصصة في دراسات مواقع التواصل الاجتماعي، أن 71% من مستخدمي هذه المواقع يشاهدون محتوى يجعلهم غاضبين، في وقت يعاني فيه 9% من الاكتئاب، ويشعر 31% بالوحدة بعد مشاهدة محتوى معين.

وبات الانتشار الواسع لمتابعة مشاهير مواقع التواصل يحظى باهتمام مراكز الدراسات، ففي دراسة حول أسباب متابعة مشاهير، خلصت إلى أن نحو 32% منهم يبحثون عن الأفكار، و17% عن الإلهام والترفيه.

حالة نفسية

ولم يخل النظر إلى الظاهرة من جدل حول إيجابياتها وسلبياتها خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين، وتحذيرات من تأثيراتها على الصحة العقلية حتى للبالغين، إذ أكد مستشار الطب النفسي وعلاج الإدمان أشرف محمد الصالحي أن أغلب ما يبحث عنه متابعو مواقع التواصل هو المحتوى الترفيهي.

وأرجع الصالحي اهتمام المتابعين بالترفيه إلى حالتهم النفسية المتأثرة بفترة جائحة كورونا، والوضع الحالي الذي يعيشه الإنسان في ظل الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات الاكتئاب، مضيفا أن الجانب الإخباري والعلمي أيضا يعدان من اهتمامات المتابعين الذين يبحثون بشكل مستمر عن المعلومة والحدث.

من جهتها، رأت الأستاذة في علوم الإعلام والاتصال في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية مي العبد الله أن وسائل الاتصال الاجتماعي تغزو حياة الإنسان، خاصة الأطفال والشباب، مشيرة إلى أن هناك غيابا للوعي لدى الأسرة التي تسلم هذه الوسائل للأطفال دون وعي بمخاطرها الكبيرة، وهذا ما جعل الأمور تخرج عن سيطرة الأهل والمجتمع وتتفشى العديد من الظواهر النفسية والاجتماعية السلبية.

وشددت على أن التربية الإعلامية أصبحت ضرورة ملحة لكونها تعلم الأسرة والطفل وكذلك المؤسسات التعليمية طريقة التعامل السليم مع وسائل التواصل الاجتماعي، مشددة على أن التربية الإعلامية تركز على مخاطر هذه الوسائل على الأطفال والمراهقين، كما تبرز أهم الجوانب الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply