احتشد الآلاف من أنصار الحزب الدستوري الحر المعارض في تونس اليوم الأحد في مسيرة بالعاصمة تونس ضد الرئيس قيس سعيد، متهمين إياه بأنه يتجه نحو تعزيز “الحكم الفردي” وفرض مشروع سياسي شعبوي وتعميق حاد للأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلد.

ومن شأن احتجاج “الدستوري الحر” أن يزيد الضغوط على سعيد الذي يواجه بالفعل موجة انتقادات واسعة في الداخل والخارج منذ أن علق البرلمان واستأثر بالسلطة التنفيذية في الصيف الماضي وقرر الحكم بمراسيم، في خطوة وصفها معارضوه بأنها “انقلاب”.

وتجمع أكثر من ألفين من أنصار الحزب -الذي تترأسه عبير موسي المناهضة للإسلاميين- في شارع خير الدين باشا بالعاصمة، ورددوا شعارات من قبيل “يا مواطن يا موجوع.. زاد الفقر زاد الجوع”، و”المجاعة على الأبواب”، و”يا حكومة عار اشتعلت الأسعار”.

حافة المجاعة

كما رفعوا لافتات كتبوا عليها “تونس على حافة المجاعة”، و”المجاعة على الأبواب والحاكم بأمره مهتم بالاستشارة”، ورفع بعضهم قطعا من الخبز، في إشارة إلى ارتفاع تكلفة المعيشة.

ويقول سعيد إن خطواته كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار بعد سنوات من استشراء الفساد والفقر.

ورغم أن الحزب الدستوري -الذي تقوده عبير موسي- رحب بالخطوات الأولى التي اتخذها الرئيس التونسي فإنه سرعان ما وجه له سهام النقد، وأصبح يصفه برئيس سلطة الأمر الواقع، معتبرا أنه لم يظهر أي إشارة للإصلاح وإنما استغل ذلك لفرض مشروع سياسي شعبوي.

وفي خطاب أمام أنصارها قالت موسي إن سعيد تغاضى عن معالجة الاقتصاد وجعل أقصى أمنيات التونسيين البحث عن الدقيق والسكر والزيت، وأضافت أنه “خدم مصلحة الإخوان وجعلهم في موقع الضحية”.

تغيير الدستور

ويسعى سعيد إلى تغيير الدستور وفقا لنتائج استشارة وطنية يستطلع من خلالها رأي الشعب على الإنترنت واجهت حتى الآن عزوفا واسع النطاق.

وتعتبر أحزاب المعارضة أن هذه الاستشارة هي تحايل على التونسيين للمضي قدما في مشروعه السياسي.

وطوال الأشهر الماضية احتجت المعارضة ضد خطوات سعيد، لكن الرئيس لم يتراجع عن خططه وتعهد بالمضي قدما في ما يصفه بتطهير البلاد، رافعا شعار “السيادة للشعب”.

وتواجه تونس أزمة حادة في المالية العامة، ويوشك البلد على الإفلاس، وقد شرع في محادثات بشأن حزمة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، لكن التونسيين يواجهون بالفعل نقصا في السلع الأساسية، بما في ذلك الدقيق والسميد والسكر.

القضاء غاضب

كما يُنتقد الرئيس سعيد ويتهم بتدخله في القضاء، وأعلنت جمعية القضاة التونسيين أمس السبت رفضها التعامل مع المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، معتبرة إياه “غير شرعي”.

والاثنين الماضي، أدى أعضاء مجالس القضاء المؤقتة في تونس (عدلي وإداري ومالي) اليمين أمام رئيس البلاد قيس سعيد بموجب مرسوم رئاسي صدر في فبراير/شباط الماضي، لتحل محل المجلس الأعلى للقضاء (هيئة دستورية مستقلة)، مما أثار احتجاجات ورفضا من هيئات قضائية وقوى سياسية عديدة.

ودعت جمعية القضاة التونسيين “عموم القضاة إلى التمسك بأداء وظائفهم القضائية باستقلالية ونزاهة وحياد وعدم الاحتكام في قضائهم إلا لضمائرهم وللقانون، وألا يقبلوا أي تعليمات أو توجيهات، لا من المجلس المنصّب ولا من رئاسة الحكومة ولا من وزارة العدل ولا أي جهة أخرى”.

كما يُتهم الرئيس سعيد أيضا بالتضييق على عمل جمعيات المجتمع المدني، ونددت 13 منظمة غير حكومية تونسية ودولية الجمعة بمشروع قانون يعده الرئيس قيس سعيد حول إنشاء وتمويل المنظمات، وترى أنه يمثل “تهديدا” و”تقييدا” للمجتمع المدني في البلد مثل منطلق ما سمي “الربيع العربي”.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان وقعته 13 منظمة إن مشروع قانون “سُرّب مؤخرا لتنظيم منظمات المجتمع المدني” من شأنه أن “يمنح السلطات صلاحيات واسعة وسلطة تقديرية للتدخل في طريقة تكوين منظمات المجتمع المدني ووظائفها وأعمالها وتمويلها وقدرتها على التحدث علنا عن عملها والتعبير عن آرائها”.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply