عمّان- نادرا ما يتحدث الناس عن فوائد إنجاب طفل بعد سن الـ35. وبدلا من ذلك، غالبا ما نسمع فقط عن المخاوف بشأن الحمل في عمر متقدّم نسبيا، وهذا منطقي لأن معرفة أن لدينا ساعة بيولوجية موقوتة قد تكون مخيفة حقا.

ومع ذلك، يرى خبراء أن هناك فوائد محتملة لإنجاب طفل بعد سن الـ35، وفي حين لا يوجد وقت واحد مناسب للحمل، قد يكون هناك عدد من المزايا لتأجيل الأبوّة.

جاهزية نفسية ومعنوية

يرى المتخصص في الطب النفسي الدكتور عامر الرواجفة أن “مقوّمات ومستلزمات إنشاء أسرة وإنجاب الأبناء تزايدت مقارنة بالعقود السابقة، لا سيما في ظل الضغوط المادية المتزامنة مع تعدد المتطلبات الحياتية اليوم. وجميع هذه العوامل قد تكون أسبابا رئيسة في تأخر متوسط عمر الزواج، ومن ثم التأخر في إنجاب الأبناء”.

ويشير الرواجفة إلى أن العمر المناسب لتكوين عائلة والإنجاب هو العمر الذي يكون فيه الزوجان جاهزين نفسيا ومعنويا وماديا لذلك، مع الأخذ بالاعتبار العوامل الجسدية والفسيولوجية التي قد تتأثر مع مرور العمر.

ويوضح قائلا: “نقصد بقولنا (نفسيا) توافر العوامل المساعدة، مثل الاستقرار العاطفي والمادي والاجتماعي، مما يعزز الشعور بالثقة لاستقبال أعضاء جدد في الأسرة وتأمين أساسيات الحياة الكريمة لهم من غذاء ومسكن وتعليم. وهذه الأساسيات اختلفت من حيث النوعية في وقتنا الحاضر عما كانت عليه سابقا، وبالتالي أصبح توفيرها يحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل، وهو ما أدى إلى ارتفاع متوسط عمر الزواج والإنجاب”.

ولا شك في أن الاستقرار النفسي للأبوين ينعكس بشكل كبير على نشأة الأطفال وتربيتهم وحالتهم النفسية مستقبلا، وفق الطبيب النفسي الذي يعتبر أنه “بسبب المتغيرات الحياتية الحالية، من غير المنصف مقارنة إيجابيات الإنجاب المبكّر في السابق بالمتأخر نوعا ما حاليا”.

الدراسات الحديثة تظهر أن السعادة تزداد قبل الولادة وبعدها بين الأمهات الأكبر سنا (غيتي)

توازن نفسي متطوّر

يعلق المستشار الأسري الدكتور أحمد عبد الله بقوله إن الولادة تتأثر بمدى خبرة الأم ونضجها والتجارب التي تمر بها. وحينما تمر الأم الثلاثينية بحالة ولادة من الطبيعي أن تتأثر هي (الأم)، ويتأثر المولود بهذه المرحلة العمرية.

ويضيف أن “الأم في منتصف الثلاثينيات أو ما بعدها تكون ناضجة وصاحبة خبرة، وهي أكثر معرفة ودراية في أمور التربية والرعاية وتفاصيلها بحكم أنها -عموما- مرّت بهذه الخبرات السابقة. وهذا يجنّب الطفل أن يكون محط (التجربة والخطأ) في عملية التربية والرعاية”.

ولا يخفى على أحد أن دور “الأمومة” محبب للأنثى، فمرور الأم بهذا الدور في تلك المرحلة يعد من الأمور التي تبعث في الأم توازنا نفسيا متطورا ومستمرا، وفق الدكتور عبد الله.

النضج ينعكس على التربية

ويرى المستشار عبد الله أن التربية والرعاية تتطلبان مستوى عاليا من الصبر والمسؤولية والقدرة على التعامل مع المواقف الطارئة، لذا على الأم أن تحرص على تزويد نفسها بالخبرات الضرورية لإنضاج نفسها، لينعكس ذلك على تربية طفلها، وبهذا فهي بحاجة إلى المصادر العلمية التي تؤمن لها كثيرا من المعارف حول التربية والرعاية لمختلف جوانب شخصية المولود.

والأم بحاجة إلى أن تتعلم من تجاربها السابقة، وكذلك من تجارب الآخرين بحذر شديد، مما يساعدها في بناء الخبرة.

في المقابل، يَعتبر المستشار الأسري أن النضج لا يرتبط بالعمر بشكل مباشر، بل بالقدرة على التعلم والرغبة في توظيف هذه القدرة بشكل صحيح. فهذه الرغبة والقدرة إن توافرت في الفتاة العشرينية، فمن الممكن أن تتحصل على النضج ذاته، وإن كانت الأم الثلاثينية ليس لديها النضج الكافي أو القدرة عليه، فإن عامل العمر وحده لن يوصلها إلى هذه النتيجة.

نضج وتوازن نفسي... إيجابيات الأبوة المتأخرة
الأم في منتصف الثلاثينيات أو ما بعدها أم ناضجة صاحبة خبرة (بيكسلز)

فوائد محتملة لتأخير الأبوة

ونشر موقع “بارنتس” (parents) بعض الفوائد المحتملة لإنجاب طفل بعد سن الـ35، ومنها:

  • قد يعزز قوة عقلك: تشير الدراسات إلى أن إنجاب الأطفال في سن متأخرة نسبيا يمكن أن يجعلك أكثر حدة عقليا مع تقدمك في العمر. وفي دراسة شملت 830 امرأة متقدمة في العمر، ونُشرت في مجلة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة، لتحديد إذا ما كان هناك ارتباط بين إنجاب طفل في سن متأخرة وقوة الدماغ، تبيّن أن النساء اللواتي أنجبن أطفالهن بعد سن الـ35 كان لديهن إدراك أكثر وضوحا وذاكرة لفظية بعد انقطاع الطمث.
  • من المحتمل أن تكون أكثر سعادة وأقل توترا: تُظهر البحوث أن الآباء الأكبر سنا يميلون إلى الشعور بضغط أقل ومزيد من الرضا والسعادة بعد إنجاب الأطفال مقارنة بنظرائهم الأصغر سنا. ووفقا للخبراء، فإن السعادة تزداد بسبب الولادة وبعدها بين الأمهات الأكبر سنا، في حين أن التأثير غير موجود لدى الأمهات الأصغر سنا.
  • قد يكون طفلك أقل عرضة للإصابة: يهدف الآباء في أي عمر إلى حماية أطفالهم قدر الإمكان. ومع ذلك، تشير دراسات كثيرة إلى أن خطر تعرض الطفل لإصابة غير مقصودة تستدعي عناية طبية تنخفض مع زيادة عمر الأم، ربما لأن الآباء الأكبر سنا أكثر وعيا بالأخطار وأفضل استعدادا للحماية منها أو أحد هذين الأمرين.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply