أعادت عملية بئر السبع التي نفذها فلسطيني من البدو في صحراء النقب إلى الأذهان دور فلسطينيي الـ48 في دعم وإسناد صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والتمسك بمشروع التحرر الوطني وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، بحسب ما تنص عليه المواثيق والقرارات الدولية.

لم يكن مشروع التحرر الوطني الذي آمن به فلسطينيو الـ48 مجرد شعارات وكلمات، بل كان في صلب مبادئهم وعقيدتهم الوطنية، وذلك على الرغم من فرض السلطات الإسرائيلية الحكم العسكري عليهم بعد النكبة.

وقفة احتجاجية قبالة معتقل مجدو إسنادا للأسرى (الجزيرة)

معركة طويلة

ـ أتت حرب يونيو/حزيران 1967 واحتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان لتكسر حاجز الخوف لفلسطينيي الـ48 ليعيدوا تواصلهم وعلاقاتهم بالبيئة والمحيط الفلسطيني، فانخرط العشرات منهم في صفوف المقاومة الفلسطينية تحت مظلة فصائل منظمة التحرير، فيما أضحت الحركة الوطنية بوصلة النضال لفلسطينيي الـ48.

ـ ما بين تنظيم الذات سياسيا واجتماعيا وخوض معركة تحصيل الحقوق المدنية ومواجهة العنصرية والتمييز والاضطهاد الإسرائيلي، وخوض معركة البقاء والصمود بالوطن ودعم نضال الشعب الفلسطيني بالتحرر والاستقلال دفع المئات منهم ثمن الحرية وزج بهم في السجون الإسرائيلية لمجرد التضامن مع القضية الفلسطينية.

ـ خاض فلسطينيو الـ48 معركة طويلة في مواجهة مخططات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الهادفة لاقتلاعهم والتضييق عليهم ودفعهم إلى الهجرة القسرية، إذ دفعوا ثمن ضريبة الدم في يوم الأرض وأيضا بتفجير الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أكتوبر/تشرين الأول 2000.

الأسرى القدامى الذي شاركوا في عمليات مسلحة ضد جنود من الجيش الإسرائيلي (الجزيرة)

أبرز العمليات

في ما يلي أبرز العمليات التي نفذتها فصائل المقاومة، إذ برز حضور ودور شبان من فلسطينيي الـ48 بالعمليات، خاصة المسلحة منها:

ـ 15 فبراير/شباط 1992: نفذت عملية معسكر “جلعاد”، وأسفرت عن مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 7 آخرين، واغتنام أسلحتهم، وقام بتنفيذها الأسير إبراهيم إغبارية وشقيقه الأسير محمد من بلدة مشيرفة (قضاء أم الفحم).

ـ كما شارك في تنفيذ العملية إلى جانب الشقيقين المذكورين الأسير محمد جبارين من أم الفحم والمحكوم مدى الحياة، والأسير يحيى إغبارية من مشيرفة، والذي يقضي بالسجن المؤبد 3 مرات، بالإضافة إلى 15 سنة.

ـ عام 2001: اعتقلت لينا جربوني من عرابة البطوف في الجليل، وخضعت لاعتقال قاس في معتقل الجلمة، وذلك للتحقيق معها في حينه بشبهات انضمامها للمقاومة بصفوف الجهاد الإسلامي، وتمت إدانتها في محكمة إسرائيلية والحكم عليها بالسجن الفعلي لمدة 17 عاما.

ـ 4 أغسطس/آب 2002: وقعت عملية صفد “تقاطع ميرون”، إذ غادرت حافلة “إيجد” رقم 361 حيفا باتجاه صفد وكانت مليئة بالجنود الإسرائيليين في طريقهم إلى القواعد العسكرية، حيث استقل مسلح الحافلة قرب “كرمئيل”، وعند محطة حافلات مفترق “ميرون” فجر المسلح نفسه، وكان في الحافلة 50 راكبا، أغلبيتهم من الجنود، وأسفرت العملية عن مقتل 6 يهود وإصابة 38 راكبا بجروح متفاوتة.

ـ عقب العملية اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ياسين بكري من بلدة البعنة في الجليل، وتمت إدانته مع ابن عمه إبراهيم بكري بنقل منفذ عملية صفد، وحكم عليهما بالسجن لمدة 9 مؤبدات، بالإضافة إلى 30 عاما.

ـ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2003: عملية تفجير في مطعم “مكسيم” بمدينة حيفا أسفرت عن مقتل 21 إسرائيليا، فيما أصيب 51 آخرون بجروح متفاوتة.

ـ قضت المحكمة المركزية في حيفا بالسجن 10 سنوات على جمال محاجنة من أم الفحم بعد إدانته بنقل هنادي جرادات التي نفذت العملية، كما قضت بسجن محاجنة على الرغم من إقرار النيابة العامة الإسرائيلية بأنه لم يكن يعلم بنوايا هنادي بتنفيذ عملية تفجير.

ـ 12 يوليو/تموز 2005: عملية تفجير في مبنى المجمع التجاري ببلدة نتانيا أسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين وجرح 40 شخصا.

ـ قضت محكمة إسرائيلية بالسجن 13 عاما على سيف عبد القادر عازم من مدينة الطيبة، وعلى عبد أبو مخ من باقة الغربية بعد إدانتهما بنقل منفذ العملية.

ـ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2005: تنفيذ عملية تفجير في سوق الخضيرة أسفرت عن مقتل 6 إسرائيليين وإصابة 30 مواطنا بجروح متفاوتة.

ـ قضت المحكمة المركزية في حيفا السجن 17 عاما على فكري منصور من بلدة جت المثلث بعد إدانته بنقل منفذ العملية.

ـ فبراير/شباط 2005: حكمت المحكمة المركزية في تل أبيب بالسجن 5 مؤبدات يضاف إليها 20 عاما على أشرف قيسي من مدينة باقة الغربية في المثلث، وذلك بعد إدانته بنقل منفذ عملية التفجير التي وقعت في النادي الليلي “ستيج” في تل أبيب، وأسفرت العملية عن مقتل 5 إسرائيليين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، فيما أحدثت شدة الانفجار أضرارا بالغة في النادي والمباني المحيطة به، كما أدين بالمشاركة في عمليات للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ـ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015: تنفيذ عملية دعس وطعن في “غان شموئيل” قرب الخضيرة أسفرت عن إصابة 4 إسرائيليين بجروح متفاوتة، بينها إصابة خطيرة لمجندة بالجيش الإسرائيلي.

ـ السجن 25 عاما للشاب علاء زيود من أم الفحم بعد إدانته بتنفيذ العملية.

ـ 14 يوليو/تموز 2017: في أعقاب اشتباك مسلح في ساحات الحرم القدسي الشريف وقع هجوم أطلق عليه “عملية الأقصى”، وأسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين واستشهاد منفذي الهجوم الثلاثة من سكان مدينة أم الفحم وهم: محمد أحمد جبارين، ومحمد حامد جبارين، ومحمد مفضل جبارين.

ـ 17 أغسطس/آب 2018: استشهاد الشاب أحمد محاميد من أم الفحم بنيران شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن شرطي لدى خروجه من ساحات الأقصى عبر باب المجلس، إذ تجمع أفراد الشرطة ثم تعارك معهم، قبل أن يتم إطلاق النار عليه، مما أدى لاستشهاده على الفور.

ـ 6 فبراير/شباط 2020: استشهاد الشاب شادي بنا من مدينة حيفا بزعم تنفيذ عملية إطلاق نار عند باب الأسباط بالقدس القديمة، وأسفرت العملية عن إصابة أحد جنود الاحتلال بجروح، حيث تمت مطاردته من قبل عناصر شرطة الاحتلال الذين قاموا بإطلاق النار عليه، مما أدى لاستشهاده.

ـ 22 مارس/آذار 2022: عملية بئر السبع أسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين (رجل و3 نساء)، وأصيب آخرون جراء عملية دعس وطعن نفذت في مدينة بئر السبع، فيما استشهد منفذ العملية ويدعى محمد غالب أحمد أبو القيعان من بلدة حورة في النقب جراء إطلاق النار عليه من قبل سائق حافلة.

الأسرى القدامى من فلسطينيي الـ48

ـ أكثر من 150 أسيرا من فلسطينيي الـ48 ما زالوا يقبعون بالسجون الإسرائيلية ويقضون عقوبات تتراوح بين 10 و20 سنة، وذلك لمجرد إسنادهم نضال الشعب الفلسطيني، وقد أدينوا بتهم أمنية والمشاركة في المقاومة وتقديم المساعدة للفصائل الفلسطينية.

ـ هناك أيضا الأسرى القدامى من فلسطينيي الـ48 والبلغ عددهم 14 أسيرا، أقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس من بلدة عرعرة -عارة في المثلث والمعتقلان منذ عام 1983، وجلهم معتقلون ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عام 1993.

فعاليات في أم الفحم مساندة للحركة الأسيرة وتطالب بالإفراج عن الأسرى القدامى (الجزيرة)

ـ شارك جميع الأسرى القدامى في عمليات مقاومة مسلحة ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكانوا من الرعيل الأول من فلسطينيي الـ48 الذين انخرطوا في المقاومة الفلسطينية المسلحة بالداخل في مطلع ثمانينيات القرن الماضي.

ـ يعاني الأسرى من فلسطينيي الـ48 -خاصة الأسرى القدامى وعائلاتهم كذلك- وبإيعاز من المستوى السياسي الإسرائيلي ومختلف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من التمييز والسياسات العنصرية المضاعفة، إذ استثنتهم تل أبيب من أي صفقات تبادل مع المقاومة الفلسطينية ومنعت إدراجهم في قوائم من يفرج عنهم من الأسرى بذريعة أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية.

جدارية تذكارية عند مدخل منزل عائلة يونس التي تتوق لحرية كريم وماهر (الجزيرة)

ـ على رأس قائمة الأسرى القدامى يتربع كريم يونس الملقب بـ”عميد الأسرى” الفلسطينيين، والذي قضى أكثر من 40 عاما وراء القضبان وما زال بموجب حكم بالسجن مدى الحياة بتهمة اختطاف وقتل جندي إسرائيلي في يناير/كانون الثاني 1983.

وقفة إسناد قبالة سجن جلبوع إسنادا لعميد الأسرى كريم يونس (الجزيرة)

وإلى جانبه تخطى ابن عمه ماهر يونس عامه الـ40 في السجن، والذي يقضي حكما مؤبدا بالتهمة ذاتها.

ـ ويضاف إلى قائمة الأسرى القدامى الأسير وليد دقة من باقة الغربية المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ 25 مارس/آذار 1986 بعد اتهامه بعملية أسر الجندي الإسرائيلي موشي تمام عام 1984 وقتله.

ـ قام الأسير دقة بهذه العملية برفقة الأسرى إبراهيم بيادسة وإبراهيم أبو مخ، وصالح أبو مخ الذي تحرر من الأسر في أبريل/نيسان 2021 بعد أن قضى في غياهب السجون الإسرائيلية 35 عاما.

ـ الأسير أحمد أبو جابر من سكان مدينة كفر قاسم محكوم بالمؤبد و10 سنوات، وقد اعتقل في 8 يوليو/تموز 1986، وذلك بعد أن اتهمه بقتل جندي إسرائيلي وعميل للاحتلال، وهو متزوج ولديه 3 أبناء، وكان عمر أصغرهم شهرا حين تم اعتقاله.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply