اللاجئة السورية سلمى إسحق: لا أشعر بالغربة في الأردن، فقد تمكنت من التأقلم والاندماج مع العائلات الأردنية، وتكوين صداقات ونتبادل الزيارات العائلية والمناسبات الاجتماعية.   

عمّان – يتبادلن الحديث ووصفات الطعام وأطباق المائدة وأنواع المأكولات وأصناف الحلويات، في جو رمضاني مليء بالروحانية والتراحم، لا يخلو من ذكرى مؤلمة، أو ترحم على فقيد، أو وطن هُجّروا منه قسرا بسبب الحرب.

شركسية جولانية، وسورية شامية، وأردنية عمّانية، جمعهنّ جوار السكن، وولائم رمضانية، وتجهيز الطعام في مطابخ إنتاجية أو بيتية، لتلبية طلبات الزبائن الرمضانية للمأكولات السورية أو الشركسية أو الأردنية والفلسطينية.

الجبنة الشركسية يتم إنتاج عدة أصناف غذائية منها (الجزيرة)

وعلى مائدة واحدة تعددت وتنوعت الأطباق، بين حراق أصبعه وأنواع الكبة والشاكرية، والطبق الشركسي الشهير الشيبس وباسطا مع المعجنات بالجبنة المدخنة والحلوى الشركسية، وطبق المقلوبة والمنسف والمعجنات بالزعتر وزيت الزيتون البلدي.

وتعمل سيدات أردنيات وسوريات في تجهيز وبيع الأطعمة الرمضانية والموسمية في مطابخ إنتاجية بمساعدة عدد من الطاهيات المحترفات، أو من خلال مطابخ بيتية يقمنها في بيوتهن ضمن شروط صحية وغذائية محددة.

المأدبة جمعت الأكلات الدمشقية والجولانية والأردنية والفلسطينية (الجزيرة)

مطابخ إنتاجية

بدأت سلمى إسحق اللاجئة السورية بصناعة الجبنة الشركسية البيضاء والمدخنة منذ عدة سنوات لخبرتها ومعرفتها الدقيقة بتجهيزها، وذلك بعد لجوئها وعائلتها للمملكة عام 2014 من مناطق الجولان السوري.

وتجهز الجبنة الشركسية -وفق حديث إسحق للجزيرة نت- من الألبان البلدية الطازجة بعد غليها، بخلاف طريقة صنع الأجبان البلدية الأخرى، إضافة الى أن كميات الملح فيها أقل من الأجبان الأخرى، وتصنع على شكل أقراص دائرية كبيرة، ويتم تخزينها بطريقة محكمة لاستخدامها طوال العام.

تصنع إسحق -ذات الأصول الشركسية- عدة أصناف من المعجنات والحلويات وأطباق الطعام تدخل في مكوناتها الجبنة الشركسية، أبرزها أطباق الحلفا وحلوة بيدا وبسحا لفا، والحلوى والخبز الشركسي المحشو بهذه الجبنة.

ولا تشعر إسحق بالغربة في الأردن، فقد “تمكنت من التأقلم والاندماج مع العائلات الأردنية، وتكوين صداقات وزبائن لمطبخي الإنتاجي والجبنة الشركسية، حتى بتنا عائلة واحدة مع جيراننا الأردنيين، ونتبادل الزيارات العائلية والمناسبات الاجتماعية”.

وأظهرت نتائج دراسة استطلاعية حديثة لمفوضية اللاجئين ومركز نماء للاستشارات الإستراتيجية أن “92% من الأردنيين متعاطفون مع اللاجئين”، ويعتقد 76% من الأردنيين أن نهج السلطات الأردنية تجاه اللاجئين كان إيجابيا”.

الأطباق التي يطلبها الزبائن كثيرة، فتتنوع بين الكبسة والمسخن والمقلوبة وصواني الدجاج المحمرة والدجاج المحشي (الجزيرة)

 طلب مرتفع

وعلى مائدة الطعام الرمضاني التي جمعت الصديقات، روت الأربعينية الأردنية عبير درويش حكايتها مع مطبخها الإنتاجي، فبعد سنوات من تجهيز الأطعمة في بيتها، افتتحت لها مطبخا إنتاجيا مجهزا لطبخ الأصناف المتنوعة من الطعام.

تصف درويش الطلب على وجبات الطعام في شهر رمضان بـ”المرتفع نتيجة الولائم الرمضانية العائلية”، متوقعة مزيدا من الإقبال مع رفع قيود الحظر، وإجراءات التعافي من جائحة كورونا، مما يزيد من العمل ويوسع من الطلبات.

وبخصوص الأطباق التي يطلبها الزبائن، فتتنوع -بحسب درويش- بين المنسف الأردني المعروف، والخرفان المحشية والكبسة والمسخن والمقلوبة وصواني الدجاج المحمرة، والدجاج المحشي بالفريكة وغيرها، إضافة للحلويات الرمضانية من القطايف والمعمول والمقروطة بالتمر.

يشاركها العمل في مطبخ الإنتاجي غرب العاصمة الأردنية عمان عدد من العاملات الأردنيات والسوريات، مما يساهم في توفير مصدر دخل يساعدهنّ في تأمين متطلبات حياة كريمة.

مأدبة رمضانية جمعت أردنيات وسوريات . الجزيرة. غرب عمان
مأدبة رمضانية جمعت أردنيات وسوريات بأطباق أردنية وشامية (الجزيرة)

أطباق بنكهة شامية

ويجاورهن على ذات المأدبة السورية القادمة من دمشق عام 2013 خلود التميم، تبدع في إنتاج أصناف من الكبة السورية، منها المشوية والمقلية وأخرى باللبن، إضافة للشاكرية والبابا غنوج واليبرق واليالنجي والحلويات الشامية مثل المعمول بالمكسرات.

وشكل قدومها للمملكة تغيرا جوهريا في حياة عائلتها، هذا ما تقوله التميم للجزيرة نت، والتي نقلت معها أصناف المأدبة الرمضانية الشامية، وباتت تسوقها وتوزعها على الزبائن خاصة الكبب بأنواعها والبرك والسمبوسك وغيرها، وتقوم بإنتاجها في مطبخها البيتي بمساعدة عائلتها.

ووفق التميم فإن الزبائن لديها يفضلون الطبخ البيتي على أكل المطاعم الجاهزة، وذلك للجودة والعناية بالطبخ، والتنوع بالأصناف، والنكهة والمذاق المميز، وتسوق منتجاتها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعلمت التميم من صديقاتها الأردنيات والفلسطينيات عمل أكلات المنسف والمسخن والمقلوبة، خاصة أنها جديدة عليها ومذاقها شهي، بحسب وصفها، وفي المقابل علّمت صديقاتها الأكلات الدمشقية مثل فتات الدجاج والمكدوس والسفرجلية والسماقية وسوارات (أساور) الست غيرها.

ويعيش في الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري بحسب وزارة الداخلية الأردنية، منهم نحو 650 ألف لاجئ مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يعيش منهم نحو 15% في مخيمات الزعتري والأزرق، فيما يوجد البقية في المدن والمحافظات الأردنية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply