أنشئت البعثة الأممية بموجب قرار رقم “2524” لمجلس الأمن الدولي حظي بالإجماع، ونص على إنشاء بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية بالسودان، وبدأت مهمتها في الأول من يناير/كانون الثاني 2021، ولمدة 12 شهراً كمرحلة أولية.

الخرطوم- “كل ما يحمله المثال المرفق أدناه خطأ” جاءت تلك العبارة في حساب البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس” على موقع فيسبوك، في ردها على مقال نشره، الخميس، رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة العقيد الركن إبراهيم الحوري.

واتهم الكاتب البعثة بالخروج عن إطار تخصصها والمهام التي جاءت من أجلها، والانحياز “المفضوح” إلى جهات بعينها، وتقديمها معلومات مغلوطة. وطالب بإعادة ضبط عملها في الإطار المنصوص عليه فقط.

وجاء المقال بعد يوم واحد من مؤتمر صحفي لرئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أثناء زيارة له للقاهرة، أشار فيه إلى أن للبعثة مهام محددة وليس من بينها ما تمارسه الآن.

وقالت البعثة -في ردها على المقال- إن السودان جزء من الأمم المتحدة التي تمد يد العون للأعضاء فيها ولا يُسمى ذلك تدخلاً، وإن البعثة تعمل وفقا لتكليفها المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن، مؤكدة أن الأمم المتحدة غير محايدة بخصوص الالتزام بحماية حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية.

ما الجديد الذي أثار حفيظة العسكر ضد بيرتس؟

قدم رئيس البعثة الأممية بالسودان فولكر بيرتس -يوم الاثنين (28 مارس/آذار)- إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول وضع السودان من بينها:

  • البلاد بدون حكومة عاملة منذ استيلاء العسكر على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول، وإن الاحتجاجات والقمع العنيف لها لا يزالا مستمرّين. وفي غياب اتفاق سياسي للعودة إلى مسار انتقالي مقبول فإنّ الحالة الاقتصادية والإنسانية والأمنية آخذة في التدهور، والوقت ليس في صالح السودان.
  • لا تزال الاحتجاجات في الخرطوم، وأماكن أخرى، سياسية أساساً (أي مناهضة لإجراءات العسكر) وتكتسب تدريجياً طابعاً اجتماعياً واقتصادياً إضافياً، مع المزيد من الشعارات الصارخة التي تندد بارتفاع أسعار الخبز وتدهور الظروف المعيشية.
  • وردت تقارير مقلقة عن ازدياد التوترات بين قوات الأمن المختلفة. ويعرب بعض المتحاورين عن قلقهم من أنه إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي، فقد ينحدر السودان إلى الصراع والانقسامات كما حدث في ليبيا واليمن.

هل هو الاحتجاج الأول؟

لم تكن الملاحظة التي أبداها البرهان هذا الأسبوع حول عمل البعثة الأممية الأولى، وإنما ظهرت بقوة عقب تقديم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك استقالته في الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي، وابتدار رئيس البعثة عملية سياسية لتجاوز الأزمة التي أعقبت استيلاء قائد الجيش على السلطة فيما أسماه “إجراءات تصحيحية للثورة”.

وانتقد نائب رئيس مجلس السيادة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” تحركات البعثة الأممية في بيان أصدره نهاية يناير/كانون الثاني الماضي. وقال “يجب على رئيس البعثة أن يكون مسهلاً وليس وسيطاً بين الأطراف”. وأضاف أن مجلس السيادة لا يعادي ولا يقاطع المجتمع الدولي لكنه “يرفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد”.

وبعد بيان حميدتي بأسبوعين، هاجم البرهان -في مقابلة تلفزيونية- المبعوث الأممي، وقال إن بيرتس يتجاهل الاستعدادات للانتخابات ويخضع لتأثير بعض الجماعات.

وفي الوقت الذي تواجه فيه القوات الأمنية الاحتجاجات التي تنظمها لجان المقاومة والقوى “المعارضة لحكم العسكر” بالقوة لتفريقها، غضّت الطرف عن مظاهرة نظمتها جهات موالية وشارك فيها المئات اعتراضاً على وجود البعثة الأممية في السودان. وطالب المتظاهرون برحيل البعثة ورئيسها وعدم التدخل الأجنبي في شؤون البلاد.

البعثة الأممية أنشئت بعد خطاب حمدوك للأمم المتحدة لدعم سلام السودان (الأناضول)

كيف أُنشئت البعثة الأممية؟

في يناير/كانون الثاني 2020، أرسل رئيس وزراء الحكومة الانتقالية خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالبه بالسعي للحصول على ولاية من مجلس الأمن الدولي لإنشاء عملية لدعم سلام السودان بموجب الفصل السادس.

وحدد خطاب حمدوك طبيعة البعثة في أن تكون “سياسية خاصة تضم عنصرا قويا لبناء السلام وينبغي أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان”.

وتبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في 4 يونيو/حزيران 2020، قراراً تقدمت بمشروعه كل من بريطانيا وألمانيا، وبموجب “القرار 2524” أنشأ المجلس بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية بالسودان، وبدأت مهمتها في الأول من يناير/كانون الثاني 2021، ولمدة 12 شهراً كمرحلة أولية.

ولاقت تلك الخطوة اعتراضات داخلية في حينها، إلا أن الضغوط الدولية أسهمت في إنفاذ القرار وتعيين بيرتس رئيساً للبعثة.

ما مهام وأهداف البعثة؟

بحسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2425، فإن البعثة تهدف إلى:

المساعدة في تحوّل البلاد إلى حكم ديمقراطي. دعم وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام. دعم عمليات السلام وتنفيذ اتفاقياتها في المستقبل. المساعدة في بناء السلام وحماية المدنيين وسيادة القانون، لا سيما في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

بالإضافة إلى ذلك، كلف المجلس بعثة “يونيتامس” بدعم تعبئة المساعدة الاقتصادية والإنمائية وتنسيق عمليات المساعدة الإنسانية.

هل البعثة ملتزمة بتفويضها بعد 25 أكتوبر؟

أربكت الإجراءات التي اتخذها البرهان، وعزل بموجبها حمدوك وحلّ الحكومة، حسابات البعثة الأممية بعد أن قطعت الطريق أمام العملية الانتقالية التي جاءت بموجبها. وسعى المبعوث الدولي لتدارك الموقع واستدعاء الضغط الدولي لإعادة العملية الانتقالية لمسارها.

ونجحت الضغوط في إعادة حمدوك إلى كرسي رئاسة الوزراء، إلا أن الاحتجاجات الشعبية وعدم التوافق السياسي، إلى جانب خروقات العسكر للاتفاق السياسي بينه والبرهان، دفعته لتقديم استقالته على الهواء في الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي.

وتمسّكت البعثة بمهامها رغم توصيفها لما حدث “بالانقلاب” وأعلنت مبادرة لعملية سياسية تهدف إلى جمع الفرقاء إلى مائدة حوار، وهي الخطوة التي أثارت ردود فعل متباينة رغم الموافقة عليها من كثير من الأطراف. وقالت البعثة إنها أنجزت المرحلة الأولى باستطلاع كافة الآراء حول مستقبل مسار العملية السياسية.

وجاء في إحاطة رئيس البعثة الأخيرة لمجلس الأمن أن أولويات المرحلة القادمة من العملية السياسية ستكون:

  • ترتيبات دستورية مؤقتة تشمل الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية للعمليات الانتقالية فضلاً عن هيكلتها ووظائفها.
  • معايير وآلية تعيين رئيس ومجلس وزراء.
  • خارطة طريق للفترة الانتقالية وبرنامج حكومي يركزان على مجموعة قابلة للتحقيق من المجالات ذات الأولوية، ومنها نوع الانتخابات وتوقيتها وظروفها المناسبة نهاية الفترة الانتقالية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply