تستفيد مجالات مثل الرياضة والطب والتعليم وخاصة الإعلان والتسويق من التطورات التي حققها علم النفس على مرّ العصور، أحدثها علم التسويق العصبي الذي يقوم على إنشاء حملات تسويقية فعّالة بناء على المعرفة التي نمتلكها عن العقل البشري.

التسويق العصبي: الدخول إلى دماغ المستهلك

في تقرير نشرته مجلة “بسيكولوخيا إي منتي” الاسبانية، قال الكاتب روبن كاماتشو إن كل شيء بدأ عبر إنشاء تقنية بسيطة للغاية تسمى الارتجاع البيولوجي.

حاول علماء النفس لعقود دراسة السلوك البشري والعمليات العقلية من خلال تحليل التفاعلات الفسيولوجية داخل الدماغ مثل التوتر والنبضات الكهربائية والعرق واتساع حدقة العين.

وعلى هذا النحو، نشأت تقنية الارتجاع البيولوجي، التي تقوم على جعل الشخص يتعلم كيفية الاسترخاء والتحكم في شعوره بالقلق عبر جهاز صغير يطلعه على حالته الفسيولوجية من خلال إصدار إشارة ضوئية أو صوتية.

ويكون ذلك في إطار عملية بسيطة حيث يستلقي الشخص ويضع أصابعه على بعض المستشعرات المريحة المتصلة بجهاز صغير ويستمع إلى صوت عالي النبرة. أثناء الاسترخاء، يصبح الصوت أقل وأبطأ مقارنة بأول مرة. وهذه التقنية البسيطة ليست مفيدة لتعلم الاسترخاء فحسب وإنما تساعد على معرفة معطيات أخرى، وهنا يأتي دور التسويق العصبي.

لماذا تفشل بعض الحملات الإعلانية؟

سئم خبراء التسويق والمُعلنون من قصور الحملات الإعلانية في إيصال ما يريدونه إلى المستهلكين. ولكن المشكلة تكمن في أنهم كانوا لا يعرفون كيف يعمل العقل البشري، ومن هنا بدأ تطبيق التسويق العصبي.

وبفضل استخدام التكنولوجيا في التسجيلات الحسيّة، قرّر خبراء التسويق دراسة مدى نجاعة الإعلانات من خلال عرضها على أشخاص متصلين بجهاز استشعار يقيس مؤشرات مثل استجابة الحدقة وحركات العين، وقد كانت النتائج مفاجئة للغاية.

مجال التسويق العصبي يدرس الدماغ للتنبؤ، وربما التلاعب بسلوك المستهلك واتخاذ القرار (بيكسلز)

التلاعب بسلوك المستهلك

افترض فرانسيس كريك، الحائز على جائزة نوبل، فكرة أن كل المشاعر والأفكار والأفعال البشرية -حتى الوعي نفسه- هي مجرد نتاج للنشاط العصبي في الدماغ.

بالنسبة للمسوقين، فإن هذه الفرضية تعني أن البيولوجيا العصبية يمكن أن تقلل من عدم اليقين والتخمين اللذين يعوقان الجهود المبذولة لفهم سلوك المستهلك.

مجال التسويق العصبي -المعروف أحيانًا باسم علم الأعصاب للمستهلك- يدرس الدماغ للتنبؤ، وربما التلاعب بسلوك المستهلك واتخاذ القرار.

حتى وقت قريب كان يعتبر مجال التسويق العصبي “علمًا جديدًا”، فقد تم تعزيز التسويق العصبي على مدى السنوات الخمس الماضية من خلال العديد من الدراسات الرائدة التي تثبت قدرته على خلق قيمة للمسوقين.

ولكن حتى مع إثبات صحة التسويق العصبي، هل يستحق هذا المجال الاستثمار؟ وما الأدوات الأكثر فائدة؟ للإجابة على هذه الأسئلة، يحتاج المسوقون إلى فهم مجموعة التقنيات المستخدمة، وكيف يتم استخدامها في كل من الأوساط الأكاديمية والصناعية، والاحتمالات التي تحملها للمستقبل.

أدوات التسويق العصبي

يشير “التسويق العصبي” بشكل عام إلى قياس الإشارات الفسيولوجية والعصبية للتعرف على دوافع العملاء وتفضيلاتهم وقراراتهم، والتي يمكن أن تساعد في الإبلاغ عن الإعلانات الإبداعية وتطوير المنتجات والتسعير ومجالات التسويق الأخرى.

يعد مسح الدماغ، الذي يقيس النشاط العصبي، والتتبع الفسيولوجي، الذي يقيس حركة العين، أكثر طرق القياس شيوعًا.

قد تستخدم بعض العلامات التجارية أدوات التسويق العصبي لتحسين إعلاناتها لتناسب منصات الهواتف المحمولة. لا توجد حالة استخدام واحدة للتسويق العصبي، بل يمكن تطبيقه في:

  • اختبار تصميم المنتج
  • اختبار الموقع الإلكتروني للعلامة التجارية
  • تحسين الإعلانات التلفزيونية
  • إعادة تسمية العلامة التجارية

في النهاية، فإن التسويق العصبي طريقة للاستفادة من التقدم العلمي في علم النفس في تخصصات أخرى مثل التسويق، التي تتمثل أولويتها الرئيسية في معرفة أذواق المستهلكين وشخصيتهم واحتياجاتهم الحقيقية. ويكمن الهدف في جعل الإعلان أكثر صدقا وفعالية وكفاءة، حتى يستهدف الفئة المطلوبة.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply