رام الله – “كنا نتوقع فوزا بفارق بسيط ولكن هذا الاكتساح كان مفاجئا لنا”، بهذه الكلمات وصف ممثل الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت أسيد القدومي فوز الذراع الطلابية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في انتخابات مؤتمر مجلس الطلبة للجامعة بالضفة الغربية.

الفوز الكاسح الذي حققته كتلة الوفاء الإسلامية لم يفاجئ طلبتها فقط، وإنما الشارع الفلسطيني برمته، فخلال تاريخ هذه الانتخابات لم يُسجل هذا الفارق الكبير في النتائج، إذ حصلت على 28 مقعدا مقابل 18 مقعدا للشبيبة الطلابية، الذراع الطلابية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، في حين حصل القطب الطلابي، ذراع الجبهة الشعبية الطلابية، على 5 مقاعد، وهو ما يشير إلى تقدم الكتلة على حساب الشبيبة بفارق 10 مقاعد.

ورغم أن هذه الانتخابات طلابية، فإن الشارع الفلسطيني ينظر إليها على أنها مؤشر على مزاج الشارع الفلسطيني وتوجهاته السياسية، لما تحمله الجامعة من مركزية ولكون هذه الانتخابات الوحيدة التي تجري في ظروف ديمقراطية وشفافة، وهو ما أعطى هذا الفوز دلالات مهمة وطرح السؤال التالي: هل تعكس نتائج هذه الانتخابات تقدما لحركة حماس أم تراجعا لحركة فتح؟

ويرى القدومي أن هذا الفوز “دليل على التفاف الشارع الفلسطيني حول خيار المقاومة ورفضه خيار المساومة والتنسيق الأمني مع الاحتلال”.

ويعد هذا سببا من الأسباب التي أوردها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في تعليقاتهم على هذه النتيجة، أي تمسك حماس بخيار المقاومة الذي يتوافق مع المزاج العام وحالة التعبئة الوطنية في الضفة الغربية بعد هبة مايو/أيار 2021 وعمليات المقاومة في فلسطين التاريخية عموما.

لكن أكثر التعليقات ذهبت في اتجاه اعتبار أن هذه النتائج هي عقاب من الشارع الفلسطيني لحركة فتح، ممثلة السلطة الفلسطينية، التي لا تزال تتمسك بالتنسيق الأمني والتبعية للاحتلال وملاحقة الحريات.

وهذه الأسباب هي ذاتها التي ارتكزت عليها الكتلة الإسلامية في دعايتها الانتخابية، خاصة وأن 90% من مضامين الدعاية الانتخابية مرتبطة بالخطاب السياسي للحركتين بالتركيز على استمرار التنسيق الأمني، رغم قرارات المجلس المركزي بوقفه، وملاحقة المقاومين وخاصة أبناء كتيبة جنين من “سرايا القدس” الذراع العسكرية للجهاد الإسلامي، وملاحقة النشطاء وقمعهم بالتذكير بمقتل الناشط نزار بنات، وسحل واعتقال النشطاء خلال المظاهرات التي أعقبتها.

ضريبة التنسيق الأمني

تحميل حركة فتح أخطاء السلطة أكّده عضو اللجنة التنفيذية للحركة جبريل الرجوب -خلال مقابلة مع تلفزيون السلطة الرسمي- في معرض تعليقه على نتائج هذه الانتخابات، إذ أكد أن “فتح تدفع ثمن أخطاء السلطة، وهو ما يتطلب منا مراجعة شاملة، نحن في اللجنة المركزية سنقوم بمراجعة ودراسة هذه النتائج”.

لكن المحلل السياسي والباحث في مركز “مسارات” خليل شاهين شكك في جدية فتح في إجراء هذه المراجعة، قائلا إن الحركة تدرك جيدا تراجعها على الساحة الفلسطينية، وهو السبب الرئيسي وراء تأجيل الانتخابات العامة 2021، فالحركة المنقسمة على ذاتها كانت خسارتها أكيدة، ومع ذلك لم تستخلص الدروس خلال هذه الفترة أو تبادر بالإصلاح.

واعتبر شاهين أن هذه الأسباب هي الأكثر تأثيرا على تراجع الشبيبة الطلابية ومن خلفها حركة فتح وليس تخلفها عن المقاومة، خاصة وأن فتح على مستوى المقاومة خلال الفترة الأخيرة كانت حاضرة وخاصة في جنين، وفق تعبيره.

الأسباب الحقيقية -حسب ما قاله شاهين للجزيرة نت- هي تحميل فتح والشبيبة وزر ما تقوم به السلطة الفلسطينية من تنسيق أمني، وإخفاقات اقتصادية، وتبعية للاحتلال، واتباعها سياسة البقاء المستمدة مشروعيتها من العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف “فتح هي من تدفع ثمن الممارسات والمواقف السياسية لقيادة حركة فتح ومشكلاتها الداخلية، مما أضعفها وأفقدها جزءا من تميزها عن السلطة”.

مؤشرات مهمة

وعن المؤشرات التي تظهر من نتائج هذه الانتخابات، اعتبر شاهين أنها عكست تقدما كبيرا لحماس التي خاضتها في ظروف أمنية صعبة ورغم  الملاحقات وتضييق الحريات على عناصرها وطلبتها.

في المقابل، هناك تراجع لحركة فتح يفوق تقدم حماس، وهذا التراجع -يضيف شاهين- يجب أن يقاس بحجم تماهي شبيبة فتح، الذراع الطلابية لحركة فتح، مع السلطة والأجهزة الأمنية، مما جعلها بنظر الطلبة إحدى أذرع الأجهزة الأمنية.

المحلل السياسي نشأت الأقطش اعتبر أن هذا الفوز مؤشر مهم على تقدم حماس في الضفة الغربية، وأنها لا تزال قادرة على المنافسة رغم أداء السلطة المتراجع والمزاج العام للشارع الفلسطيني، لكن المؤشر الأوضح -برأيه- هو الانتخابات العامة (التشريعية والرئاسية).

واستبعد الأقطش أي دعوة لانتخابات عامة في ظل المتغيرات الحالية وتغير موازين القوى الحالية، وهو ما وافقه عليه شاهين قائلا إن “فتح لن تخوض انتخابات تعلم مسبقا أنها ستخسرها”.

البرغوثي رئيسا فخريا

ورغم الفوز الكبير للكتلة الإسلامية وقدرتها على تشكيل مجلس الطلبة من دون الحاجة لأي تحالفات مع الكتل الأخرى، فإن القدومي يرى أنها تتجه لتشكيل مجلس طلبة يضم كافة الكتل الطلابية وفقا للتمثيل النسبي.

هذا التوجه قالت الكتلة إنه “تجسيد للوحدة في الشارع الفلسطيني التي بدأت خلال معركة سيف القدس في مايو/أيار الماضي”، والذي سيكون أبرز تجلياته إعلانها قائد فتح مروان البرغوثي رئيسا فخريا لمجلسها القادم، كما وعدت خلال الدعاية الانتخابية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply