صادرت إسرائيل منذ احتلال عام 1967 حتى الآن 35% من أراضي شرقي القدس بحجة استخدامها “للمصلحة العامة”. وصنّفت 87% من المساحة المتبقية كأراضٍ خضراء يُمنع البناء عليها، وبذلك بقيت مساحة الأراضي المخصصة للبناء للمقدسيين 13% فقط.

القدس المحتلة- يحلّ يوم الأرض -الذي يحييه الفلسطينيون في 30 مارس/آذار منذ عام 1976- ثقيلا على أهالي القدس المحتلة المكتوين بنار مصادرة أراضيهم وعقاراتهم منذ عقود. وما زالوا يرزحون تحت أعتى نظام فصل عنصري يُجرّدهم يوميا من ملكياتهم بقوة الاحتلال وقوانينه المجيرة لصالح المستوطنين.

فمنذ احتلال شرقي القدس، عقدت إسرائيل العزم على عدم الانسحاب منها، ومباشرة بعد أيام اجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة ليفي إشكول (11 يونيو/حزيران 1967) لتبحث مستقبل المدينة.

وأيّد معظم وزراء الاحتلال “ضمّ” شرقي القدس، فأوكلت حكومتهم إلى لجنة وزارية مهمة صياغة اقتراح لحل المشكلات القضائية والإدارية الناجمة عن قرار “الضم”.

ونوقشت في الشهر ذاته 3 مشاريع قوانين، وأُقرت سريعا، وهي:

– تعديل أنظمة السلطة والقضاء.
– تعديل قانون البلديات.
– المحافظة على الأماكن المقدسة.
وبعد شهرين أُقر قانون لم يكن أقل خطورة وهو “قانون التسويات القضائية والإدارية”.

وخصص الباحث القانوني والمحامي الفلسطيني أسامة حلبي في كتابه “الوضع القانوني لمدينة القدس ومواطنيها العرب” فصلا كاملا للحديث عن تثبيت الضم وتكريسه وتعامل إسرائيل مع القدس كمدينة “موحدة وعاصمة” لها.

وجاء في بند “مصادرة الأرض وبناء المستعمرات اليهودية” أن الحكومة الإسرائيلية لجأت في الأعوام الثلاثة الأولى بعد الاحتلال إلى خطوات إدارية لفرض الأمر الواقع وتثبيت وجودها وسيادتها، فتوقف العمل بموجب القوانين الأردنية، وانطلقت موجة مصادرات هائلة من خلال وزارة المالية الإسرائيلية بذريعة “الاستملاك للمصلحة العامة”.

صورة تظهر بلدة جبل المكبر في القدس وفيها مساحات خضراء يمنع البناء عليها وأراض مصادرة ومنازل مهددة بالهدم (الجزيرة)

مصادرة بقوة الاحتلال

في الفترة الواقعة بين عامي 1968 و1970 تمت مصادرة ما مجموعه 17 ألف دونم من أراضي القدس، وأقيمت عليها المستعمرات التالية:

  • التلة الفرنسية: أقيمت على أراضي كرم اللويز، ومنطقة أرض السمار وهي امتداد لأراضي قرية لفتا المهجرة.
  • رمات إشكول: أقيمت على أراضي منطقة البياض والمنطقة الحرام (المنطقة الفاصلة بين حدود عامي 1948 و1967).
  • معلوت دفنا: أقيمت على أراضي حي الشيخ جراح.
  • النبي يعقوب: أقيمت على أراضي بلدة بيت حنينا.
  • راموت: أنشئت على أراضي قرى لفتا وبيت إكسا وبيت حنينا.
  • تلبيوت مزراح: أقيمت على أراضي بلدتي صور باهر وجبل المكبر.
  • جيلو: أقيمت على أراضي بلدة بيت صفافا.
  • عطروت: أقيمت على أراضي كل من بلدة الرام وقلنديا وبيت حنينا وخصصت كمنطقة صناعية.

ويضاف إلى هذه المستعمرات أراضٍ أخرى صودرت وصُنفت كمساحات خضراء يمنع البناء عليها وأحياء يهودية صغيرة أخرى بُنيت بقوة الاحتلال.

وبعد استنفاد إمكانيات البناء في أغلبية المساحات المصادرة، عادت سلطات الاحتلال وصادرت المزيد من الأراضي في بداية الثمانينيات، فاستولت عام 1980 على ما مساحته 4400 دونم من أراضي بلدتي شعفاط وبيت حنينا وبنت عليها لاحقا مستعمرة “بسغات زئيف”.

وفي عام 1982 صادرت 137 دونما لتضاف إلى المنطقة الصناعية في “عطروت”، وبالتزامن، استمرت إسرائيل في نشاطها الإعلامي للتأكيد على أن القدس “موحدة وعاصمة أبدية” لها.

ولم يتوقف هذا النهج بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، إذ استمرت حكومة الاحتلال في تثبيت سيادتها على القدس الذي يسعى الفلسطينيون لتكريس الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم.

أهداف أمنية وديمغرافية

وكان الهدف من ذلك وفقا للمحامي أسامة حلبي، تقوية الوجود اليهودي ومنع امتداد سكاني عربي في المنطقة من جهة، وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها بوجود “القدس الكبرى” بينهما، من جهة أخرى.

ورُسمت حدود المنطقة التي تقرر ضمها لإسرائيل من شرقي القدس بناء على منظور أمني، سعى منذ احتلال المدينة إلى ضمان السيطرة على رؤوس التلال ومرور خط الحدود عبر أودية دفاعية.

يقول مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي للجزيرة نت إن إسرائيل صادرت منذ عام 1967 حتى الآن 35% من أراضي شرقي القدس بحجة استخدامها “للمصلحة العامة”، بما يعادل 24 كيلومترا.

بالإضافة لذلك فإن 87% من المساحة المتبقية صنّفتها إسرائيل كأراضٍ خضراء يُمنع البناء عليها أو صادرتها لإقامة شوارع، وبذلك بقيت مساحة الأراضي المخصصة للبناء للمقدسيين هي 13% فقط.

3-أسيل جندي، القدس، فلسطين، صورة عامة تظهر بها منازل وأراضي بلدة جبل المكبر في القدس ويظهر بالصورة مساحات خضراء يمنع البناء عليها وأراض مصادرة لصالح مشاريع استيطانية(الجزيرة نت).JPGJPG
بسبب المصادرات وسياسات التهجير المستمرة في القدس منذ احتلالها لم يتبق لأهلها سوى 13% من أرض مخصصة للبناء فقط (الجزيرة)

مصادرة وضم أراضي الضفة

مقابل ذلك بُنيت داخل حدود بلدية الاحتلال 15 مستوطنة يعيش فيها الآن 230 ألف مستوطن شرقي القدس، وفقا للتفكجي.

ووفق منظمة بيتسيلم الحقوقية، فإن إسرائيل ضمّت في ينونيو/حزيران 1967 نحو 70 ألف دونم من أراضي الضفة إلى مسطح نفوذ بلدية القدس، وطبّقت فيها القانون الإسرائيلي مخالفة بذلك القانون الدولي.

وتجاوزت الأراضي التي ضمّتها إسرائيل مساحة شرقي القدس بكثير، إذ كانت تمتد على نحو 6 آلاف دونم فقط، لكن المساحة الجديدة اشتملت على ما يقارب 64 ألف دونم إضافية معظمها أراضٍ تتبع لـ 28 قرية فلسطينية في الضفة الغربية، وبعضها يتبع نفوذ بلديتي بيت لحم وبيت جالا جنوبا.

وكان بناء جدار الفصل العنصري منذ عام 2002، أداة أساسية إضافية للسيطرة على مزيد من الأراضي، وفي القدس شكل الجدار سدّا محكما بين المدينة وبقية مناطق الضفة الغربية.

وما زال خطر مصادرة الأراضي والعقارات شبحا يطارد المقدسيين بعد استنزاف ممتلكاتهم في شرقي المدينة على مدار 55 عاما من الاحتلال.

ولعلّ الكابوس الأكبر يطارد سكان حي الشيخ جراح وبلدة سلوان إما لصالح بناء وتوسيع مشاريع استيطانية بعد هدم منازلهم، أو الاستيلاء على العقارات عبر طرد المقدسيين وإحلال المستوطنين مكانهم.

ويهدد خطر التهجير القسري نحو ألفي مقدسي في حي الشيخ جرّاح، ونحو 7500 فرد يعيشون في 6 أحياء ببلدة سلوان جارة المسجد الأقصى.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply