عبر الأهالي والنازحون في “لفيف” عن تشاؤمهم من تداعيات القصف الأخير على عمل محطات الوقود، في ظل إغلاق عدد كبير منها، ومع سياسة التقنين التي تتبعها المحطات الباقية، إلى جانب الخوف من موجة لجوء جديدة إلى أوروبا.

لفيف- “الحرب وصلت..” بهذه الكلمات المقتضبة علق أندريه سادوفي، عمدة “لفيف” غرب أوكرانيا، على استهداف القوات الروسية مستودعا للوقود في منطقة صناعية بعمق المدينة التي كانت حتى الأمس القريب “أكثر مدن أوكرانيا أمنا وأمانا”.

ومن كييف إلى “لفيف” انتقلت معظم البعثات الدبلوماسية، وقدّرت وسائل إعلام محلية أعداد النازحين إليها بالمليون، وتجاوزت بذلك عدد سكان المدينة الأصليين البالغ نحو 725 ألفا.

وكانت الساعات، التي عاشتها “لفيف” مساء السبت، كفيلة بتغيير وجه هذه المدينة، إن صح التعبير، وكذلك نظرة الكثير من سكانها والمقيمين فيها إلى مجريات الأحداث، والاقتناع بأن الحرب باتت قريبة منهم، وقد طرقت بابهم فعلا.

عائلات يقدر عدد أفرادها بمليون شخص تغادر العاصمة الأوكرانية إلى “لفيف” هربا من الحرب (رويترز)

ذعر وصلوات للنجاة

عندما دوّت صفارات الإنذار مساءً وقبل القصف، استمرت حركة الناس في الشوارع كالمعتاد، لكن أصوات الانفجارات وهلع قوات الأمن والإطفاء والإسعاف، والهرب إلى أحد المستودعات المستهدفة، غيرت الحال سريعا، ودفعتهم إلى العودة لبيوتهم ومساكنهم، أو بحثا عن ملاجئ قريبة.

وزاد من حالة الذعر تكرار دوي صفارات الإنذار، ودعوات حازمة إلى التزام الملاجئ شددت على أن خطر تكرر عملية القصف لا تزال قائمة.

في سوق للتحف والهدايا التذكارية وسط المدينة، تسمّرت إحدى البائعات في مكانها بينما كان الآخرون يجمعون البضائع بذعر على عجل، وبدأت البائعة صلاة وأدعية على المذهب الكاثوليكي المنتشر بالمدينة طلبا للنجاة والحماية.

وفي مطعم مجاور، خرج الموظفون متفرقين هربا، لكن اللافت أن كلهم كان يصلي بعد الخروج، ويضع يده على واجهة المطعم، طلبا أن يبقى مصدر رزقه سالما.

صدمة وهواجس النازحين

استمرت عملية إطفاء الحرائق في المستودع المستهدف بالمدينة حتى ساعات صباح الأحد، حيث توجّه السكان بكثافة إلى الكنائس كعادتهم، لاسيما وأن مناطق الغرب الأوكراني تعتبر -نسبيا- أكثر تديّنا.

وخُصص قداس الأحد لطلب المغفرة والنجاة ووقف الحرب. وبعد انتهائه، قالت ابنة المدينة نتاليا للجزيرة نت “لم أنم بهدوء. كنت خائفة بفعل الصدمة. هذه الأجواء لم أشهدها من قبل، ولم أكن أستطيع تخيلها واقعا في أحاديث جدتي التي عاشت الحرب العالمية الثانية”.

وصحيح أن مركز المدينة بدأ ينتعش شيئا فشيئا بأعداد السكان بعد ذلك، لكن أحاديث معظمهم كانت تدور حول ما حدث، وما إذا كانت نقطة نهاية أم بداية لما هو أسوأ، وكيف سينعكس ذلك على حياتهم، بين محليين ونازحين.

وحتى اليوم، تفرض السلطات حظر التجول في المدينة من العاشرة ليلا حتى السابعة صباحا، ولهذا لم يشعر السكان بأي قيود تذكر، مقارنة مع فترات حظر أطول، وأخرى تستمر عدة أيام في بعض المناطق الساخنة.

يقول سيرهي وهو نازح عن منطقة سومي شمالي البلاد “أتخيل انطباع ومشاعر خيبة الأمل التي انتابت الواصلين أمس إلى لفيف هربا من القصف، عندما استقبلتهم هنا مشاهد النيران قريبا من خطوط السكك الحديدية”.

وأضاف للجزيرة نت “آمل أن يكون قصف الأمس لتسجيل الحضور الروسي، في هذه المنطقة فقط، وألا يتطور إلى ما هو أسوأ وأخطر”.

وتابع “أين سيكون المأوى بعد لفيف. لم أرغب بالنزوح أصلا، ولا أتخيل أني قد أضطر بعده لفراق أسرتي، وترحيلها إلى أوروبا”.

Lviv Remains Relative Haven Despite Russia's Increasing Attacks In West
أحد الميادين وفرار من الحرب قبل أن يطال “لفيف” القصف مؤخرا (غيتي إيميجز)

أزمات طاقة متوقعة

في هذه الأثناء، عبر الكثير من السكان في “لفيف” عن تشاؤمهم من تداعيات القصف الأخير على عمل محطات الوقود، في ظل إغلاق عدد كبير منها، ومع سياسة التقنين التي تتبعها المحطات الباقية.

كما يخشى أهالي المدينة والنازحون إليها من زيادة أسعار الوقود والسلع عموما، وإجراءات إدارية أكثر صرامة تمحو الفارق في الأوضاع في “لفيف” فتصبح كغيرها من المناطق الخائفة والمتأهبة.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply