تعاني أغلب الأمهات بسبب عدم إقبال أطفالهن على تناول الخضراوات، ويقلقن بشأن صحتهم والعناصر الغذائية اللازمة لنموهم السليم، وخاصة أن معظم الأطفال لديهم نفور من الخضراوات سواء كانت نيئة أم مطهوة.

تقول الدكتورة نتالي موث الرئيسة التنفيذية السابقة للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال “يحتاج معظم الأطفال الصغار في المتوسط من كوب إلى كوبين يوميا من الخضراوات موزعة على مدار اليوم”.

وحسب تقرير رسمي للحكومة الأسترالية، لا يستوفي 99% من جميع الأطفال والمراهقين (من 2 الى 18 سنة) الكمية الموصى بها من الخضراوات. وطبقا للإحصائيات البريطانية، فإن طفلا فقط من كل 5 أطفال يتناول الخضراوات يوميا، ويشير تقرير صادر عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن ما يقرب من نصف الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية (49.1%) ممن تراوح أعمارهم بين سنة و5 سنوات لا يأكلون الخضراوات كل يوم.

قضية خلافية

ويعد هذا السبب الرئيس لتجذر دعوات في السنوات الأخيرة تشجع على إخفاء الخضراوات وفرمها في الأطعمة المفضلة للرضع والأطفال، مثل إخفائها داخل كرات اللحم أو في صلصة المعكرونة والعصائر، وتعد معكرونة “زودلز” المصنوعة من الكوسا وكعكة الشوكولاتة بالسبانخ ورقائق الشوكولاتة المصنوعة من الحمص خير دليل.

فهل إستراتيجية إخفاء الخضراوات داخل الأطعمة المفضلة للطفل تعد حيلة ذكية لخداعه؟ أم لها عواقب سلبية قد تجعله يكره الخضراوات مدى الحياة؟

مميزات إخفاء الخضراوات

أشارت دراسة أميركية حديثة إلى أن الأطفال يتناولون ضعف كمية الخضراوات عند إخفائها داخل الوجبات المفضلة لهم، ووجدت الدراسة أن إضافة الخضراوات تقلل السعرات الحرارية في كل وجبة بمقدار 11%.

وحسب موقع “أونلي أبوت تشلدرن” (Only about children)، فإن هناك مجموعة من الإيجابيات لإخفاء الخضراوات تعود بالنفع على كل من الأم والطفل، أهمها:

  • تقليل مستويات التوتر: يتناول الطفل وجبته المفضلة مثل الكيك والناغتس والمعكرونة من دون مقاومة أو رفض أو محاولات ضغط من الأم.
  • الشعور بالرضا: تضمن الأم تلبية احتياجات الطفل اليومية من العناصر الغذائية المتوفرة في الخضراوات من الفيتامينات والمعادن والألياف ومضادات الأكسدة.
  • تناول مزيد من الخضراوات: يعد إخفاء الخضراوات وسيلة لإدخال خضراوات جديدة وغير مألوفة للطفل وتعزيز نظامه الغذائي بـ3 حصص يومية من الخضراوات النيئة والمطبوخة المختلفة الألوان والقوام، وهي الكمية الموصى بها من جمعية القلب الأميركية.

عواقب إخفاء الخضراوات

على الرغم من فوائد إخفاء الخضراوات للأطفال فإن بعض خبراء التغذية لا ينصحون به. ووفقا لموقع “تودايز بارنت” (Todays parent)، تقول اختصاصية التغذية سالي كوزيمشاك إن “الأطفال يرفضون الخضراوات بسبب مذاقها المر الناتج عن احتوائها على مغذيات نباتية مثل الإيسوفلافون، ومع ذلك يجب أن يعتاد الطفل مذاقها، إذ ترتبط النظم الغذائية الغنية بالخضراوات والفواكه بانخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأورام السرطانية”.

وترفض كوزيمشاك إخفاء الخضراوات في الأطعمة، وتقول إن “الطفل الذي يعتاد هذه الطريقة يفتقر إلى التعرف على المذاق الحقيقي للخضراوات وشكلها وملمسها، فإذا لم يجرب القرنبيط إلا مخلوطا بصلصة الجبن البيضاء فهو لا يعرف طعمه الحقيقي”.

من جانبها، ترى خبيرة التغذية يافي لفوفا أن إخفاء الخضراوات في وجبات الأطفال لا يساعد في بناء عادات الطعام الصحية أو اتباع أنظمة غذائية متوازنة، ويعد مجرد حل مؤقت أو قصير المدى.

وتضيف لفوفا أنه على الرغم من النية الطيبة للأمهات اللاتي يخفين الخضراوات في وجبات الأطفال فإن الطفل يجهل ما يأكله، وعندما يكتشف الحقيقة يفقد الثقة بالكبار وينتقل إليه شعور بعدم الأمانة والصراحة، وقد يصبح عنيدا ويرفض تناول الخضراوات إلى الأبد، كما يصبح أقل ميلا إلى تجربة أطباق جديدة في المستقبل.

وتوضح أن “فقدان الثقة قد يحوّله إلى طفل انتقائي في الطعام يصعب إرضاؤه، وقد تستمر المشكلة مدة طويلة”.

ومن الآثار السلبية أيضا لإخفاء الخضراوات ترسيخ الاعتقاد السائد بمذاقها غير المستساغ، وذلك مما يزيد نفور الأطفال منها عندما يكتشفون الجهد المبذول لإخفائها عنهم.

نهج مشترك

من جانب آخر، يقترح بعض الخبراء المزج بين إخفاء الخضراوات وتقديمها بشكل واضح، فلا مانع من إخفاء القرنبيط في دقيق الشوفان أو هرس الجزر في الصلصة، ولكن يجب مصارحة الأطفال وإخبارهم بمكونات الطعام، مع مراعاة تقديم خضراوات كاملة في شكلها الطبيعي للطفل بانتظام ليدرك أهمية تناول وجبات غذائية متوازنة وغرس ممارسات غذائية صحية، مثل تقديم ساق من البروكلي بدلا من البروكلي المفروم جيدا في المعكرونة، وتقديم الجزر والخيار والفلفل والبازلاء بين الوجبات.

وتوجد بعض الإستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتشجيع الطفل على تناول الخضراوات، منها:

  • تكرار عرض الأطعمة الجديدة: يتقبل الأطفال تناول الخضراوات بمرور الوقت ولكن قد يستغرق الأمر عدة محاولات، وقد أظهر بحث علمي نشر في 2021 أن تكرار عرض الخضراوات للرضع والأطفال بانتظام وبكميات بسيطة في بيئة مشجعة يزيد من احتمال قبولهم لها، ويمنح الطفل فرصة اتخاذ قراراته الغذائية بنفسه وتعزيز الاستقلالية بداخله. وحسب الدراسة، يحتاج الطفل من 8 الى 10 محاولات قبل أن يقرر تجربة الطعام الجديد.
  • القدوة الحسنة للأطفال: تعتمد استجابة الطفل لأنواع الخضراوات المختلفة على ما يراه ممن حوله من الأبوين أو بقية أفراد الأسرة عندما يتناولون الخضراوات ذاتها التي تُقدم له، مع الحرص على الوجبات العائلية. وحسب دراسة أميركية  نشرت في العام الحالي، كلما طالت مدة الوجبات العائلية ارتبط ذلك بنظام غذائي أفضل للأطفال وزاد من إقبالهم على تناول الخضراوات وانخفاض خطر الإصابة بالسمنة.
  • مشاركة الطفل في إعداد وجبة الخضراوات: يمكن للطفل أن يخلط ويصب المكونات حتى يعرف الاستخدامات المتعددة للخضراوات والطرق المختلفة للاستمتاع بها، وربما تدفعه المشاركة إلى المغامرة وتذوق نكهات جديدة أثناء الطهو.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply