القاهرة- يستعد فريق طلابي مصري، من كلية الهندسة بجامعة أسيوط، للمشاركة في مسابقة عالمية للمركبات في الولايات المتحدة الأميركية بعد نجاحه في صناعة وتطوير نموذج طائرة بدون طيار RC Plane.

الإمكانات البسيطة والصعوبات العديدة لم تمنع أعضاء الفريق -الذي يحمل اسم فلايت إكس (Flight-X)- من السعي نحو تحقيق هدفهم في صناعة طائرة بدون طيار يمكنها المنافسة في المسابقات الدولية، رافعين شعار “الرحلة العظيمة تبدأ بخطوة بسيطة”.

وبعد أشهر من العمل الجاد، نجح هؤلاء الطلاب التسعة -الذين يدرسون في سنوات مختلفة بقسمي الميكانيكا والميكاترونيكس بالكلية نفسها- في الانتهاء من صناعة نموذج طائرة لا يزيد وزنها على 6 كيلوغرامات وقادرة على حمل وزن مقارب لوزنها، بمكونات محلية باستثناء المحركات التي لا تصنع في مصر.

وفي مطار الهيئة العربية للتصنيع بحلوان كان الحلم يتحقق واقعا، حيث جرى تجربة الطائرة قبل أيام تحت إشراف طيار متخصص من القوات الجوية، ونجحت التجربة دون حدوث أي تلف في الطائرة، وفق تصريحات الفريق على صفحتهم على فيسبوك.

 

وأعلنت جامعة أسيوط، الأسبوع الماضي، أن الفريق الطلابي تأهل رسميا للمشاركة في المسابقة الدولية للمركبات “SAE Aero Design West” التي تنظمها الجمعية الأميركية للمركبات بكاليفورنيا في أبريل/نيسان المقبل، مع الأمل في تحقيق مركز متقدم بين الفرق المشاركة.

وحظي الإعلان عن مشاركة الفريق الطلابي المصري في المسابقة الدولية بإشادة واسعة من رواد منصات التواصل، وسط دعوات لمزيد من الاهتمام بالطلاب المبتكرين، وزيادة الدعم المقدم لهم للحفاظ على العقول المصرية النابغة والاستفادة منها محليا بدلا من دفعها للهجرة وتقديم أفكارها لدول أخرى.

وقارن البعض بين المكافآت الهزيلة والتمويل الضعيف -الذي يحصل عليه النوابغ والمبتكرون- مقارنة بالأموال الطائلة التي تتدفق على لاعبي الكرة والممثلين والمغنين.

عقول مبتكرة

فرق طلابية مصرية عديدة سبقت “فلايت إكس” بالمشاركة في مسابقات دولية بمشروعات متنوعة شملت سيارات موفرة للطاقة ومركبات استكشاف في الطرق الوعرة وبرمجيات وروبوتات وحتى الصواريخ، ونجح بعضها في حصد مراكز متقدمة في المنافسات.

ففي العام الماضي، نجح أيضا فريق من طلاب كلية الهندسة جامعة أسيوط في تحقيق المركز الـ 23 بمسابقة (Human powered vehicle) في الولايات المتحدة لتصميم وتصنيع مركبات تعمل بالطاقة البشرية، وقد شاركت فيها فرق طلابية تمثل 79 جامعة حول العالم.

وشارك الفريق المصري (ASME Assuit) بمركبة تعمل بالمجهود البشري عن طريق حركة القدمين (بدال) بدلا من استخدام الوقود، ويمكنها السير بسرعات عالية تصل إلى 70 كيلومترا في الساعة.

وقد تمكن فريق طلابي من كلية الهندسة بالجامعة البريطانية من ابتكار ذراع صناعي خفيف الوزن يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، ويتم التحكم فيه عن طريق إشارات المخ وضغط الهواء.

وحصل ابتكار الفريق على المركز الثاني بمسابقة البحث الافتراضية في أبو ظبي العام الماضي، بمشاركة 315 فريقا من 85 جامعة على مستوى الشرق الأوسط، كما استطاع الوصول للعشرة الأوائل بمسابقة “ديل” التي يتنافس بها عدة مشروعات على مستوى العالم.

وفي أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، نجح فريق من طلاب كلية العلوم في الفوز بالميدالية البرونزية في المسابقة العالمية للهندسة الوراثية IGEM بمشروع يقوم على تطوير طريقة لتحلية المياه باستخدام كائنات دقيقة آمنة تكون بديلا لوسائل التحلية المكلفة التي تستهلك طاقة كبيرة وتكون ضارة بالبيئة.

وفي مارس/آذار 2021، فاز فوز فريق من كلية الهندسة جامعة القاهرة بالميدالية البرونزية، في معرض جنيف الدولي للاختراعات بدورته الاستثنائية، عن ابتكارهم سيارة سباق كهربائية.

وقد سبق لفريق طلابي من كلية الهندسة بجامعة القاهرة المشاركة عام 2015 في مسابقة دولية لهندسة الصواريخ أقيمت بالولايات المتحدة، ونجح في إطلاق صاروخ صغير واستعادته سليما، وحصل على جائزة مخصصة لروح الفريق (Team Spirit Award).

النماذج القليلة السابقة جزء يسير من عشرات المشروعات التي ينفذها الطلاب المصريون سنويا، وتنتظر من يدعمها لتتحول إلى صناعة وطنية وليست مجرد مشروعات تصبح لاحقا مجرد ذكرى لأصحابها.

معوقات وصعوبات

ويعاني البحث العلمي بشكل عام في مصر من العديد من المعوقات التي يأتي على رأسها ضعف التمويل، وعزوف القطاع الخاص عن المشاركة في تمويل مشروعات البحث العلمي.

وتحتل مصر المركز الـ 94 في مؤشر الابتكار العالمي عام 2021 من بين 132 دولة، وهو مؤشر تصدره المنظمة العالمية للملكية الفكرية لقياس مستوى الابتكار في الدول.

كما جاءت في المركز الـ 53 من بين 154 دولة في مؤشر المعرفة العالمي لعام 2021 (صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة).

وأظهر مؤشر المعرفة الدولي وجود صعوبات تواجه قطاع البحث والتطوير والابتكار في مصر التي احتلت المركز الـ 58 بهذا القطاع.

وبينما احتلت مصر المركز الـ 31 في نسبة الخريجين من برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وجاءت بالمركز الـ 44 في عدد الباحثين لكل ألف فرد من القوى العاملة، وحققت المركز الـ 13 بالنسبة المئوية لحجم العمالة المهارة. ولكنها جاءت متأخرة في نسبة وجود شركات تنفق على البحث والتطوير (المركز الـ 119) وفي نسبة عائد حقوق الملكية التجارية من مجموع التجارة (المركز الـ 117)

هذا وقد أصدر معهد التخطيط القومي دراسة في مايو/أيار 2020 بعنوان “أزمة كورونا وإعادة توزيع وتوجيه مخصصات البحث العلمي في مصر” رصد فيها أبرز التحديات التي تواجه البحث العلمي في هذا البلد، وجاء على رأسها ضعف البنية التحتية والمعلوماتية اللازمة لتطوير البحث العلمي، وضعف الإنفاق على البحوث والتطوير، وإحجام أصحاب الأعمال والقطاع الخاص عن تدعيم البحث العلمي.

التمويل والدعم

ينص الدستور المصرى في مادته رقم 23 على رعاية الدولة للباحثين والمخترعين، وتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي، لا تقل عن 1% من الناتج القومي الإجمالي، توجه للبحث العلمي.

وقد بلغ حجم مخصصات البحث العلمي بالموازنة العامة للدولة وفق التصريحات الرسمية 64 مليار جنيه (حوالي 4 مليارات دولار) بالموازنة الحالية 2021/ 2022، إلا أن هذا لا يعبر بشكل دقيق عن الإنفاق على البحث العلمي، وفق مراقبين، حيث يذهب الجزء الأكبر من هذه الأموال إلى بنود مثل الأجور.

وبحسب تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار في مايو/أيار الماضي، أثناء استعراض مشروع موازنة الوزارة للسنة المالية 2021/ 2022 أمام لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فإن الأجور والاستثمارات تستحوذ على نحو 81% من موازنة الوزارة.

ورغم وجود العديد من المؤسسات الحكومية المنوط بها دعم وتطوير البحث العلمي وخاصة المعنية بالطلاب والشباب مثل صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ، فإنها لم تحقق تأثيرا ملموسا حتى الآن.

وقد ذكر تقرير صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه يعمل على تقييم 54 فكرة ابتكار مقدمة للصندوق لمنحها الدعم والتمويل اللازمين للوصول بها إلى الأسواق، ولكن لم يعرف بعد مصير هذه المشروعات ولا يذكر الموقع الرسمي للصندوق أي معلومات جديدة بشأنها.

وأعلن الوزير عبد الغفار، الخميس الماضي، أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ستقدم العام المالي الحالي 26 مليون جنيه (1.66 مليون دولار) لدعم 594 مشروع تخرج من بين 1300 مقترح قدم للحصول على الدعم عبر برنامج “مشروعي بدايتي” بمتوسط 44 ألف جنيه (2800 دولار) للمشروع الواحد.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply