تؤكد إدارة بلدية كييف أن “العاصمة ليست محاصرة أو مطوقة على الإطلاق”، وبحسب الخبراء العسكريين، تكمن صعوبة تطويقها في “الضربات الموجعة” التي لحقت بالقوات الروسية على تخوم المدينة، ومشاكل لوجستية تعاني منها

كييف- تشتعل جبهات القتال على كامل الحدود الأوكرانية الروسية، ولا تتوقف عمليات القصف، بل تزيد وتقل حدتها وفقا لحجم المقاومة التي تبديها القوات الأوكرانية في المناطق المتاخمة، بما يعرقل اجتياح وتقدم القوات الروسية برا وفي العمق.

لكن الحال ليست كذلك في محيط العاصمة “كييف”؛ فمن الواضح أن أيام الغزو الأولى كانت كفيلة بسيطرة القوات الروسية، القادمة من الحدود البيلاروسية شمالا، على مدينة وضواحي “تشيرنوبل” المشهورة بمفاعلها النووي، والتقدم عبرها حتى الضواحي الشمالية والشمالية الغربية للعاصمة.

أعضاء جدد في “قوات الدفاع الإقليمية” يتلقون تدريبات في كييف (رويترز)

محوران مشتعلان حول كييف

وبالفعل، تدور أقسى معارك الدفاع عن كييف في مطار “هوستوميل” شمال غرب كييف، وفي بلدة بوتشا ومدينة إربين المجاورة، التي لا تبعد سوى 25 كيلومترا تقريبا عن العاصمة كييف.

وقبل 3 أيام، تركز القوات الروسية على المحور الشمالي الشرقي لكييف، وتحديدا على مدينة “بروفاري”، بعد أن أحرزت تقدما -على ما يبدو- في منطقة “تشيرنيهيف”، شمال شرق العاصمة.

أما من جهة الجنوب، فاستهدفت روسيا بعمليات القصف مطار فاسيلكيف جنوب غرب “كييف”، ومدن “بيلا تسيركاف” و”أومان”، الواقعة على الخط الرابط بين العاصمة ومدينة أوديسا جنوبي أوكرانيا، دون الوصول برا إليها.

تقدم صعب من الغرب

وبحسب خبراء ومحللين عسكريين، تتقدم القوات الروسية إلى العاصمة وتقصف من أماكن وجودها على الحدود مع أوكرانيا، وعلى الحدود البيلاروسية، وفي شبه جزيرة القرم “المحتلة”، وهذا يفسر تقدمها على تلك المحاور المحيطة بكييف، دون المحور الغربي، حتى الآن.

يقول الخبير العسكري في “مركز الدفاع الإستراتيجي”، فيكتور كيفليوك، إن روسيا أرادت تطويق العاصمة “كييف” سريعا من جميع المحاور، تمهيدا لاقتحامها بعد أيام من حصار وقصف منعت خلالها النزوح ووصول الإمدادات. بينما الأرتال الطويلة من الآليات والجند على المحور الشمالي الغربي كانت معدة لانتشار يمتد على طول الحدود الغربية للمدينة، ولكن هذا الأمر لم يتم.

وحسب الخبير، واجهت القوات الروسية مقاومة عنيفة في “هوستوميل” و”بوتشا” و”إربين” (المحور الشمالي الغربي)، أفشلت حركتها، وبات تقدمها من شبه المستحيل، “وإن تم، سيقابل بمقاومة عنيفة أيضا، كما حدث في بلدة ماكاريف غرب المدينة”.

ويلفت كيفليوك إلى أن غرب “كييف” هو منطقة غابات بشكل رئيسي، والتقدم هناك صعب إذ كانت المقاومة عنيفة، ناهيك عن صعوبة الحصول على إسناد.

وهذا الواقع، حسب الخبير العسكري، دفع الأرتال الروسية “المنتظرة” إلى تفريق جمعها بين الغابات والقرى الشمالية، حتى لا تكون هدفا سهلا للمدفعية الأوكرانية وطائرات “بيرقدار” المسيرة.

الجيش الأوكراني تصدى خلال الأيام الماضية لمحاولات القوات الروسية اقتحام كييف (الأوروبية)

مشاكل لوجستية

وتؤكد إدارة بلدية كييف أن “العاصمة ليست محاصرة أو مطوقة على الإطلاق”، وبحسب الخبراء العسكريين أيضا، تكمن صعوبة تطويقها في “الضربات الموجعة” التي لحقت بالقوات الروسية على تخوم المدينة، ومشاكل لوجستية تعاني منها.

ويقول الخبير كيفليوك: “خسر العدو كثيرا من قواته وآلياته في هوستوميل وبوتشا وإربين وماكاريف، ولهذا يدرك أن في تقدمه أكثر -وعلى مختلف المحاور- انتحارا، لذلك نجد أنه يركز حاليا على ضربات صاروخية مدمرة بين الحين والآخر، قبل اتخاذ خطوة التقدم مجددا”.

ولفت في هذا الصدد إلى أن “القوات الروسية المحتشدة كافية لضرب البنى التحتية والسكانية، لكنها تعاني، وغير كافية لتطويق المدينة واقتحامها”.

قصف انتقامي يرفع المعاناة

ولهذا، بحسب كيفليوك، قد تلجأ روسيا قريبا إلى استهداف العمق لرفع المعاناة والضغط، كما فعلت في خاركيف وتشيرنيهيف وماريوبول بشكل رئيس. و”هذه سياسة انتقام روسية معروفة” على حد قوله.

وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير أن تكلفة الحرب كانت صادمة للروس، لأنه، إذا صح بالفعل مقتل أكثر من 12 ألف جندي روسي (وفق البيانات الأوكرانية)، فهذا يعني وجود نحو 30-40 ألف مصاب آخرين، ناهيك عن تداعيات العقوبات الكارثية على الاقتصاد الروسي.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply