أعادت معجزة نجاة أطفال الأمازون الأربعة بعد 40 يوما من فقدهم في حادث سقوط طائرة في غابات الأمازون، ووفاة البالغين الذين كانوا يرافقونهم، إلى الأذهان ذكرى العثور على 6 مراهقين في عام 1966 بعد أن تقطعت بهم السبل على جزيرة غير مأهولة في المحيط الهادي.

وقالت صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية، في تقرير لها عن الموضوع، إن 6 فتيان من تونغا تقطعت بهم السبل عام 1965 في جزيرة صحراوية في المحيط الهادي، ليعيشوا وحدهم لمدة 15 شهرا بفضل التضامن، قبل أن يعثر عليهم قبطان سفينة صيد أسترالية يوم 11 سبتمبر/أيلول عام 1966.

في ذلك اليوم تردد صدى الصرخة “لقد وجدتهم” من راديو السفينة، في الجزيرة الرئيسية لأرخبيل تونغا جنوب المحيط الهادي، حيث ظل الفرح وعدم التصديق يتنافسان في عقول الجميع، فها هو القبطان يحتضن الشاب تيفيتا فاتاي لاتو وهو لا يزال يتقاطر ماءً بعد سباحته المجنونة للوصول إلى القارب، بعد أن “اعتُبر هو ورفاقه في عداد الموتى، وأجريت مراسم  جنازتهم”.

شعور لا يوصف

يقول هذا الشاب وهو يستعيد ملحمتهم المذهلة كما لو كانت بالأمس، بعد 55 عاما في مقابلة مع مجلة “فايس” (Vice) الكندية عام 2021، “لا أستطيع أن أصف شعوري وقتئذ، كنا متحمسين جدا؛ لقد نجونا وسأقابل عائلتي مرة أخرى”.

بدأت مغامرة المراهقين الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما ذات يوم من عام 1965 في ميناء نوكوالوفا على جزيرة تونغا الرئيسية، حين قرر هؤلاء الطلاب الجامعيون الصغار المغامرة والاندفاع نحو المجهول بسبب الملل الذي يعانون منه في مدرستهم الداخلية الكاثوليكية، وسرقوا قاربا ليخرجوا من جزيرتهم الصغيرة ويروا العالم، قبل أن تضع العاصفة نهاية للحلم بسرعة، تاركة قاربهم ينجرف دون تحكم على سطح المحيط الهائل.

وبعد 8 أيام من دون ماء وطعام يذكر، لاحت لهم جزيرة آتا، وهي جزيرة صحراوية صغيرة تقع على بعد 160 كيلومترا جنوب نقطة انطلاقهم. يقول سيوني (واحد منهم) إنهم وصلوا في ليل وظلام دامس إلى تلك الجزيرة البركانية المرتفعة جدا “اجتمعنا لندعو وتعانقنا بشدة وبكينا”، وبالفعل أظهروا قدرة لا تصدق على التكيف والتعاون فيما بينهم، كما تقول الصحيفة.

تأسيس حياة جديدة

أكلوا كل ما تقع عليه أيديهم، كطيور البحر والأسماك النيئة والبيض وجمعوا القليل من الفواكه، ولكن المواد الغذائية لم تكن يوما كافية، غير أن الأدهى هو عدم توفر مصدر لماء الشرب، ففكروا -كما يروي سيوني- في استخراج المياه من الأشجار ولم يترددوا في شرب دماء الطيور.

وبعد 3 أشهر من المحاولات استطاع الشبان إشعال النار، وحافظوا على نارهم الثمينة بعناية في أحد الكوخين اللذين شيدوهما بنسج أوراق جوز الهند، وقد ابتسم لهم الحظ يوم عثروا على بقايا قرية قديمة تقع في فوهة بركانية، حيث كان السكان الأصليون يزرعون قصب السكر والموز والبطاطس هناك، قبل أن يغزوهم قراصنة بقيادة الأيرلندي توماس ماكغراث عام 1863، ويسوقوهم جميعا ويبيعوهم عبيدا في بيرو.

وبعد أن ضمن الفتيان بقاءهم على قيد الحياة، عاشوا ممزقين بين الأمل في مغادرة صخرتهم النائية والخوف من الموت هناك دون رؤية العالم، ولكنهم أظهروا أخلاقا عالية غير متوقعة، إذ عمل أحدهم مرشدا روحيا وآخر قائدا تقنيا، وحاولوا تأسيس حياة اجتماعية، وصنعوا تماثيل خشبية وقيثارة لإضفاء الحيوية على الأمسيات بالنار، ولم يلجؤوا أبدا إلى العنف.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply