يقدر خبراء التغير المناخي أن الفرق بين متوسط درجة حرارة الأرض اليوم ومتوسط درجات الحرارة في العصور الجليدية هو 5 درجات مئوية فقط، لكن درجة واحدة أو درجتين في حرارة الأرض كافية لإحداث حرائق في الغابات وجفاف في المزروعات وفيضانات في البحار والأنهار.

وتعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة هي العامل الأكثر تأثيرا في التغير المناخي. وقد بدأت هذه الانبعاثات في الارتفاع خلال الثورة الصناعية (خاصة بعد عام 1850)، مما يعني أن البلدان الأكثر تقدما مثل الولايات المتحدة، والتي انتقلت مبكرا إلى نظام اقتصادي قائم على الوقود الأحفوري بشكل كبير، لها دور كبير في التأثيرات المناخية التي نراها اليوم حول العالم.

وعلى العكس من ذلك، فإن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لديها انبعاثات تاريخية تراكمية أقل، وحتى داخل البلدان ذاتها، فإن الأغنياء نسبيا هم المسؤولون أكثر عن غالبية انبعاثات الكربون.

وإذا كانت الدول الغنية والمتقدمة هي الأكثر مساهمة في الاحتباس الحراري، فإن تأثيره على البلدان “غير متساو”، مما يجعل “رفاهية الأغنياء” ثمنا لـ”بؤس الفقراء” في قضية التغير المناخي.

وفيما يلي أكثر الدول تأثرا وتأثيرا في التغير المناخي على مدى السنوات والعقود الأخيرة.

الدول الأكثر مساهمة في التغير المناخي

استنادا على معلومات 2019 في تقرير صادر عن موقع “يونيون كونسيرن ساينتيست” (Union Concerned scientists)، فإن أكثر الدول التي ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون هي على التوالي: الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وإيران وإندونيسيا وكندا.

أما بالنسبة للدول الأكثر مساهمة في التغير المناخي على مستوى العقود الأخيرة (1750-2020) فهي: الولايات المتحدة (24.5%) والصين (13.9%) وروسيا (6.8%) وألمانيا (5.4%) والمملكة المتحدة (4.6%) واليابان (3.9%) والهند (2.3%) وفرنسا (2%) وكندا (1.8%) وأوكرانيا (1.6%) وبولندا (1.5%)، ثم إيطاليا وجنوب أفريقيا والمكسيك (1.2%)، فإيران (1.1%).

ويقول تقرير لصندوق النقد الدولي إن اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة قد ساهمت بنصيب الأسد في الاحتباس الحراري الفعلي والمتوقع.

ويشير إلى أنه استنادا إلى الزيادة غير المسبوقة في درجات الحرارة العالمية على مدى 40 عاما الماضية، وتوقع حدوث مزيد من الاحتباس الحراري، فمن المقرر أن تعاني البلدان منخفضة الدخل من أسوأ حالات الجفاف الشديد والفيضانات وارتفاع مستويات سطح البحر حتى لو كانت انبعاثاتها منخفضة نسبيا.

كما يؤكد التقرير أن “ارتفاع درجة حرارة الأرض يؤثر على البلدان بشكل غير متساو للغاية”. وستشعر البلدان في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى والجنوبية بآثار ارتفاع درجات الحرارة أكثر من معظمها.

ويكشف صندوق النقد الدولي أن زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة في بلد متوسط ​​حرارته السنوية 25 درجة -مثل بنغلاديش أو هاييتي- سيؤدي في البداية إلى خفض نصيب الفرد من الإنتاج بنسبة تبلغ 1.5%، وهو مستوى سيرتفع إلى 10% بحلول نهاية القرن إذا لم تكن هناك جهود عالمية كافية للحد من الانبعاثات.

ويحذر التقرير من أن نحو 60% من سكان العالم حاليا يعيشون في بلدان معرضة لعواقب تغير المناخ، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى 75% بحلول نهاية القرن الحالي.

وقد قالت الأمم المتحدة إن ثلث سكان العالم، لا سيما في البلدان الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية، ليس لديها نظام إنذار مبكر، موضحة على سبيل المثال أن 60% من سكان أفريقيا معرضون تماما لتأثيرات الكوارث المناخية.

الأكثر تأثرا في 2019

وبحسب تقرير لمنظمة “جيرمن ووتش” (Germanwatch) المتخصصة في التنمية والتغير المناخي، فإن الدول العشر الأكثر تضررا في 2019 هي على التوالي: موزمبيق (شرق أفريقيا) وزيمبابوي (جنوب أفريقيا) وجزر البهاما (المحيط الأطلسي/جنوب شرق الولايات المتحدة) واليابان، وملاوي (جنوب شرق أفريقيا) وأفغانستان والهند وجنوب السودان، والنيجر (غرب أفريقيا) وبوليفيا (غرب أميركا الجنوبية).

أما الدول الأكثر تضررا في الفترة من 2000 إلى 2018 فهي: جزيرة بورتوريكو (التابعة للولايات المتحدة الأميركية والواقعة في منطقة الكاريبي)، وميانمار وهاييتي والفلبين وموزبيق وجزر البهاما وبنغلاديش وباكستان وتايلند ونيبال.

أما أكثر 5 دول تأثرا بالتغير المناخي في القرن الـ21 فضمت جزيرة بورتوريكو وميانمار وهاييتي والفلبين وباكستان.

تأثير التغير المناخي على الدول المتقدمة

ولئن كانت الدول الفقيرة أكثر تضررا من التغير المناخي، فإن آثاره طالت بعض الدول الغنية والمتقدمة، فوفق مؤشر “مخاطر المناخ” لعام 2020 الذي قدم خلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في مدريد “كوب 25” (COP25) واستند على معلومات 2018، فقد تقدمت اليابان أكثر الدول تضررا من تغير المناخ بعد أن عانت من أمطار غزيرة جدا وموجات حر وزلزال أوساكا الذي بلغت درجته 5.3 درجات على مقياس ريختر، وتسببت أحداث الطقس في وفاة أكثر من 1200 شخص، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية قدرت بـ35 مليونا و839 ألفا.

كما جاءت ألمانيا في المرتبة الثالثة بعد أن ضربتها موجات حرارية هي الأشد في تاريخها، مما تسبب في أضرار تجاوزت 3.5 ملايين دولار في القطاع الزراعي.

ولا يعني ذلك أن باقي الدول أو المناطق ستكون في منأى عن تأثيرات التغير المناخي، فالدول العربية أيضا ستعاني من مخاطر التغير المناخي، إذ إن مصر مثلا ستعاني من ارتفاع منسوب مياه البحر، وسيواجه اليمن وعُمان مزيدا من الأعاصير القادمة من بحر العرب، كما أن بلدان مثل الأردن وسوريا ستعاني من شح أكبر في المياه وازدياد في التصحر، مما سيؤدي إلى تراجع في الإنتاج الزراعي وإلى أزمات غذائية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply