إسطنبول- في خطوة وصفت بأنها الحدث الأهم منذ إعلان نتائج الانتخابات في تركيا نهاية الشهر الماضي، أعلنت 3 أحزاب ذات خلفية إسلامية تشكيل كتلة برلمانية، حيث ستصبح تلك الأحزاب التي تملك 35 نائبا أول جبهة برلمانية معارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم تنتمي إلى يمين الوسط.

ويمنح النظام الداخلي للبرلمان الأحزاب، الممثلة فيه بحد أدنى 20 نائبا، مزايا تتيح لها حضورا مؤثرا في الحياة السياسية بشكل عام والعملية التشريعية في البرلمان بشكل خاص، وهو ما دفع الأحزاب الثلاثة -التي لا يملك أي منها العدد الكافي لتحقيق هذا الغرض- إلى شكيل كتلة برلمانية مشتركة، استنادا إلى التقارب الفكري والسياسي بينها.

والأحزاب الثلاثة هي: الديمقراطية والتقدم “ديفا” بقيادة علي باباجان الذي كان قياديا في حزب العدالة والتنمية سابقا ووزيرا بحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء، وحزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء في عهد أردوغان، وثالثهم حزب السعادة بقيادة تمل كرم الله أوغلو.

وكانت الأحزاب الثلاثة قد نجحت في دخول البرلمان بانتخابات 14 مايو/أيار الماضي، وحصل حزب “ديفا” على 15 مقعدا، و10 مقاعد لكل من المستقبل والسعادة، بعد ترشحهم على قوائم حزب الشعب الجمهوري تحت مظلة تحالف الأمة المعارض والذي عرف باسم تحالف “الطاولة السداسية”.

احتمالات الاندماج

في هذا السياق، أكد القيادي في حزب المستقبل ألب تكين أرسلان أن التفاهم قائم حاليا على مبدأ تشكيل كتلة مشتركة داخل البرلمان بين الأحزاب الثلاثة، مضيفا في تصريح مقتضب للجزيرة نت أن التفاصيل الأخرى ما زالت في طور البحث داخل مؤسسات الأحزاب الثلاثة.

وبحسب تقارير للصحافة التركية، ربما تتضح كل التفاصيل خلال الأسبوع القادم، إذ تنوي الأحزاب الثلاثة إنجاز ملف تشكيل الكتلة المشتركة قبل دخول البرلمان في عطلته القادمة، ولفتت بعض التقارير إلى أن الأحزاب المعنية قطعت بالفعل أشواطا طويلة بشأن الكتلة البرلمانية الموحدة، ووصلت إلى مراحلها الأخيرة.

ونقلت الصحف المحلية -عن مصادر قيادية داخل الأحزاب الثلاثة- أنه تمت مناقشة 3 احتمالات لكيفية تشكيل الكتلة المشتركة، الأول يتمثل في الاندماج داخل حزب جديد، والثاني إقامة حزب جديد يوحد أسماء الأحزاب الثلاثة، لكنه سيكون مظلة جامعة لها وليس بديلا عنها.

أما الاحتمال الثالث، فهو تشكيل كتلة من 22 نائبا فقط يتم اختيارهم من نواب الأحزاب الثلاثة، ويتم إنشاء حزب جديد تتبع له هذه الكتلة. وفي الوقت نفسه، يتم الحفاظ على الأحزاب الثلاثة كما هي ويظل القادة على رأس أحزابهم.

مزايا الكتلة البرلمانية

بحسب النظام الداخلي للبرلمان التركي، فإن الأحزاب التي تتمكن من تشكيل كتلة برلمانية تحظى بحضور فعال ومؤثر في آلية عمل المجلس وتتمتع بصفة رسمية، وتشارك في عدد من الهيئات الحكومية خارج البرلمان.

وتتمكن الأحزاب التي تملك 20 نائبا من تعيين رئيس لها بصفة رسمية داخل المجلس، ويتم تخصيص قاعة لها لعقد اجتماعاتها الأسبوعية، والأهم أنها تكتسب حق التمثيل في اللجان البرلمانية التي تناقش مشاريع القوانين قبل اقتراحها على الهيئة العامة للبرلمان.

ويحق للأحزاب ذات الكتل البرلمانية أن تعقب على أجوبة وخطابات الوزراء والمسؤولين الحكوميين أثناء مناقشة مسودات القوانين في الجمعية العامة.

وفوق ذلك، يحق للكتلة النيابية إلقاء خطاب من خارج جدول الأعمال، وفقا لتقدير رئيس المجلس. كما سيتم إدراج هذه الأحزاب في اللجان البرلمانية خارج البلاد.

أما خارج البرلمان، فتكتسب الأحزاب ذات الكتل البرلمانية حق التمثيل بالهيئة العليا للتلفزيون والراديو، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم قطاع الإعلام والرقابة عليه. ويتم تمثيلها كذلك بالمجلس الاستشاري التابع لاتحاد البنوك التركية.

مظهر قوة

في هذا الإطار، اعتبر الباحث المتخصص في الشأن التركي جلال سلمي أن أهمية تشكيل الأحزاب الثلاثة للكتلة البرلمانية تتلخص في المزايا القانونية والسياسية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف سلمي أن على رأس المزايا القانونية تأتي المشاركة في جميع لجان البرلمان، وبالتالي التمكن من صياغة قوانين في مجالات مختلفة وسهولة عرضها على اللجان ومن ثم البرلمان.

وبالإضافة إلى ذلك، رأى الباحث السياسي أن مزايا أخرى تكمن في تشكيل الكتلة البرلمانية وأهمها الظهور بمظهر القوة، وهو أسلوب تلجأ إليه أحزاب المعارضة والحكومة على حد سواء، وذلك بالاستفادة من هذه الأصوات عندما تتحد في عمليات التصويت.

وبينما رجح سلمي أن تؤدي هذه التجربة إلى حالة من الاندماج بين حزبي المستقبل والديمقراطية والتقدم، لا سيما في ظل دعوات فعلية لدى كوادر الحزبين لتحقيق ذلك، فقد استبعد أن يكون حزب السعادة جزءا من عملية الاندماج لأنه “حزب ذو هوية تقليدية لا تقبل كوادره الاندماج تحت مظلة أخرى”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply