رفعت لجنة تداول السلع الآجلة في الولايات المتحدة (CFTC) دعوى قضائية في محكمة فدرالية في إلينوي بولاية شيكاغو، ضد شركة “بينانس هولدينغز” (Binance Holdings)، أكبر بورصة عملات رقمية في العالم، ورئيسها التنفيذي تشانغ بينغ جاو، بسبب مزاعم بانتهاك قواعد التداول والمشتقات.

واتهمت اللجنة “بينانس” بالالتفاف عمدا على اللوائح الأميركية، وهو ما يعتبر حلقة جديدة في الهجوم الذي أطلقه المنظمون -ولا سيما هيئة تنظيم السلع الآجلة، ولجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC)- ضد ممارسات العديد من منصات العملات المشفرة.

ونشرت هيئة تحرير موقع “لوتون” (Le Temps) السويسري تقريرا -بالتعاون مع وكالة الأنباء الفرنسية- أوضحت أن هيئات التنظيم الأميركية تسعى للتعويض عن عدم وجود تشريعات لتنظيم هذه الصناعة، حتى لو كانت هناك بعض النصوص قيد المناقشة في الكونغرس حاليا.

لا يتم احترام اللوائح الأميركية

وتقول لجنة تنظيم السلع الآجلة أن منصة “بينانس” محظورة من تسجيل وبيع بعض المنتجات المالية بالولايات المتحدة، وأنها تنصلت من التزاماتها، من خلال عدم التسجيل بشكل صحيح لديها.

والمعروف أن لدى اللجنة قواعد صارمة بشكل عام فيما يخص التداول، وتطلب من كل منصات تداول العملات المشفرة أن تقوم بالتسجيل لديها إذا سمحت للأميركيين بتداول منتجاتها المالية. ومنذ العام 2021، بدأت اللجنة تحقيقا معلنا بشأن ما إذا كانت “بينانس” قد فشلت في منع المقيمين بالولايات المتحدة من شراء وبيع مشتقات العملات المشفرة.

وتعد لجنة الرقابة على المشتقات واحدة من الهيئات الحكومية الأميركية العديدة التي تحقق في ممارسات “بينانس”، مثل دائرة الإيرادات الداخلية (IRS)، والمدعين الفدراليين الذين يقومون حاليا بفحص قاعدة الامتثال لمكافحة غسل الأموال بالمنصة، في حين تقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات بالتدقيق فيما إذا كانت البورصة قد دعمت تداول الأوراق المالية غير المسجلة.

وفور نشر الخبر غرد مؤسس “بينانس” المعروف بلقب “سي زد” (CZ) قائلا إنه عام 2023 “هناك ما يجب وما لا يجب عمله، تجاهل الخوف وعدم اليقين والشك والأخبار المزيفة والهجمات، وما إلى ذلك”.

وجاء بالدعوى المقدمة من رئيس لجنة تداول السلع الآجلة روستين بهنام أنه “على مدى سنوات، عملت بينانس بنشاط للحفاظ على سير أعمالها وتجنب الامتثال للوائح”. وأضاف “يجب أن يكون هذا تحذيرا للجميع في مجتمع الأصول الرقمية” مؤكدا أن الهيئة “لن تتسامح مع التجاوز المتعمد للقانون الأميركي”.

وقد أكدت لائحة الاتهام أنه بناء على تعليمات من “سي زد” فقد أوصت منصة “بينانس” موظفيها وعملائها بالالتفاف على اختبارات الامتثال (التنظيمية) لتعظيم أرباحها، وأن المنصة لم تطالب مستخدميها الأميركيين بإثبات الهوية، وفقا لما تتطلبه اللوائح المالية في البلاد.

وأشار التقرير أنه وفقا لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية عام 2019، يقدر المسؤولون التنفيذيون في “بينانس” أن هناك ما لا يقل عن 20% من عمليات التداول بالمنصة من مستثمرين أميركيين، في حين تدعي “بينانس” أنها قامت بما يجب لضمان عدم وجود عملاء أميركيين نشطين على المنصة، وأنها قامت بزيادة عدد الموظفين المخصصين للامتثال التنظيمي لهذا الأمر من 100- 750 فردا.

مجتمع التشفير يهتز

وفي تقرير -نشره موقع “بلومبيرغ” (Bloomberg) وحرره مجموعة من كتاب الموقع الاقتصادي المعروف- وصف تيم ماساد الرئيس السابق لـ “لجنة تداول العقود الآجلة للسلع” في مقابلة تلفزيونية لائحة الاتهام، قائلا “إنها مجموعة من الادعاءات القوية للغاية، إنهم يسعون للحصول على أمر قضائي دائم يمنع المتهمين (سي زد) شخصياً وكذلك بينانس من ممارسة النشاط بشكل أساسي في الولايات المتحدة، وعمليا من التسجيل أو الانخراط في معاملات السلع في البلاد”.

وقد خسرت “بي إن بي” (BNB) التابعة لمنصة “بينانس” وهي العملة الرقمية الرابعة على مستوى العالم أكثر من 6%.

وقد استخدم “سي زد” الحساب الرسمي لمنصة “بينانس” للرد على لائحة الاتهام وقال “لا تجري المنصة أي معاملات بهدف الربح أو التلاعب بالسوق تحت أي ظرف من الظروف”.

كما أكد “سي زد” في رده على التهم أنه يلتزم بصرامة سياسات التداول الخاصة بـ “بينانس” بما فيها المتعلقة بأي شخص لديه معلومات خاصة مثل تفاصيل الإدراج. وأوضح أنه لا يتوقع أن تكون كل الأمور سهلة، لكنه قال “نحن لا نتجنب التحديات”.

وأكد في تدوينة له أن “بينانس” جاهزة للدفاع بشدة في حال نشوب نزاع قانوني. في غضون ذلك، تواصل تطوير عملياتها العالمية بالأسواق الدولية الأكثر ملاءمة للعملات المشفرة.

وقد اختلف صناع التشفير في آرائهم حول تداعيات القضية الأميركية ضد أكبر منصة عالمية لتداول العملات المشفرة، وتأثيرها على الأسعار وصناعة التشفير ككل.

ونسب تقرير موقع “لوتون” إلى إيه جي نيلسون، رائد الأعمال ومنشئ منصة “راين” (Rain) تعليقه عبر تويتر “استبعد تداعيات حقيقية على الأصول المشفرة” جراء الدعوى القضائية، مشيراً إلى أن السوق كانت تعرف بالفعل أن “بينانس” تخضع للتحقيق.

ورغم أن هذا الاتهام يؤكد أن المنظمين الأميركيين ينظرون بعدائية إلى قطاع التشفير، فإنه وبافتراض أن أعمال “بينانس” لم تكن تعتمد بشكل كبير على المستثمرين الأفراد بالولايات المتحدة، فسيكون للقضية “تأثير محدود على أعمال الشركة”.

وأكد نيلسون أنه “ما من شك في أن القضية قد يكون لها تأثير كبير على أسواق التشفير، نهاية المطاف، لكن هذه المعارك يمكن أن تستمر لوقت طويل، وبالتالي فإن تأثيرها الفوري لا يفترض أن يكون قويا جدا”.

وأنهى الكاتب المقال بأن عالم التشفير لا يحتاج إلى أي اضطرابات إضافية بعد الانهيار الأخير لمنصة “إف تي إكس” الذي تسبب في هبوط بيتكوين والعملات الأخرى، خصوصاً من لاعب رئيسي مثل “بينانس” وأن مثل هذه الأحداث تتسبب في فقدان المستثمرين شهية المخاطرة والهروب من الأسواق والمراقبة عن بعد.


المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply