الخرطوم – لبت حشود ضخمة من مواطني العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء، دعوات قادة الاحتجاجات، لتسيير مواكب ضخمة للمناداة باستعادة المسار المدني الديمقراطي، بالتزامن مع حلول الذكري الثالثة لاعتصام القيادة العامة الذي أطاح بالرئيس عمر البشير.

وتحول معظم أسفلت شارع المطار الرئيس، في الخرطوم، إلى شارع للمشاة، إذ اكتظ بجموع المحتجين الذين انخرطوا في الموكب رغماً عن تخطي درجات الحرارة 40 درجة مئوية، ورغم حالتي العطش والجوع الناجمة عن الصيام.

وتعليقاً على الموكب الأول الذي تسيره تنسيقيات لجان المقاومة بالخرطوم في شهر رمضان الجاري، تلخص الشابة العشرينية نسرين آدم للجزيرة نت أسباب خروجهم في عبارة بليغة: مستعدة أن أصوم العمر كله، شريطة أن أفطر على الوطن الذي لطالما حلمت به.

متظاهرون خرجوا بالخرطوم الأسبوع الماضي في إطار احتجاجات مستمرة تطالب بالحكم المدني (الأناضول)

التعامل الأمني

سار المحتجون عدة كيلومترات عبر الأسفلت في شارع المطار، وصولاً إلى منطقة لفة الجريف عند بداية مباني المطار الدولي، حيث نشرت القوى الأمنية الأسلاك الشائكة لمنع المحتجين من التوغل شمالاً في الشارع المفضي في نهايته لمقر القيادة العامة للجيش.

وقبيل مغرب الشمس، رشقت القوى الأمنية جموع المحتجين بكميات كبيرة من الغاز المُدمع لإبعادهم عن محيط المطار، الأمر الذي اضطرهم للتراجع جنوباً، والدخول في الشوارع الجانبية لضاحية (العمارات).

ونصب المحتجون عدداً من المتاريس في شارع المطار لمنع تحرك المركبات العسكرية وناقلات الجنود من الدخول في وسطهم. واستخدم المحتجون في نصب المتاريس الحجارة الأسمنتية والإطارات المحروقة وجذوع الأشجار.

 

 

كرم سوداني

فتح أهالي ضاحية العمارات، وسط الخرطوم، أبواب منازلهم لاستقبال المحتجين المنسحبين من محيط شارع المطار، وقدموا لهم المياه والمشروبات والوجبات الخفيفة.

في المقابل، أفطر عدد كبير من المحتجين في الشوارع، بما في ذلك شارع المطار. وتكفل عدد من المشاركين في الموكب بتوزيع المياه والتمر والوجبات الخفيفة على بقية أقرانهم، في وقت تقاسم آخرون المياه والطعام مع الواصلين للموكب من دون مؤونة.

وأدى المحتجون صلاة المغرب بصورة جماعية في الشوارع، ومن ثم انخرط بعضهم في الدعاء على الحكومة الحالية، والتعجيل بذهاب عناصرها وحلول حكومة مدنية محلها.

يقول أكرم حسن الذي أمّ المصلين في أحد شوارع العمارات، للجزيرة نت، إن تحركهم قائم على أن حب الوطن من الإيمان، وبالتالي يكون “الدعاء أحد أهم الأساليب السلمية الرئيسة التي سنحرص عليها طيلة ليالي رمضان المعظم”.

هذه مشاهدات من موكب 6 ابريل من العاصمة الخرطوم
الطرق بالحجارة على الحديد والأواني يأتي ضمن طقوس إلهاب حماسة المحتجين (الجزيرة)

الهتافات

رغم جفاف حناجرهم وألسنتهم، بحلول الرابعة عصرا، ظلّ الهتاف حاضراً في مواكب الخرطوم. وانخرطت الفتيات في الهتاف بفاعلية، وكانت معظم الهتافات تتم بطريقة كورالية، حيث علا هتاف:

(مدنيااااو)، (الشعب شعب أقوى.. والردة مستحيلة)، (الثورة ثورة شعب.. والسلطة سلطة شعب.. والعسكر للثكنات).

وأدى بعض الشباب بعض القصائد الثورية بصورة جماعية، الأمر الذي يدلل على انخراطهم سوياً في الاحتجاجات التي دخلت شهرها الخامس. وضمن طقوس إلهاب الحماس، دق المحتجون الطبول، ومارسوا الطرق بالحجارة على الحديد والأواني، لإضفاء الموسيقى على هتافاتهم المطالبة بالحرية والدولة المدنية.

هذه مشاهدات من موكب 6 ابريل من العاصمة الخرطوم
أحد المشاركين في الاحتجاجات يلتحف علم السودان على هيئة العباءة (الجزيرة)

الرايات والأعلام

كالعادة، حضرت أعلام السودان في الاحتجاجات، حيث لوح البعض بها، فيما التحفها آخرون على هيئة العباءات. وحضر علم الاستقلال بألوانه (الأزرق، الأصفر، الأخضر) والعلم الحالي الذي جرى تغييره في حقبة الرئيس الراحل جعفر النميري (25 مايو/أيار 1969-6 أبريل/نيسان 1985).

يقول خالد الشافعي الملتحف بالعلم، من على أحد المتاريس، للجزيرة نت “في سعينا لتحقيق الأهداف التي خرجنا لأجلها منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، استعدنا قيمة العلم والنشيد الوطنيين”.

هذه مشاهدات من موكب 6 ابريل من العاصمة الخرطوم
حادثة التوم هجو كانت حاضرة في مواكب الاحتجاجات (الجزيرة)

مشاهد طريفة

كانت حادثة الرشق بالحذاء التي تعرض لها القيادي بجماعة الميثاق الوطني التوم هجو، على يد الصحفية صفاء الفحل، حاضرة في أكثر من ملمح في المظاهرة.

وسجلت كاميرا الجزيرة نت صور محتجين يعبرون بطرق مختلفة عن رضاهم لما جرى، وظهر ذلك في لافتات بعضهم الموقعة بـ “صفاء الفحل تمثلني” بينما رفع آخرون الأحذية على العصي.

ولمغالبة درجات الحرارة العالية، لجأ بعض المحتجين إلى إحداث ثقوب في قوارير المياه واستخدامها في رش وجوههم، بينما اختار آخرون وضع الثلج فوق رؤوسهم.

النتائج والأثر

خرج المحتجون في ذكرى 6 أبريل، على أمل تكرار سيناريو ثورتين في السودان، فكيف يصفون ما حدث اليوم؟ يقول محمد سعيد القادم من منطقة الأزهري، جنوبيّ الخرطوم، للجزيرة نت، إنهم جربوا التظاهر في رمضان بنجاح، مما يعني مزيدا من التصعيد خلال الشهر الحالي، على حد قوله.

من جانبها قالت ريهام رحمة الله، القادمة من حي الزهور (شرقيّ الخرطوم)، للجزيرة نت، إن رسالتهم قد وضعت في بريد العسكريين، بأن 6 أبريل/نيسان الجاري، ليس سدرة منتهاهم، وإنما هو درج للارتقاء إلى حلمهم بالوصول للدولة المدنية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply