لن تغير كل التصريحات والتطمينات والأرقام من أن تراجع الإنتاج غير مرتبط بالسياسة الضريبية وجباية الأموال، وأصبحت العلاقة بين المالية والمكلفين ضريبياً أشبه بلعبة القط والفار، المراقب ناطر المستثمر والتاجر، والمستثمر يترقب قدومه ولايتمناه، فالتاجر أو الصناعي أو أي مكلف ضريبياً يعتقد أن المالية تريد مشاركته وسرقة تعبه والتسلط عليه ومشاركته في كل قرش يجمعه، والمالية تعتقد أن الجميع متهرب من دفع الضريبة ويجمع أرباحاً باهظة ويراكم ثروات كبيرة، لكن في الحقيقة لا الخزينة رابحة ولا المُكلف مرتاح، ولطالما الثقة غير موجودة والقانون يُستخدم للابتزاز الشخصي فإن الوضع لن يستقر، المالية تفرض سلطتها، والتاجر يعوض من “ضهر المواطن”، وهكذا تستمر اللعبة، ويستمر الاستنزاف والمواطن يأكل العصي.
لنعود إلى أصل الضريبة على الأرباح فهذه ينظمها القانون ٢٤ لعام ٢٠٠٣ وتعديلاته، والربح الذي تُعرفه الأنظمة المالية المحاسبية هي المبالغ الزائدة من البيع بعد احتساب النفقات والتكاليف، أما الأسس التي تعتمد عليها الدوائر المالية بتحصيل الضريبة فهي أن يتقدم المُكلف بالضريبية سواء كان صناعياً أم تاجراً ببيان إلى الدوائر المالية ومن المفروض من الدوائر المالية أن تتحقق من صحة الأرقام والبيانات التي تُقدم إليها، وتفرض الضريبة فعلاً على أساسها، ولكن في الواقع أغلب المكلفين يتلاعبون في البيانات التي يتقدمون بها إلى الدوائر المالية لأن في حساباتهم هناك من سيبتزهم وسيرفض كل بياناتهم، بالمقابل الدوائر المالية لا يوجد لدى إداراتها الكفاءة والمقدرة والمعلومات والبيانات التي تُمكنها من فرض الضريبة بشكل صحيح علاوة على الفساد الذي يجعلهم دائما بموقع المبتز للمكلفين.
إذا كيف يُمكن أن نزرع الثقة بين الطرفين؟.. هناك مجموعة من العوامل يجب معالجتها، أولها الإدارة الضريبية حيث بداية عملية الإصلاح الضريبي إذ يجب أن يكون هناك مراقبوا دخل من ذوي الكفاءة والمقدرة والنزاهة ،ثانيا الوعي الضريبي إذ يجب أن يكون هناك قناعة لدى المكلفين بالضرائب أن ما يدفعونه هو مساهمة منهم في تحمل الأعباء العامة، وإن المجتمع ككل معني بتحمل الأعباء وإلا كيف يمكن للدولة أن تُسيّر أمورها؟، ما سبق يجب أن يتبعه تفعيل دور المحاسبين القانونيين وشركات التدقيق المالية التي تشترط وزارة المالية على معظم المكلفين عندما يقدمون حساباتهم وبياناتهم أن تكون مصدقة من محاسب قانوني فيجب أن تتوفر الكفاءة ومعايير مهنة المحاسبة في التدقيق وأخلاقياتها.
المواطن والخزينة ضحية التسلط والابتزاز ووسيلة لتسديد فاتورة التهرب في لعبة القط والفار، ولكن إلى متى؟.. ولا بد من مراجعة بعض الإجراءات والتشريعات المتعلقة بفرض ضريبة الأرباح المسؤولة بشكل مباشر عن تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار وعجز المواطن عن تأمين احتياجاته.

المصدر: سوريا الآن

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply