يجلس عبد الباقي العوض (50عاما) في بيته يستقبل المعزين بعد مضي أكثر من 10 أيام على كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق شمالي غربي سوريا.

ومع توافد المعزين، يواصل العوض ذرف الدموع كلما تذكر أحدا من أفراد عائلته الـ15 الذين فقدهم تحت الركام في منطقة عزمارين بريف إدلب الشمالي بالقرب من الحدود مع تركيا.

عبد الباقي العوض المهجر من ريف إدلب الجنوبي فقد ابنه وأسرته وابنته وأسرتها، إلى جانب فقد شقيقه وأسرته، حيث كانوا يقطنون في طوابق سكنية تدمرت فوق رؤوسهم، وأخرجوهم من تحت الركام جثثا هامدة بعد 4 أيام من الزلزال.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول العوض “أشعر وكأن جبلاً يجثم على صدري، فلا تمر دقيقة دون أن يمر شريط الذكريات لأتخيل كلماتهم وضحكاتهم”، ورغم محاولاته كتم حزنه أمام الناس، فإنه لا يتوقف عن البكاء، فالمصاب -كما يقول- جلل، إذ فقد 15 فردا من عائلته في لحظة واحدة دون سابق إنذار.

الحزن والأسى يرحل مع السوريين أينما ذهبوا (الجزيرة نت)

خبر الفاجعة

ويضيف أنه استيقظ صباحا بعد الزلزال ليخبره الجيران بسقوط المبنى فوق رؤوس أفراد عائلته، “ظننت في البداية أن جدارا واحدا سقط، وعندما وصلت إلى مكان سكنى أقاربي فوجئت بانهيار المبنى كاملا، ومن بداخله من أقاربي قد فارقوا على الأغلب الحياة”.

وتعرضت المناطق الحدودية مع تركيا في شمال إدلب على وجه التحديد لأضرار كبيرة، مما تسبب في سقوط مئات المباني فوق رؤوس ساكنيها ووفاة مئات المدنيين وإصابة الآلاف.

ونالت مدن حارم وعزمارين وسلقين وسرمدا وترمانين ومنطقة الأتارب وبعض القرى الواقعة على الشريط الحدود مع تركيا النصيب الأكبر من الدمار وعدد الضحايا.

أحمد حاج أحمد من مدينة الأتارب بالقرب من الحدود السورية مع تركيا، يوضح كيف فقد أفرادا من عائلته نتيجة الزلزال المدمر، ويقول إن الهزة حدثت عند الساعة الرابعة و17 دقيقة فجرا، وعمّ الخوف المكان ومعظم سكان البنايات لم يستطيعوا الخروج.

حقيبة لأحد الأطفال بقيت فوق ركام مبنى في ريف إدلب (الجزيرة نت)

ويضيف في حديث للجزيرة نت أنه في أحد الأبنية فُقد 20 شخصا وفي مبنى آخر 15 فردا، وتوفي من أولاد عمه 3، ويصف وضعه في تلك الأثناء بأنه كان مرتبكا وليس بمقدوره فعل شيء بسبب الذهول الذي ألمّ به، مشيرا إلى أن عدد الضحايا في الحي تجاوز 235 شخصا.

المكلومة فاطمة الحجي (50 عاما) تقول إن مأساتها تضاعفت بعد فقدانها ابنها مع عائلته جراء الزلزال واضطرارها للنزوح مع زوجها وباقي أولادها إلى مخيم للإيواء بالقرب من مدينة إدلب.

تتحدث فاطمة للجزيرة نت بلوعة عن لحظات فقدان الأمل ببقاء ابنها على قيد الحياة مع عائلته، مؤكدة أنها ترجت عناصر الدفاع المدني لإنقاذه حتى لو لدقيقة واحدة لتراه وتودعه.

وتضيف: لم أجد سوى ثيابه وبعض أمواله وألعاب أطفاله، احتفظت بها جميعا، وسأبقى أتذكرهم وأذرف عليهم الدموع للأبد.

حالة نفسية صعبة

ودخل العديد من ذوي العائلات التي قضت تحت الأنقاض في حالة نفسية صعبة للغاية، حيث التزموا الصمت طيلة الأيام الماضية ورفضوا الحديث مع الناس، مع دخول بعضهم في حالة من البكاء الهستيرية.

وإزاء ذلك، يقول مسعف السلامة مدير مركز وباحث في الذكاء العاطفي شمالي سوريا إن هؤلاء الأشخاص الذين فقدوا عائلتهم بالكامل أو فردا من الأسرة سيمرون بصدمة نفسية حادة، يمكن أن تتدرج على مراحل، منها مرحلة المقاومة، وبعض الأشخاص سيمرون بمرحلة التسليم بالواقع ويعودون للحياة بشكل طبيعي من خلال التكيّف مع الناس وممارسة الحياة بشكل جيد.

ولفت مسعف السلامة، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الحالة النفسية للمصدومين غالبا ما تؤدي إلى دخولهم في حالة اكتئاب حادة قد تقتصر على فترة محددة أو تمتد إلى مدة طويلة.

ورجح السلامة أن يصبح هذا الاكتئاب مزمنا إذا لم يتعاف الشخص من الصدمة مبكرا، التي تؤدي إلى حالات متعددة منها حدوث هلوسات سمعية وبصرية، مما قد ينعكس على المصاب فيصبح غير قادر على التمتع بالحياة الاجتماعية.

وعن علاج هذه الحالات والحد من خطورتها، أكد السلامة أن العلاج قد يكون عن طريق التدخل المبكر والحرص على توسيع دائرتهم الاجتماعية، كما يحتجون للإسعاف النفسي الأولي أيضا، إذ يحتاج المريض إلى دعم نفسي اجتماعي كبداية للعلاج.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply