قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار إن الجيش الروسي داس مرارا وتكرارا على القانون الدولي الإنساني، في أوكرانيا وسوريا والشيشان، وإن غزو أوكرانيا برمته يعد انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة.

وفي مقابلة مع موقع “ميديابارت” (Mediapart) الفرنسي، قالت كالامار إن منظمتها وثقت -منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا- تصاعد انتهاكات القانون الإنساني وحقوق الإنسان، بما في ذلك مقتل المدنيين نتيجة الهجمات العشوائية على مناطقهم وعلى البنية التحتية، داعية جميع الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي للتعاون.

هجمات موثقة

وأوضحت كالامار أن منظمة العفو وثقت، منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط، تصاعد الانتهاكات الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها ضرب المواقع المحمية كالمستشفيات والمدارس، واستخدام الأسلحة العشوائية مثل الصواريخ الباليستية، واستخدام الأسلحة المحظورة مثل القنابل العنقودية، وكلها يمكن أن توصف بأنها جرائم حرب.

وأكدت وقوع 5 هجمات بأسلحة عنقودية محظورة على المدارس منذ 17 فبراير/شباط، أصيب فيها 3 رياض أطفال ومدرستان في مناطق متفرقة من أوكرانيا، بأضرار وقتل فيها مدنيون. وقالت إن ذلك قد يشكل جريمة حرب، لأنه ينتهك الحظر المفروض على الهجمات العشوائية وألحق أضرارا بمدارس، وهي مبان يحق لها قانونا الحصول على حماية خاصة.

وبموجب اتفاقية الأسلحة العنقودية لعام 2008، وهي معاهدة تدعمها أكثر من 100 دولة، ولم تنضم إليها أوكرانيا وروسيا، يُحظر -كما تقول كالامار- استخدام الأسلحة العنقودية وتطويرها وإنتاجها وحيازتها وتخزينها ونقلها في جميع الظروف، كما يحظر القانون الإنساني الدولي العرفي استخدام الأسلحة العشوائية بطبيعتها مثل الأسلحة العنقودية.

أنييس كالامار
كالامار تحدثت عن توثيق العديد من الهجمات الروسية التي يمكن أن توصف بأنها جرائم حرب (الجزيرة)

وفي دونباس شرقي أوكرانيا، بين 2014 و2015 في ذروة النزاع المسلح هناك، عندما نازعت القوات الانفصالية الموالية لروسيا القوات الأوكرانية، قالت كالامار إن جميع الأطراف انتهكت القانون الإنساني الدولي، وقد قام مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمتها بتحليل الأدلة الرقمية، لـ 3 هجمات نُفذت في الساعات الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا في فوهليدار وخاركيف وأومان.

وقالت الأمينة العامة للمنظمة الحقوقية إن التدخلات العسكرية الروسية بالتاريخ الحديث، سواء كان ذلك في الصراع بدونباس أو سوريا أو في سياق حملاتها العسكرية داخل البلاد بالشيشان، يشوبها تجاهل صارخ لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، لأن هذا الجيش داس مرارا وتكرارا على قوانين القانون الإنساني الدولي من خلال إخفاقه في حماية السكان المدنيين، بل إنه نفذ هجمات استهدفت المدنيين عن عمد.

ففي ذروة النزاع المسلح في دونباس، تم استخدام الأسلحة المتفجرة غير الدقيقة بشكل ملحوظ في المناطق المكتظة بالسكان وفي المنازل، ليفر أكثر من مليون شخص من القتال، ويموت أكثر من 13 ألفا، مما مزق المجتمعات وشتتها، وضيع حقوق السكان المدنيين، مع الإفلات من العقاب.

وفي سوريا، عام 2015، تم توثيق -تقول كالامار- سلسلة غارات جوية روسية على مناطق سكنية في حمص وإدلب وحلب، خلفت ما لا يقل عن 200 قتيل مدني. وعام 2020، استهدفت الطائرات الروسية المدارس والمستشفيات، رغم أنها كانت مدرجة أحيانا على قائمة الأمم المتحدة للمواقع المحمية.

المحكمة الجنائية تبدأ تحقيقا

وعند سؤالها عما يمكن أن تفعله العدالة الدولية ضد روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، قالت كالامار إن القواعد التي تضع المبادئ ذات الصلة من القانون الدولي الإنساني حيز التنفيذ في حالات النزاع المسلح الدولي هي: المعاملة الإنسانية، وحظر القتل والتعذيب والاغتصاب والإبادة والتشويه والترحيل والنقل القسري، وحظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين والأعيان المدنية، وحظر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، إضافة إلى حظر استخدام الأسلحة التي تضرب بشكل عشوائي بطبيعتها أو تسبب إصابات أو معاناة لا داعي لها، مشيرة إلى أن انتهاك العديد من هذه القواعد يشكل جرائم حرب.

وللمحكمة الجنائية الدولية -حسب كالامار- ولاية قضائية على جرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا، بما في ذلك ما يرتكب من قبل روسيا، لأن أوكرانيا أصدرت إعلانا عام 2015 بقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة على أراضيها منذ 20 فبراير/شباط 2014، وكانت روسيا قد وقعت على قانون روما الأساسي عام 2000 ولكنها سحبت توقيعها عام 2016.

وذكرت كالامار أن المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن يوم الاثنين أن مكتبه سيسعى لفتح تحقيق في أوكرانيا ضد جميع مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ودعت جميع الدول الأطراف في المحكمة والمجتمع الدولي للتعاون معه، لأن التحقيق يتطلب جهودا متضافرة وابتكارية من قبل الأمم المتحدة وأجهزتها، فضلا عن مبادرات على المستوى الوطني وفقا لمبدأ الولاية القضائية العالمية.

أما بيلاروسيا ورئيسها ألكسندر لوكاشينكو، فإن منظمة العفو لم تتخذ أي قرار بشأنهما فيما يتعلق بالحرب، مع العلم بأن هذا البلد استضاف القوات الروسية لأغراض “التدريب”، وإن قيل إن بعض القوات الروسية دخلت أوكرانيا من بيلاروسيا وإنه تم إطلاق صواريخ من أراضيها، ولكن ذلك ما زال في طور الشائعات والافتراضات، وفقا لكالامار.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply