اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -أثناء زيارته لبوتشا- موسكو بارتكاب “إبادة جماعية” و”جرائم حرب” في بلاده، فما الفرق بين هذين المفهومين ومفهوم “الجريمة ضد الإنسانية”؟

تأتي زيارة الرئيس زيلينسكي لهذه المدينة المنكوبة غداة العثور على المئات من جثث المدنيين بعد خروج القوات الروسية منها.

وتقول صحيفة “ليبيراسيون” (Liberation) الفرنسية إن تعريف هذه المفاهيم وتأطيرها موضح بدقة شديدة من قبل القانون الدولي، على النحو التالي:

الإبادة الجماعية.. نية يصعب تحديدها

اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 بمصطلح “الإبادة الجماعية” كجريمة بموجب القانون الدولي، كما يقول مكتب منع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة، وقد أدرج هذا المصطلح في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، التي صدقت عليها 149 دولة.

وقال تقرير الصحيفة الذي أعده ليو دورين إن محكمة العدل الدولية تعتبر أن جميع الدول، سواء كانت موقعة أم لا، ملزمة قانونا بهذا النص، مشيرا إلى أن “الإبادة الجماعية” يمكن أن تحدث في أوقات السلم وكذلك في أوقات الحرب، ولكن توصيفه يجب أن يتضمن “عنصرا نفسيا”، أي أنه يجب إثبات أن هناك هدفا يتمثل في “تدمير كل أو جزء من مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية”، وهي نية صعبة التحديد.

وإذا تم إثبات هذا العنصر النفسي -كما تقول الصحيفة- فهناك العديد من العناصر المادية التي يمكن أن تبرر وصف الإبادة الجماعية، وتشمل القتل العمد، وتعمد إخضاع الجماعة لظروف معيشية تهدف إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا، ومنع الولادات ونقل الأطفال قسرا من مجموعة إلى مجموعة أخرى.

وقد تم استخدام المصطلح لأول مرة من قبل المحامي البولندي رافائيل ليمكين عام 1946، في عهد دول المحور في أوروبا المحتلة، وهو مكون من لفظين “جينوس” (genos) الذي يعني “العرق” أو “القبيلة”، واللاحقة “سيد” (cide) التي تشير إلى فكرة القتل.

الجريمة ضد الإنسانية.. لوصف الاستعمار الأوروبي

تم تعريف مفهوم “الجريمة ضد الإنسانية” على التوالي من قبل المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، إلا أنه لم يتم تدوينه بعد في شكل معاهدة محددة، وقد تم التعبير عن أحدث توافق في الآراء بشأنه في نظام روما الأساسي لعام 1998، الذي أنشأ “المحكمة الجنائية الدولية” (ICC).

يمكن وصف الفعل بأنه “جريمة ضد الإنسانية” فقط -كما تذكر الأمم المتحدة- من خلال “هجوم واسع النطاق أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين”، ويجب أن يكون الجاني على علم بهذا الهجوم.

ولتمييزه، يجب أن يتضمن الفعل عنصرا سياقيا بالإضافة إلى العنصر النفسي، ومن بين الأفعال المُجرمة على وجه الخصوص الإبادة والترحيل والتعذيب والاسترقاق الجنسي أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة، والاختفاء القسري.

جريمة الحرب.. تاريخ قانوني يعود إلى القرن الـ19

تحظر اتفاقية لاهاي لعام 1899 بعض أعمال الحرب، وتحمي اتفاقيات جنيف لعامي 1864 و1949 المدنيين، وهي اتفاقيات تمت المصادقة على النص الأخير منها في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو مستوى غير مسبوق من القبول لمعاهدة القانون الإنساني الدولي.

وبالتالي فإن “جريمة الحرب” هي مفهوم أوسع بكثير من مفهوم “الإبادة الجماعية” و”الجريمة ضد الإنسانية”، ويشمل على وجه الخصوص القتل العمد والتعذيب والاستيلاء على الممتلكات والترحيل وأخذ الرهائن والهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين، ويمكن أن ينطبق أيضا على استخدام الأسلحة المحظورة بموجب الاتفاقيات.

جريمة الحرب لها عنصر سياقي وهو النزاع المسلح، وعنصر نفسي يقتضي أن يكون الجاني على علم بالتصرف بما يخالف القواعد، إلا أنها على عكس “الإبادة الجماعية” و”الجريمة ضد الإنسانية” لا تخص المدنيين، بل يمكن ارتكابها على المقاتلين.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply