طهران- أعلن الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، إخفاق مشروع الإصلاحات في بلاده، وحذر من الاستياء الذي يسود الجمهورية الإسلامية في المرحلة الراهنة، بسبب ما وصفه بـ”اتساع الهوة بين السلطات الحاكمة وشرائح الشعب”.

وفي بيان نشره عشية الذكرى الـ44 لانتصار ثورة 1979، يرى خاتمي أن طموح الجيل الذي أطاح بالنظام السابق لم يتحقق، وأن جيل الثورة يعاني صعوبات كثيرة على مستوى الحياة اليومية، مؤكدا أن جيل الشباب الراهن يخوض أعتى درجات التمرد والاحتجاج، وأن “الاستياء العام أصبح سمة بارزة في الوقت الراهن”، وفق تعبيره.

ورأى القيادي الإصلاحي الذي شغل منصب رئيس الجمهورية من العام 1997 حتى 2005، أن غالبية المجتمع الإيراني فقدت الأمل بمستقبل مشرق، منتقدا ما اعتبره “الخطأ الكبير الذي يرتكبه النظام في إرضاء شريحة صغيرة ممن يعتبرهم موالين له، على حساب الشريحة الأخرى”.

ويأتي بيان خاتمي الأخير عقب دعوة زعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوي -الذي يخضع للإقامة الجبرية وسبق أن شغل منصب رئيس الوزراء بين 1981 و1989- إلى إعداد دستور جديد وإجراء استفتاء شعبي عليه.

الدستور والجمهورية

وعند إشارته إلى الضغوط الخارجية التي يتعرض لها الشعب الإيراني، يقول خاتمي إن جذور المشكلة تكمن في الداخل، مؤكدا أن المجتمع الإيراني أضحى مأزوما على شتى الصعد؛ ذلك لأن ما يحدث على أرض الواقع يتعارض مع تطلعات الثورة الإيرانية عام 1979.

ويستذكر القيادي الإصلاحي تطلعات الشعب الإيراني التي تكونت على مدى قرنين، للتخلص من الاستبداد والاستعمار والتبعية ونفي الظلم والرجعية، مؤكدا أن الثورة الإيرانية اقترحت “الجمهورية الإسلامية” عام 1979 لتأمين وضمان إرادتها التاريخية، لبلوغ الحرية والاستقلال والتطور والعدالة.

واعتبر أن المسودة الأولى للدستور الإيراني وما تم الاستفتاء عليه؛ أكثر ملاءَمة مع جمهورية الشعب، وأن الشرخ بين الحكومة والشعب قد ازداد بعد تعديل الدستور، موضحا أن إصلاح الوضع الراهن لا يقتصر على تعديل الدستور فحسب، وإنما الإصلاحات ممكنة عبر العودة إلى روح الدستور الحالي ونصه، مستدركا أن تعديل الدستور ضرورة لا بد منها، لكن في وقتها.

وشدد خاتمي على أن المشكلة الأساسية التي تسببت في أزمات كبيرة للبلاد، هي “تجاوز عنصر الجمهورية في النظام، والرغبة في ما يتعارض مع جمهورية ما يعرف بالحكم الإسلامي (الجمهورية الإسلامية) لكن باسم الجمهورية”.

الأخطاء والإصلاح

ورأى خاتمي أن الامتعاض الشعبي الواسع واليأس من تحسين الوضع الراهن، كانا نتيجة المضايقات التي يواجهها الشعب الإيراني، مؤكدا أن غض البصر عن التغييرات التي حدثت في المجتمع وإهمال المطالب العامة في إصلاح أساليب الحكم، كان وراء موجات الاحتجاج والاعتراض التي قوبلت بأدوات خشنة بدلا من الترحيب المنطقي بها.

ورأى أن “إصلاح الذات” الخيار الأقل كلفة للخروج من الأزمات التي تعصف بالبلاد وأكثر ثمرا في الوقت نفسه، داعيا إلى “طاعة إرادة الشعب”، لكنه اعترف بأن التعويل على إصلاح الوضع عبر النهج الذي جرت تجربته في إيران قد اصطدم بصخرة صلبة، “هذا إذا لم نقل إنه أصبح مستحيلا”، ويرى أن “الشعب على حق بأن ييأس من إصلاح الوضع على غرار يأسه من النظام”، وفق تعبيره.

وعن النهج المتبع للإصلاحات في إيران، أوضح خاتمي أنه النهج القائم على مطالبة السلطات العليا بإصلاح الأمور، مؤكدا أن “السلطات الحاكمة التي أظهرت أنها لم تسمع المطالب ناهيك عن التأمل فيها والعمل بتوصياتها، لا تقبل بوصول الأفراد من خارج معسكرها إلى السلطة”.

الخروج من الأزمة

ويقول الرئيس الإصلاحي الأسبق إنه لم يعد يطمح بالعودة إلى السلطة، وإنما يقدم قائمة من المقترحات من أجل احتواء الأزمات التي تعصف بالبلاد، كالتالي:

  • ضرورة الاهتمام بالتضامن الوطني، والاعتراف بجميع الميول والاتجاهات والقوميات والمذاهب والطبقات والفئات الاجتماعية، التي تشكل فسيفساء الشعب الإيراني، وتوفير بيئة لمشاركته في إدارة الأمور، ومنها إجراء انتخابات حرة وتنافسية، وذلك بعد العبور من الأجواء الأمنية الضيقة إلى الانفتاح السياسي.
  • وضع حد للتوتر في المجتمع لا سيما تجاه أحداث 2009 (الحركة الخضراء) وإلغاء الإقامة الجبرية المفروضة على المعارضين، وإغلاق الملفات التي فُتحت آنذاك لشريحة كبيرة من أبناء الشعب.
  • إطلاق سراح السجناء السياسيين وإعلان عفو عام، وتوفير الأرضية لمشاركة الجالية الإيرانية في الخارج في بناء الوطن.
  • إصلاح العملية القضائية، وآلية تشكيل مجلس خبراء القيادة، ومجلس صيانة الدستور، ومجمع تشخيص مصلحة النظام.
  • إصلاح السياسة على المستويين الداخلي والخارجي.
  • حرية الإعلام ودعم وسائل الإعلام المستقلة.
  • إعادة البرلمان إلى مكانته الحقيقية باعتباره المرجع الحصري لتشريع القوانين.
  • مكافحة الفساد على شتى الصعد.
  • وضع حد لتدخل القوات المسلحة في الشؤون السياسية.

وخلص خاتمي إلى أنه من الممكن تقديم قائمة طويلة من المقترحات لإصلاح الوضع الراهن، لكنه شكك في “أن تكون لدى السلطات الحاكمة آذان صاغية لمثل هذه المقترحات”، مضيفا أن الطبقة الحاكمة لم تبد إشارة تجاه الإصلاح وتفادي الأخطاء.

وعشية السابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدر خاتمي بيانا خاطب فيه الوسط الأكاديمي في بلاده بمناسبة يوم الطالب الجامعي، وطالبه بألا يسمح بوضع الحرية والأمن في مواجهة بعضهما.

وفي بيانه، أكد الرئيس الإيراني الأسبق تأييده للاحتجاجات التي شهدتها البلاد لنحو 3 أشهر إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما)، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، بعد توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق” في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم.

ووصف خاتمي شعار تلك الاحتجاجات “المرأة، والحياة، والحرية” بـ “الرائع” وأنه “رسالة تعكس التحرك باتجاه مستقبل أفضل”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply