تجاوز عدد الحالات المسجلة في العاصمة الصينية 700 حالة مؤكدة منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي، وهو رقم كبير بالنسبة للسلطات المحلية مقارنة بالعدد الإجمالي للإصابات في المدينة منذ تفشي المرض أواخر 2019، والذي بلغ حتى الآن 2600 إصابة و9 وفيات.

بكين– صباح 28 أبريل/نيسان الماضي، ومن دون سابق إنذار، أغلقت الطواقم الطبية البوابات الرئيسية لأحد الأحياء السكنية وسط العاصمة بكين، وطلبت من السكان عدم مغادرة شققهم السكنية، وبدأت إجراءات العزل الصحي لعدد من السكان بسبب الاشتباه بمخالطتهم لشخص ثبتت إصابته بفيروس كورونا الجديد.

لم يقتصر هذا الحال على حي سكني فقط، بل شمل 20 منطقة باتت الجهات الصحية في بكين تصنفها على أنها مناطق عالية الخطورة، يحظر على ساكنيها الخروج من المنازل، ويخضعون لفحص الحمض النووي بشكل يومي.

أيضا تم تصنيف ما يزيد على 30 منطقة على أنها متوسطة الخطورة، تتخذ فيها السلطات تدابير خاصة طالت ملايين السكان.

فالعاصمة الصينية تواجه موجة جديدة من فيروس كورونا، لم تتمكن السلطات من تحديد خريطة انتشاره، وفق ما أعلنته بانغ شينغ هو، نائبة مدير مركز بلدية بكين لمكافحة الأمراض، والتي قالت خلال مؤتمر صحفي أمس الأربعاء إن هناك مصادر خفية للعدوى ما تزال في مجتمع بكين تستوجب السباق مع الوقت لمنع انتشار الوباء.

إغلاق أحد المجمعات السكنية في بكين لمنع اتصال السكان (الجزيرة)

ارتباك واستياء

وعبر النوافذ الحقيقية، يراقب السكان ما يجري في الساحات الخارجية للأحياء السكنية، وعبر النوافذ الإلكترونية، يبحثون عن إجابات لأسئلتهم حول موعد انتهاء الحجر المنزلي أو أفضل وأسرع الطرق لطلب الطعام والمستلزمات الأخرى.

تقول كو تسيشوان، التي تعمل في مجال تسويق مستحضرات التجميل، إن ما يقلقها هو عدم وجود أخبار محددة حول موعد انتهاء الحجر المنزلي، خصوصا أن عملها يتطلب زيارات ميدانية.

وتضيف للجزيرة نت، أن كل طرف يلقي بالمسؤولية على الآخر عند الاستفسار حول تاريخ محدد لانتهاء الإغلاق.

من جانبها، قالت تينغ تينغ إن إدارة الشركة التي تعمل معها طلبت وثيقة رسمية تؤكد وجود حجر منزلي، وإلا سيتم اعتبار عدم الحضور أيام غياب وخصمها من الراتب.

وأشارت في حديثها مع الجزيرة نت إلى أن مخالفة التعليمات بشأن الإغلاق وعدم التعاون مع الجهات الحكومية في مكافحة الوباء سيعرضها للعقاب.

وترسل السلطات الصينية رسائل نصية على هواتف السكان تحذرهم من انتهاك لوائح الوقاية من الأوبئة خلال فترة الحجر المنزلي، وتهدد بالمحاسبة وفق قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها.

وتنص إحدى الرسائل التي اطلعت عليها الجزيرة نت، على نقل المخالفين للعزل المركزي على نفقتهم الخاصة، وإخطار جهات عملهم لاتخاذ إجراءات بحقهم.

إجراءات وقائية في أحد أحياء بكين المصنف متوسط الخطورة (الجزيرة)

هل الوضع الوبائي في المدينة مقلق؟

وتواصل عدة مناطق في بكين -خاصة تشاويانغ الأكثر اكتظاظا بالسكان- تطبيق سياسات خاصة بالعمل لتقليل الوجود في المكاتب، بالإضافة لتعليق الدوام الحضوري في المدارس، وإغلاق صالات رياضية وأماكن ترفيهية، وحظرت خدمات تناول الطعام في المطاعم وأغلقت عشرات خطوط الحافلات ونحو 15% من نظام مترو الأنفاق.

ونفذت المدينة 4 جولات متتالية لاختبار الحمض النووي، تمتد الجولة الواحدة لـ3 أيام، وتحدد نتائج كل جولة الإجراءات اللاحقة، لكن بكين تواصل عقب الجولة الرابعة تطبيق إجراءات إغلاق أكثر صرامة أدت لاضطرابات كبيرة في الحياة اليومية.

وتجاوز عدد الحالات التي تم تسجيلها في العاصمة الصينية 700 حالة مؤكدة منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي، وهو رقم كبير بالنسبة للسلطات المحلية مقارنة بالعدد الإجمالي للإصابات في المدينة منذ تفشي المرض أواخر 2019، والذي بلغ حتى الآن 2600 إصابة و9 وفيات.

لكن السلطات الصينية لا تتزعزع في التزامها بالقضاء على الفيروس التاجي، بدلا من التعايش معه مثل العديد من البلدان التي تخفف أو تتخلى عن التدابير، حيث تتبنى بكين سياسة “صفر كوفيد” التي تسعى من خلالها لمنع انتشار المرض في أي بقعة من أرضها من دون النظر لأعداد الإصابات.

ليانغ وان يان، رئيس فريق خبراء الاستجابة للأوبئة ومكافحتها التابع للجنة الصحة الوطنية، يلخص أسباب التمسك بهذه السياسة، حيث يشير إلى أن الحالات المتفرقة المحلية التي ثبتت إصابتها منذ أبريل/نيسان 2020 ترتبط بحالات خارجية، وأن الوضع الحالي للوقاية والسيطرة في السنوات الأخيرة يثبت أن تنفيذ هذه السياسة يتماشى مع الوضع الفعلي للصين.

وأضاف ليانغ أن وباء التاج الجديد للالتهاب الرئوي لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا عالميا، وبالتالي فإن ضغط استيراد الفيروس لا يزال موجودا في حال التراجع وفتح الحدود في الوقت الراهن.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply