يذهب طيف من الإيرانيين إلى أن بلادهم ليست معنية بالمطالب الروسية الموجهة إلى الدول الغربية، في حين ترى شريحة أخرى في الموقف الروسي تدخلا في الشؤون والمصالح الوطنية.

مع دخول مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي مراحل حاسمة، أثارت المواقف الروسية الأخيرة ومطالبها، بالحصول علی ضمانات مكتوبة لمواصلة تعاونها مع إيران، مخاوف من عرقلة الاتفاق المحتمل.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن بلاده لا تزال تنتظر من روسيا تفاصيل بشأن مطالبتها بضمانات أميركية بعدم تأثير العقوبات الغربية، المفروضة على موسكو، على تعاونها مع طهران في إطار الاتفاق النووي.

وأكد خطيب زاده -في مؤتمره الصحفي الأسبوعي الاثنين الفائت- ضرورة “ألا يكون التعاون المدني السلمي لإيران مع دول أخرى، بما فيها روسيا، خاضعا لأي عقوبة، لا سيما في حال كانت هذه العقوبات مفروضة من قبل طرف بعينه”.

ويذهب طيف من الإيرانيين إلى أن طهران ليست معنية بالمطالب الروسية الموجهة إلى الدول الغربية، في حين ترى شريحة أخرى في الموقف الروسي يعد تدخلا في شؤون إيران ومصالحها الوطنية.

المتحدث الحالي للخارجية الإيرانية هو سعيد خطيب زادة وصورته:::
خطيب زاده: لا نزال ننتظر من روسيا تفاصيل بشأن مطالبتها ضمانات أميركية مرتبطة بخصوص النووي (الجزيرة)

روسيا والغرب

وفي السياق، يقرأ الباحث الإيراني مهدي عزيزي، المطالب الروسية الأخيرة في خانة المصالح الاقتصادية ومواجهة الأحادية الأميركية، مضيفا أن المطالب الروسية ليست جديدة على إيران، وأن طهران ليست معنية أصلا بالرد والتعليق عليها لأنها موجهة إلى الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية.

وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن المصالح الروسية أضحت مهددة بفعل العقوبات الغربية الأخيرة، مضيفا أن طهران خاضت مفاوضات فيينا بجدية وأوشكت على إحياء الاتفاق النووي، وأن الكرة باتت في ملعب سائر أطراف المفاوضات لا سيما الجانبين الروسي والأميركي.

ووصف علاقات بلاده مع روسيا بأنها متقدمة على شتى الصعد، وأضاف “لا يمكن لإيران أن تفرط بتحالفها مع موسكو من أجل إحياء الاتفاق النووي، والعكس صحيح”.

وانتقد الأصوات التي فسرت المواقف الروسية الأخيرة بأنها تدخل في الشؤون الإيرانية، وقال إن سياسة طهران الخارجية مبنية على إستراتيجية “لا شرقية ولا غربية” وإن امتناع إيران عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد روسيا يدل على استقلال طهران في سياستها الخارجية.

لا تعطيل للاتفاق

من ناحيته، أشار الباحث في العلاقات الدولية، حسن بهشتي بور، إلى أن الشركات الروسية كانت أولى الشركات الأجنبية التي خرجت من إيران عقب عودة العقوبات الأميركية، مؤكدا أنه “لا يمكن لأي طرف من مجموعة 4+1 أن يعطل إحياء الاتفاق النووي في حال تفاهم الجانبين الإيراني والأميركي على حل القضايا العالقة”.

وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن موسكو لا تتوقع من طهران الوقوف إلى جنبها للالتفاف على العقوبات الغربية، مشددا على أن إيران لم تعول يوما على موسكو أن تشكل رئة تتنفس عبرها طهران في مواجهة العقوبات الأميركية.

واعتبر أن المصالح الوطنية هي التي تحكم العلاقات بين طهران وموسكو، وأضاف أن العلاقات بينهما لم ترتق إلى تحالف ولا علاقات إستراتيجية، بل إنها لم تتجاوز المؤشرات الاقتصادية بين إيران وكل من أفغانستان والعراق.

الذاكرة التاريخية

في المقابل، تنطلق شريحة أخری من الذاكرة التاريخية بين إيران والاتحاد السوفياتي، وتعتبر المواقف الروسية الأخيرة بأنها تأخذ مفاوضات فيينا رهينة من أجل الضغط على الدول الغربية التي فرضت عقوبات قاسية على موسكو ردا على غزوها أوكرانيا.

وفي السياق، يصف أستاذ القانون الدولي، يوسف مولائي، المطالب الروسية بأنها غير منطقية وتهدف إلى ابتزاز بلاده، مضيفا أن موسكو قفزت من مجموعة 4+1 في مفاوضات فيينا إلى جانب إيران، وهو ما لا يحبذه الإيرانيون، لأنه يتناقض مع سيادة البلاد.

وأشار -في حوار مع صحيفة آرمان ملي- إلى أن مفاوضات فيينا تهدف إلى تقييد البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات، مؤكدا أنه لا علاقة لمفاوضات فيينا بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

واستغرب مولائي مطالبة روسيا بحصولها على امتيازات من بوابة المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، موضحا أن انسحاب روسيا المحتمل من الاتفاق النووي لن يؤثر عليه كما أن انسحاب ترامب منه لم يتمكن من القضاء علی الاتفاق.

واستبعد أستاذ القانون الدولي أن يؤدي انسحاب موسكو من الاتفاق النووي إلى تفعيل آلية الزناد وفق البندين 36 و37 في خطة العمل الشاملة المشتركة المبرمة عام 2015.

عزيزي يقول إن طهران غير معنية بالرد على المطالب الروسية (الجزيزة)
مهدي عزيزي: طهران غير معنية بالرد على المطالب الروسية (الجزيرة)

التبادل التجاري

واستدرك مولائي أن انسحاب موسكو من الاتفاق النووي سيعود بالضرر علی سمعتها الدولية على المدى البعيد، مشددا على أن تلعب بالبطاقة الإيرانية لضمان مصالحها، وكان الأجدر بالجانب الإيراني أن يسجل اعتراضه على السياسة الروسية التي تقف حجر عثرة في سبيل إحياء الاتفاق النووي.

وفيما تشير التقارير الإيرانية إلى أن مؤشر التبادل التجاري بين طهران وموسكو بلغ 4 مليارات دولار مؤخرا، كشف رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الإيرانية الروسية، إبراهيم رضائي، عن عزم بلاده وضع خطط لزيادة التبادل التجاري مع روسيا إلى 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة.

وتوقع رضائي -في حديث للجزيرة نت- أن تشهد الحقبة المقبلة طفرة في تصدير البضائع غير النفطية لا سيما المحاصيل الزراعية والبتروكيمياويات إلى روسيا.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply