معظم العائدين إلى كييف من الرجال، لا من النساء والأطفال، وهدفهم الاطمئنان والاطلاع أيضا، لكن العودة النهائية تنتظر “بشرى” السلطات إلى السكان بإمكانية العودة”، بحسب أحد العائدين للمدينة في حديثه للجزيرة نت.

أوكرانيا- ما إن أعلنت روسيا خفض عملياتها العسكرية في منطقتي كييف وتشيرنيهيف بأوكرانيا، حتى راودت فكرة العودة الكثير من سكان العاصمة، فانطلقت القطارات والسيارات محملة بالكثير من سكانها العائدين بعد أسابيع من نزوحهم منها.

سيرهي أحد سكان ضواحي كييف الغربية، وكان قد نزح مع أسرته إلى لفيف في وقت مبكر من أيام الحرب. استقل سيارته منفردا، وانطلق عائدا ليطمئن على بيته، ويطلع على حقيقة الأوضاع، قبل قرار العودة مع كامل أفراد الأسرة.

أول ما يشير إليه سيرهي -في حديث مع الجزيرة نت- أن “معظم العائدين من الرجال، لا من النساء والأطفال، وهدفهم الاطمئنان والاطلاع أيضا، لكن العودة النهائية تنتظر بشرى السلطات إلى السكان بإمكانية العودة”.

عودة سابقة لأوانها

يبدو أن السلطات المحلية في بلدية كييف لا تستعجل بث هذه “البشرى”، بل تدعو السكان إلى التروي قبل العودة، محذرة من استمرار احتمال القصف البعيد المدى على المدينة، أو حتى حدوث عمليات اجتياح بري وإنزال وتسلل جديدة.

ولهذا السبب، تستمر في المدينة مظاهر الاستنفار والتأهب كما كانت، من حواجز تفتيش عسكرية على طرقات ومداخل المدينة الرئيسية، والانتشار المكثف لقوات “الدفاع الإقليمي” في الأحياء وحول مباني البنى التحتية.

وحتى الآن، يعمل كل هؤلاء -إلى جانب السلطات- على إقامة الحواجز والمتاريس، ووضع أكياس الرمل على نوافذ ومداخل المقرات الحكومية وأبرز المعالم التاريخية الأثرية، وكذلك حول النصب والتماثيل وغيرها من الرموز، وهذا يشمل كييف وغيرها من مدن أوكرانيا.

وفي حين يدعو عمدة كييف سكان المدينة إلى “التريث”، يحذر عمداء مدن مجاورة دخلها الروس في الضواحي الشمالية الشرقية والشمالية الغربية، كبروفاري وبوتشا وإربين، من خطر العودة، بسبب الانتشار الكبير للألغام والجثث، واستمرار عمليات “التمشيط”.

المحطة الرئيسية للقطارات بكييف باتت تشهد عودة عكسية بعد 5 أسابيع من الحرب (الأوروبية)

كييف تستعيد الحياة

مع ذلك، بدأت الحياة تدب شيئا فشيئا في العاصمة كييف التي نزح معظم المقيمين فيها ونصف سكانها، ولم يبق فيها اليوم إلا نحو مليوني نسمة. وكثير من السكان عادوا إلى البيوت بعد ليال طويلة قضوها في الملاجئ ومحطات المترو والأقبية، ولا سيما مع تراجع عدد مرات إطلاق صفارات الإنذار.

ومع عودة الحياة إلى طبيعتها أيضا فتحت الكثير من المحال التجارية والمطاعم والمقاهي جزئيا أبوابها، وتحرّكت بعض شبكات المواصلات بما يتيح للسكان الانتقال بحرية نسبية بين الأحياء.

ومن أبرز المواقع التي يقصدها سكان كييف اليوم هي تلك التي تعرضت لعمليات القصف أو كانت شاهدة عليها، من مبان ومجمعات تجارية داخل المدينة وفي ضواحيها المجاورة.

اشتاق إلى الزحام

وبالعودة إلى سيرهي وانطباعاته وانطباعات غيره من السكان، ثمة أمور مشتركة تجمعهم عند وصف مشهد المدينة وما يريدون رؤيته فيها مع انتهاء الحرب.

يقول سيرهي “دخلت المدينة فأحسست أنها لا تزال تعيش على أعصابها، لا تزال الطرق فارغة من الزحام الخانق المعهود الذي لم أدرك أنني سأشتاق إليه يوما!”.

وتقول فالينتينا أستاذة الرياضيات في إحدى المدارس الابتدائية “بقيت مع زوجي في كييف. ندمت على ذلك عندما اشتد القصف، لكنني سعيدة بهذا الهدوء، وأتمنى أن تنتهي الحرب لنعود إلى أعمالنا وهمومنا التي كانت أصغر بكثير من هموم اليوم”.

ويختم سيرهي “رجعت إلى لفيف بعد أن دخلت كييف كزائر هذه المرة. حملت معي اطمئنانا وأملا كبيرين. أنتظر بفارغ الصبر خبرا سارا يدفع ملايين النازحين واللاجئين إلى العودة، لتعود الحياة إلى طبيعتها بوجود جميع من نحب”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply