العودة إلى القمر لا تتعلق بالكوكب لذاته، على الأقل ليس بشكل كامل، بل هو بوابة لطموحات فضائية أكبر.

بعد أكثر من 60 عاما على هبوط أول أميركيَين على سطح القمر بدأ سباق فضائي جديد نحو هذا الكوكب؛ لكن بمخاطر أعلى بكثير ولاعبين جدد، ولم يعد هذا السباق مقتصرا على مجرد وضع علم على سطحه المليء بالغبار، بل استثمار موارده المحدودة والتحكم في بوابة دائمة لنقل البشر إلى المريخ وما وراءه.

ووفق ما أشار إليه تقرير منشور على موقع “ديلي بيست” (Daily Beast) فإنه سواء أتعلق الأمر بوكالة ناسا أو بالصين أو روسيا أو مجموعة من الشركات الخاصة وينتهي بها المطاف بالسيطرة على هذا الكوكب، فإن الأمر لا يتعلق بالقمر بحد ذاته؛ وإنما بمن ستمكنه هذه السيطرة من الوصول بسهولة إلى بقية النظام الشمسي.

أعلنت ناسا العام الماضي فقط أنها وجدت جيوب جليدية على القمر (غيتي)

سباق مختلف

ويرى جيمس رايس، كبير العلماء في كلية استكشاف الأرض والفضاء بجامعة ولاية أريزونا، أن سباق الفضاء الحالي يتسم ببعض الاختلافات عن ستينيات القرن الماضي، حيث “تغيرت الأمور بشكل كبير فيما يتعلق بالتكنولوجيا واللاعبين الموجودين.

ويضيف “ليس هذا القمر الذي فكرنا فيه خلال أيام مهمة أبولو، لقد تعلم العلماء الكثير عن القمر من خلال تحليل أكثر تفصيلا للعينات، بالإضافة إلى العديد من المهمات التي بحثت بالضبط عما قد يكون موجودا على سطح الكوكب ولا يزال مخفيا في أعماق الأرض”.

وبالرغم من أننا عرفنا منذ أكثر من عقد من الزمان أن القمر ربما يعج باحتياطيات من الجليد المائي، إلا أن وكالة ناسا أعلنت العام الماضي فقط أنها وجدت أفضل دليل حتى الآن على أن المياه المحبوسة في الجيوب الجليدية كانت منتشرة عبر سطح الكوكب أقدم مما كان يعتقد سلفا، وهو اكتشاف غذى فكرة بناء قاعدة دائمة على القمر يمكن لرواد الفضاء استخدامها للوصول إلى المريخ والوجهات السماوية الأخرى.

الماء مصدر ثمين، ليس فقط لرواد الفضاء للشرب، ولكن أيضا لتحويله إلى وقود للصواريخ (غيتي)

ويعتبر هذا الأمر مهما للغاية؛ نظرا لكون الماء مصدرا ثمينا للمسافرين في الفضاء، ليس فقط لرواد الفضاء للشرب، ولكن أيضا لتحويله إلى وقود للصواريخ لاستخدامه في الانفجار.

فكما هو معروف علميا يتكون الماء من ذرات الأكسجين والهيدروجين، ويُعرف هذا الأخير بأنه أكثر أنواع الوقود الدافع كفاءة، بينما يمكن دمج الأكسجين بالوقود لإحداث الاحتراق، وتعني القدرة على تحطيم كل ذلك الجليد المائي الكائن في القمر أنه يمكنك الوصول إلى كل مكوناته؛ وهي مصدر هائل لوقود الصواريخ، كما يمكن -وهي مكافأة إضافية- استخدام أي أكسجين زائد كهواء قابل للتنفس من قبل رواد الفضاء.

نقطة في المنتصف

يعتبر العثور على هذه الموارد على سطح القمر أفضل بكثير من نقلها من الأرض، حيث تكلف تعبئة أي موارد من هذا النوع إلى الفضاء ثمنا باهظا، فمثلا إطلاق حمولة تزن رطلا واحدا في مدار الأرض تكلف 10 آلاف دولار، وفقا لوكالة ناسا. وقد يكون استخدام ما يقدمه القمر من موارد أقل تكلفة بكثير لبناء نقطة توقف على الكوكب إلى وجهات كونية أخرى.

القمر قد وُضع كنقطة في المنتصف أو الخطوة الأولى نحو المريخ، إنه ليس الوجهة النهائية (فليكر)

ويقول كيسي درير، كبير مستشاري سياسة الفضاء في “جمعية الكواكب” (The Planetary Society) -وهي منظمة غير ربحية تروج لاستكشاف الفضاء- “أعتقد أن القمر قد وُضع كنقطة في المنتصف أو الخطوة الأولى نحو المريخ.. إنه ليس الوجهة النهائية”.

بمعنى آخر، فإن العودة إلى القمر لا يتعلق بالكوكب لذاته، على الأقل ليس بشكل كامل، بل هو بوابة لطموحات فضائية أكبر، لذلك يوصف “آرتميس” (Artemis) -وهو برنامج استكشاف القمر الجديد التابع لناسا- باستمرار ليس على أنه مجرد عودة لخطى برنامج أبولو الفضائي؛ لكن بأنه الأساس الأولي لوجود دائم على سطح القمر.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply