فاجأت المقاومة الشرسة التي قابل بها الأوكرانيون الغزو الروسي لبلادهم والجهود الهائلة التي يبذلها المواطنون العاديون يوميا للتصدي للجيش الروسي خلال الحرب القائمة العديد من المراقبين الغربيين.

فقد خرجت مختلف أطياف الشعب الأوكراني من موظفين عاديين وملكات جمال وكبار في السن ومحاربين قدامى لحمل السلاح ضد الجيش الروسي الغازي، وفق مقال للجنرال الأميركي المتقاعد مايك ريباس، القائد السابق للعمليات الخاصة الأميركية في أوروبا، نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post).

ويرى ريباس في مقاله الذي نشر تحت عنوان “المقاومة الأوكرانية الشرسة ليست وليدة المصادفة” أن خروج الأوكرانيين بمختلف أطيافهم لمقاومة الغزو الروسي لم يكن وليد المصادفة، بل يرجع إلى عوامل عديدة؛ من بينها الحس الوطني المشترك الذي يتمتع به الأوكرانيون ويحملهم على الدفاع بحماسة عن وطنهم وبيوتهم وطريقتهم في العيش في وجه الغزو الروسي المدمر، وقد أثمر ذلك الحس المشترك استجابة وطنية أثبتت حتى الآن قدرتها على الصمود على نحو مثير للإعجاب.

ومن ضمن تلك العوامل أيضا -وفق القائد السابق للعمليات الأميركية في أوروبا- كون السلطات الأوكرانية كانت تدرك أن الحرب قادمة لا محالة وأعدّت شعبها للمواجهة. فقد أصدرت السلطات الأوكرانية قانونًا في يوليو/تموز عام 2021 يقضي بإنشاء “قوات الدفاع الإقليمية الأوكرانية” ويجعل منها إطارا لدمج المليشيات المحلية الموجودة في كل الأقاليم والمناطق الأوكرانية التي يبلغ عددها 25، وتلك الموجودة في المدن الكبرى أيضا، كما نص القانون المذكور على تشكيل قوة مقاومة في حال إقدام روسيا على احتلال البلد.

وعندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا الأسبوع الماضي كانت قوات الدفاع الإقليمية المذكورة آنفا قد تشكلت وأخذت مواقعها، وحين تطوع أكثر من 130 ألف مواطن لحمل السلاح،  كانت إطارا جاهزا لاستيعابهم، وفق المقال.

ويسلط القائد السابق للعمليات الخاصة الأميركية في أوروبا الضوء في مقاله على عدم تكافؤ ميزان القوى بين الجيش الأوكراني والمقاومة الشعبية المساندة له من جهة، والقوات الروسية، حيث أرسلت روسيا جيشًا متفوقًا من الناحية التكنولوجية قوامه أكثر من 160 ألف جندي يعملون في نحو 100 مجموعة تكتيكية، كما استخدمت صواريخها البعيدة المدى وقواتها الجوية والبحرية في الحرب.

ويخلص ريباس إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لإخضاع أوكرانيا، لذلك فإن التفاوض معه قد لا يفضي إلى وقف الحرب، كما يرى أن المقاومة الأوكرانية الشرسة كفيلة بإرباك إستراتيجية بوتين من خلال التفوق على جيشه من الناحية التكتيكية ومن خلال تسديد ضربات موجعة له ولسلطته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي أمور يرى الكاتب أن قوى المقاومة الأوكرانية تسعى من خلالها إلى جعل الحرب على بلادهم مؤلمة للجيش الروسي إلى الحد الذي  يحول دون السيطرة عليها، وقد نجحوا في تحقيق ذلك حتى الآن، على حد تعبيره.

 

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply