تونس- يرى خبراء أن تخفيض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لتونس يضر بسمعتها لدى المانحين الدوليين بسبب ارتفاع مخاطر تخلفها عن سداد ديونها في ظل غياب اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، لكن التخفيض “يُكثّف من مساعي الاتحاد الأوروبي للتوسط لاتفاق بين تونس والصندوق”.

وخفضت وكالة فيتش تصنيف تونس إلى مستوى “سي سي سي سلبي” (CCC-)، مرجعة ذلك إلى تعطل الاتفاق مع صندوق النقد وعدم قدرتها على تعبئة موارد الاقتراض الضرورية لتمويل موازنتها هذا العام وتآكل مخزون العملة الصعبة، مما يزيد احتمال تخلفها عن سداد ديونها.

وترى فيتش أن شح التمويلات الخارجية لتونس يزيد الضغوط على احتياطاتها من النقد الأجنبي، وقد كشفت بيانات البنك المركزي التونسي هذا الأسبوع أن مخزون العملة الصعبة انخفضت إلى 21 مليار دينار (6.78 مليارات دولار) ما يكفي فقط لتغطية الواردات لمدة 91 يوما فقط.

ضربة قاسية

يقول الخبير الاقتصادي ووزير التجارة الأسبق محسن حسن، في تصريح للجزيرة نت، إن خفض التصنيف الائتماني لتونس من قبل وكالة فيتش له تداعيات وخيمة، مبينا أن الوكالة عاقبت تونس بسبب عدم توصلها لاتفاق مع صندوق النقد وعدم قدرتها على تعبئة قروض خارجية.

وتبلغ حاجيات تونس من الاقتراض العام الجاري حوالي 25 مليار دينار (8 مليارات دولار)، وتتوزع بين قروض داخلية من البنوك بنحو 9.5 مليارات دينار (3 مليارات دولار)، وقروض خارجية بقيمة 14.8 مليار دينار (5 مليارات دولار)، وذلك بحسب تقرير ميزانية الدولة التونسية لسنة 2023.

وحول تداعيات خفض تصنيف تونس، يقول حسن إنه يوجه ضربة قاصمة لسمعة البلاد المالية لدى المانحين الدوليين وللاستثمار الخارجي، معتبرا أن ذلك يصعب على تونس الحصول على تمويلات خارجية بشروط ميسرة وفوائد مقبولة في ظل تعطل الاتفاق مع صندوق النقد.

وبسبب صعوبة النفاذ إلى الأسواق المالية العالمية جراء تتالي تخفيض التصنيف الائتماني لتونس ترتفع مخاطر تخلفها عن سداد ديونها الخارجية، كما تتراجع قدرتها على توفير السلع والمواد الأساسية المستوردة كالأدوية والحبوب والمحروقات مما يخلق نقصا حادا في السلع بالبلاد.

حسب الخبراء فإن خفض تصنيف تونس يوجه ضربة قاسية لسمعة البلاد المالية (الجزيرة)

شروط مشددة

يقول حسن “جراء عجزها عن جمع التمويلات الكافية لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة ستتفاقم الصعوبات المالية مما يجعل المزودين الأجانب سواء كانوا دولا أو مؤسسات يشددون شروطهم فلن يقبلوا بالضمانات البنكية بسبب ارتفاع المخاطر”.

وحول تأثير تخفيض التصنيف الائتماني لتونس على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، يؤكد الحسن أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من تكثيف اتصالات المسؤولين الأوروبيين للتوسط بقوة بين تونس وصندوق النقد، مشيرا إلى أن الاتحاد يخشى حصول انهيار اقتصادي في تونس يتسبب بتدفق المهاجرين نحو القارة.

ولم تتوصل تونس وصندوق النقد إلى اتفاق بسبب معارضة الرئيس التونسي قيس سعيد لمحاور في برنامج الإصلاحات الاقتصادية لحكومته وعلى رأسها رفع الدعم عن السلع الأساسية ومنها المحروقات وتفويت (خصخصة) المؤسسات العمومية.

لكن حسن يقول إن تونس ليس لديها خيار سوى التوصل لاتفاق مع صندوق النقد مع مراجعة بعض الشروط، إضافة إلى تشكيل حكومة إنقاذ مالي لتوفير موارد للدولة من العملة الصعبة على المدى القصير، والقيام بإصلاحات اقتصادية في مناخ من الاستقرار السياسي والاجتماعي.

دعم أوروبي

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي للجزيرة نت إن وكالة فيتش خفضت التصنيف الائتماني لتونس نتيجة عدم توصلها لاتفاق مع صندوق النقد وعجزها عن جمع التمويل الكافي لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة.

ويضيف “بالنسبة لوكالة فيتش حتى لو توصلت تونس لاتفاق مع صندوق النقد فإنها تستبعد تعبئة القروض الأجنبية التي قدرتها في موازنة 2023 مما يدفع البلاد إلى مزيد الاقتراض من الداخل”.

ولا يوجد تغيير كبير في الوضع المالي والاقتصادي لتونس نتيجة خفض التصنيف الائتماني لتونس لكون البلاد تواجه صعوبات كبيرة من حيث النفاذ إلى التمويلات الخارجية أو تراجع الاستثمار الخارجي، وفق الشكندالي، الذي يأمل في حصول اتفاق مع صندوق النقد.

ويرى الشكندالي أن المزيد من خفض التصنيف السيادي لتونس سيزيد من تكثيف مساعي الاتحاد الأوروبي للتوسط لاتفاق بين تونس وصندوق النقد، وقال إن “التخفيض سيزيد من الإصرار الأوروبي لحل الإشكال بين تونس وصندوق النقد لأن عدم الاستقرار بتونس يهدد مباشرة الاتحاد الأوروبي”.

وأشار إلى أن إحدى النقاط الرئيسية التي يشتغل عليها الاتحاد الأوروبي مع إيطاليا هو وقف نزيف الهجرة غير النظامية القادمة بشكل أساسي من تونس، متوقعا أن يلعب الاتحاد دورا داعما لتونس حتى لا تنهار مقابل أن تتولى تونس تنفيذ سياسته لمكافحة الهجرة غير النظامية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply