أود ان أذكر الجاحدين بفعلتهم الدنيئة القبيحة المؤلمه عبر هذا الاستطلاع..؟؟
طلبت منا ادارة التلفزيون تسجيل استطلاعات مصورة نرصد فيها فرح الاحتفال بعيد الام وسط الاسرة من كل محافظه تكريما للام وتعبيرا عن الوفاء والعرفان لافضالها..
قررت أن ابتعد عن الزيف والتصنع والبهوره ..وأن ابحث عن امهات لا تشاهدهن الكاميرات ولاتصلهن هدايا المحبة والوفاء .. انهن الأمهات المنسيات في الزوايا المعتمه في الوجه الآخر للحياة
●..قررت أن أنقل استطلاعي من دار العجزه والمسنين في حماه.. اتصلت بإدارة جمعية رعاية المسنين وسألتهم عن النزيلات من الامهات فأكدوا لي عن وجود بعض الامهات..
● بعد ظهر اليوم نفسه..
حضرت ومعي زملائي المصورين وبعض الفنيين..
طلبت من المشرفين أن يعرفوني عليهن وشرح اوضاعهن… ادخلوني على غرفة فيها امرأتين بعد ان استأذنا منهن..الأولى كانت الحاجه ام مصطفى أم فاضلة ذات هيبة جميله في السبعين من عمرها .ويعتبرونها والدة الجميع…. استقبلتنا ام مصطفى بدعاء يشعرك بصفاء روحها وانك أمام امك الحنون..؟
● همست.. هل هي بلا اسرة واولاد..اجابني المشرف لها ستة ابناء..ولكنها فضلت ان تعيش هنا..في دار العجزه..؟؟ واوعزت لزملائي ببدء التصوير
● سألتها ياحاجة ام مصطفى لماذا لا تعيشي مع أحد ابنائك واحفادك….
▪أجابتني بعفوية محببه.. ياابني الكناين مابحبوا يعيشوا مع الحماية.. الله يبسطهن ويرضى عليهن وعلى اولادي….قلت في نفسي..(سبحان الله ستة ابناء ولا احد يقبل ان يعيش بالقرب من والدته..)..؟؟
شعرت بقهر داخلي لا اعرف كيف أعبر عنه بعد أن همس أحد الموظفين في اذني أن واحدا من أبنائها مسؤول له وزنه…؟؟.قلت سود الله وجهه…
● سجلت حديثي مع أم مصطفى محاولا أن آخذ منها كلمة عتب على أبنائها.. فلم استطع.. كان كله دعاء لابنائها الجاحدين…؟
●توجهت للام الثانيه فقال لي المشرف هذه المراة لبنانية وهي في الستين من عمرها وقد وجدناها ليلا على باب دار المسنين في حالة يرثى لها..فضممناها الى النزلاء منذ اربع سنوات وهي تقف أمام هذه النافذه تنتظر ولدها الوحيد الذي تركها امام الدار وذهب ولم يعد .؟
● تأثرت كثيرا لوضعها وهي تنظر الينا بعينين ذابلتين اقتربت منها وسلمت عليها
● قلت لها كيف حالك ياخالتي ..؟
▪قالت لي الحمدلله الله يحميك ويحمي ابني ابراهيم…..
● قلت واين ابنك ابراهيم ..؟ قالت عم يشتغل الله يوفقو ويحفظو ويفرحو باولادو..
● قلت لها منذ متى لم تشاهدي ابراهيم..؟؟
▪كان جوابها فيض من الدموع ولحظات صمت مشوبة باﻻلم…..رفعت يدها المرتجفة لتشير لي باربعة اصابع من يدها عن اربع سنوات مضت…. والغصة تمنعها من الكلام..
● قلت لها ياخالتي ام ابراهيم لماذا لم يأت ابراهيم لزيارتك..
▪قالت لي بصوت مرتجف ياابني يمكن ابراهيم مشغول..؟؟ ويمكن ما معو اجرة الطريق..؟
ويمكن معلمو مابخليه يجي..؟؟؟…(انها تختلق الاعذار لابنها الجاحد لتقنع نفسها.. سبحان الله)..؟ وتواصل دعاءها..الله يعينك ياإبني الغالي ويكون معك ويفتحلك أبواب الرزق يارب ..
● قلت في نفسي وانا اكابر وأحاول ابتلاع غصتي..إنها تدعو له من كل قلبها المجروح بعد الجحد الذي واجهها به والقهر الذي غرسه في قلبها….؟
● قلت لها الآن ابراهيم سيشاهدك على التلفزيون ..
▪ قالت لي بصوت يرتجف وفر ح طفلي يعني انا رح بشوفه..؟
● قلت لها سيأتي اليك اذا شاهدك..ماذا ستقولين لابراهيم…حاولت مسح دموعها بطرف غطاء راسها
▪قالت ياحبيبي يا ابراهيم انا مشتاقتلك ياأمي…؟
انا كل يوم ناطرتك عالشباك عم بستناك لشوفك اذا مريت…..دير بالك على حالك بالشغل يا ابني.. ولف راسك الدنيا برد ياحبيبي..
اقتربت منها ووضعت يدي على كتفها علني ارمم بعضا من حزنها المزمن واخفي بعضا من تأثري….
●قلت لها نحنا كلنا اولادك يا ام ابراهيم..
في شي رح تقوليه لابراهيم..؟
▪ قالت والالم يسكن روحها المجروحه…
ياولدي خليني شوفك مره وحده قبل ماموت…سلم على مرتك واولادك قلبي مشتقلهن..؟….
وغطت وجهها بيديها واجهشت بالبكاء قهرا وشوقا لرؤية ابنها الجاهد بحقها وحق الله…انه الحنان والعطف الالهي المزروع في كيان امهاتنا والذي يقابله البعض بالجحد والنكران والتجرد من القيم والأخلاق والوجدان…؟؟؟
.خرجت والدموع تملأ مقلتي..وغصة تكاد تذبحني…!
● ختمت برنامجي والألم يعتريني متسائلا… ألهذا الحد وصل الجحد بالبشر ليظلموا امهاتهم اللواتي اوصى الله بهن خيرا..؟؟ وكن سبب وجودهم في الحياة..؟؟
● الم يفكر هؤلاء الذين تنكروا لفضائل امهاتهم انهم قادمون على نهاية مذريه موعودة لابد منها..؟
● وتلك الزوجات اللواتي يجبرن أزواجهن على التخلي عن امهاتهم..
الا يدركن انهن امهات..؟
وفي القريب العاجل العاجل العاجل حتما سيكون مصيرهن..جحد الابناء والعيش وحيدات..؟؟ .وربما لا يتوفر لهن في دار العجزة مكان..؟
● أصدقائي عذرا..لقد اخذتكم في زيارة
مؤلمة للوجه اﻵخر للحياة…؟؟؟؟
عبد الرحيم فاخوري
المصدر: سوريا الآن
