تعرف أزمة منتصف العمر بأنها فترة من الاضطراب العاطفي تحدث بين عمر 40 وعمر 60، وتتميز تلك المرحلة برغبة قوية في التغيير.

ورغم أن سمة الحياة التغيير، ففي بعض الأحيان تجلب أزمة منتصف العمر تحولات عميقة في حياة الشخص وتغيرات سلوكية غير معتادة.

هذه الرغبة في التغيير هي ما تناوله الكاتب الراحل أحمد بهجت في كتابه مذكرات زوج الذي تحول إلى مسلسل لأول مرة عام 1990 من بطولة محمود ياسين وفردوس عبد الحميد، بينما اختار المخرج تامر نادي في تجربته الإخراجية الأولى تقديم المسلسل برؤية عصرية كتب لها السيناريو والحوار محمد سليمان عبد الملك ومن بطولة طارق لطفي وعائشة بن أحمد وخالد الصاوي وسماء إبراهيم.

ربما كان الهدف هو صناعة مسلسل كوميدي لكن اللمحة الكوميدية غير ظاهرة بقوة في المسلسل، ولا يمكن عدّه كوميديا خاصة مع أداء أبطاله خالد لطفي وعائشة بن أحمد، وبالمقابل تظهر تلك اللمحة الكوميدية المفقودة في مشاهد خالد الصاوي وسماء إبراهيم خلال صراعهما الزوجي غير المعتاد.

من خلدون إلى رؤوف

ما زالت شخصية خلدون التي قدمها طارق لطفي في مسلسل جزيرة غمام العام الماضي هي ما يتذكره الجمهور للنجم طارق لطفي، وهي شخصية قاسية مركبة شريرة، استطاع لطفي أن يقدمها بنجاح سواء من خلال اللهجة أو تعبيرات الوجه.

العكس تماما نراه في شخصية رؤوف الزوج المهزوز ذي الملامح المرتخية والعينين اللتين يبدو فيهما الضعف والجسد المتهدل والظهر المنحني.

ومع أول ظهور للزوج المهزوز يتفهم الجمهور مبرر تجسيده للشخصية بهذا الشكل، خاصة مع أداء عائشة بن أحمد الحاد الذي يصل أحيانا إلى حد المبالغة.

نجح المخرج في رسم شخصية الزوجة المتسلطة من الخارج من خلال تصفيف شعرها بطريقة ثابتة، واختيار الملابس الرسمية أو نصف الرسمية، مع طريقتها الحادة في نطق الكلمات والجمل القصيرة القاطعة.

نعرف منذ البداية أن رؤوف قرر كتابة مذكراته لتفريغ مشاعره ومراقبة حياته وأحلامه وأهدافه التي تحققت والتي لم تتحقق، ومن خلال الكتابة يكتشف أنه فقد نفسه وأحلامه على مدار سنوات زواجه.

تزداد رغبته في الانفلات من الروتين اليومي المعتاد ومن تسلط زوجته ومن شعوره بالوحدة وعدم التقدير، فيقرر الذهاب إلى “لايف كوتش” (مدرب حياة) يقوم بدوره خالد الصاوي، ليساعده في تحسين حياته ومعرفة أهدافه المفقودة.

بعض المبالغة قد يضر

رغم أداء طارق لطفي الهادئ، فإنه اتسم أيضا بالمبالغة في بعض المشاهد، ليظهر الزوج ضعيف الشخصية، خاصة في تعامله مع الحالة المتبادلة بين إضاءة المكان وإظلامه، التي اختار المخرج أن تكون إشارة رمزية إلى ضعف الزوج وتذبذبه.

لم يكن مشهد تغيير المصباح الذي يوشك على الاحتراق يستحق كل هذا العناء والجدل والسقوط من أعلى الكرسي، لكن رغبة المخرج في جعله مشهدا محوريا دفعته إلى بعض المبالغة التي بدت غير منطقية.

يغير رؤوف المصباح بعد عناء وجهد، وعندما يفتح عينيه بعد السقوط ويكتشف أن المكان أصبح منيرا بفعل المصباح الثابت يشعر بالإنجاز وبأنه يمكنه أيضا أن يستعيد نفسه من جديد، خاصة مع زياراته المتكررة للايف كوتش الدكتور طه عياد (خالد الصاوي) الذي يؤكد له دائما قدرته على التغيير إذا أراد.

ظهرت المبالغة بقوة أيضا في أداء خالد الصاوي وسماء إبراهيم التي تقوم بدور الدكتورة نجيبة المتخصصة في العلاج بالطاقة والأبراج والتأمل واليوغا. ورغم تلك المبالغة، فإنها بدت مقبولة إلى حد ما أو على الأقل متوقعة من ذلك الثنائي الذي أصبح منتشرا بقوة في السنوات الأخيرة، بخاصة على منصات التواصل الاجتماعي ومواقع التنمية الذاتية، والذي يصدّر أوهام التمكين.

ينتقد المسلسل تلك الأفكار الشائعة بطريقة غير مباشرة عندما يجد الدكتور طه عياد نفسه غير قادر على تنفيذ الأفكار التي يصدرها للجماهير، وغير مصدق لها تماما، وغير قادر على التحكم في غضبه وانفعالاته، وتنتابه أحيانا نوبات من الإحباط واليأس والرغبة في الانقطاع عن العالم الخارجي.

حميد الشاعري ونوستالجيا الشارة

جاءت كلمات “تتر” (شارة) المسلسل مناسبة تماما لحالة البطل ومشاعره وأفكاره وتلامست مع أفكار المشاهدين، بخاصة الذين شكّل صوت حميد الشاعري جزءا من تاريخ مراهقتهم وشبابهم، فدفعتهم الكلمات إلى حالة من النوستالجيا والحنين إلى الماضي.

كلمات أغنية الشارة كتبها تامر حسين ولحنها عزيز الشافعي، ومن توزيع نادر حمدي.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply