قالت صحيفة “تلغراف” (The Telegraph) البريطانية إنه من خلال ملكية العائلة الحاكمة في أبو ظبي لمجموعة “سيتي فوتبول” البريطانية وسباق جائزة أبو ظبي الكبرى للسيارات واستضافة دبي لمجموعة كبيرة من الأحداث الرياضية البارزة، بما في ذلك كأس العالم للكريكيت “تي 20” العام الماضي وأحداث سنوية كبرى أخرى في التنس والغولف وسباق الخيل وغيرها، كانت الرياضة في قلب النظام الإماراتي تماما كما في روسيا فلاديمير بوتين.

وذكرت الصحيفة -في مقال للصحفي المختص في الشأن الرياضي تيم ويغمور- أن نظامَا البلدين مرتبطان أيضا بطريقة أخرى حيث امتنعت الإمارات التي لها مقعد بالتناوب بمجلس الأمن في اجتماع له الأسبوع الماضي عن إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقالت إنه منذ تسعينيات القرن الماضي كانت الرياضة في قلب إستراتيجية الدولة لترويج صورتها، وتمّ في الداخل الإماراتي استقطاب مكونات المشهد الرياضي من خلال مجموعة من التسهيلات والإغراءات المالية.

ففي عام 2005، انتقل مجلس الكريكيت الدولي من شارع لوردز الشهير في لندن إلى دبي تحت إغراء مجانية الأرض وإعفاء ضريبي لمدة 50 عاما. وبعيدًا عن الإمارات، جمعت أبو ظبي ملكيتها لمانشستر سيتي ومجموعة نوادي السيتي لكرة القدم مع مبادرات لرعاية الرياضة في كل مكان.

رعاية وحقوق تسمية

وتمتلك شركة “طيران الإمارات”، المملوكة من قبل مؤسسة الاستثمار التابعة لحكومة دبي، حقوق التسمية على ملعب أرسنال منذ افتتاحه عام 2006، كما أنها ترعى كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ونادييْ ميلان وريال مدريد وجميع مباريات التنس الكبرى في ويمبلدون، فضلا عن حقوق التسمية على ملاعب الكريكيت الدولية في دورهام ولانكشاير وسلسلة من صفقات الرعاية الطويلة الأمد في الغولف وركوب الدراجات وغيرها.

ويرى سيمون روف، الباحث في الدراسات الدبلوماسية والدولية بجامعة “إس أو إيه إس” (SOAS) في لندن، أن الإمارات “وضعت الرياضة في مكانة مركزية لدبلوماسيتها العامة في تقديم الدولة للعالم.. كونك مركزا للأحداث والإدارة الرياضية يمنحك مكانة وشخصية لإضفاء الشرعية على النظام”.

وذكر تقرير صحيفة التلغراف أن الرياضة في الإمارات تجاهلت طوال الوقت، كما هي الحال في روسيا، الطابع الحقيقي للنظام، وخدعت الهيئات الرياضية نفسها بأن هذا موقف “غير سياسي”، لكن الحقيقة أنه موقف سياسي بامتياز يتمثل في أن احتضان الإمارات عن قصد في المجال الرياضي هو طريقة لإضفاء الشرعية على نظامها.

ويعني هذا الأمر -تضيف الصحيفة- التغاضي عن قمع الدولة الذي لا هوادة فيه للمعارضين الإماراتيين وعائلاتهم، وإغفال دورها في حرب اليمن التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء.

تضحية بالفوائد

وتابعت الصحيفة أن الهيئات الحاكمة الرياضية قد تدعي بحق أنها لا توافق على هذه الممارسات، لكنها بالتأكيد لا تعتبرها أسبابا كافية بما يكفي للتضحية بالفوائد التي تجنيها من علاقاتها بأبو ظبي.

ويؤكد نيكولاس ماكجيهان، وهو مدير منظمة “فير سكوير” (FairSquare) التي تعمل في مجال الرياضة وحقوق الإنسان، أن “الإمارات كانت تستخدم الرياضة لتحسين سمعتها قبل مدة طويلة من صياغة البعض مصطلح الغسيل الرياضي، على الرغم من توفرها على أحد أسوأ سجلات حقوق الإنسان في المنطقة وانخراطها في صراعات مدمرة وجهود مناهضة للثورة إقليميا”.

وتختم الصحيفة بأن الرياضة بدأت أخيرا تحاسب روسيا على أفعالها، وستكون -رغم محاولتها تفادي هذا الأمر قدر الإمكان- مضطرة في مرحلة ما لمحاسبة الإمارات أيضا، ومحاسبة نفسها على “نقاط ضعفها”.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply