تماهي السودانيين مع القضية الأوكرانية تردد صداه لدى القوات المناهضة للأسد، مما يلقي الضوء على أهداف الكرملين المضادة للثورة، التي يتم تجاهلها غالبا لصالح موقفه المعادي للغرب.

قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن السودان تحت حكم المجلس العسكري يجسد بشكل أفضل من جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي الديناميكيات المضادة للثورة والمعادية للغرب التي تنتهجها المؤسسة الروسية في القارة الأفريقية.

واستعرضت الصحيفة -في العمود الذي يكتبه أستاذ العلوم السياسية الخبير في قضايا الشرق الأوسط جان بيير فيليو- ما قاله محمد حمدان دقلو (حميدتي) على التلفزيون الروسي في اليوم التالي لغزو أوكرانيا؛ من أن لروسيا الحق في التصرف لصالح مواطنيها وحماية سكانها، وهو حق لها بموجب الدستور والقانون.

وأضاف فيليو أن حميدتي -الذي يعد الرجل الثاني في المجلس العسكري الذي يتولى السلطة في السودان منذ الانقلاب الذي أطاح بالسلطات في أكتوبر/تشرين الأول 2021- هو القائد المرعب لقوات الدعم السريع، تلك المليشيات التي تقمع في كل مكان مظاهرات الاحتجاج على الانقلاب.

ووصل حميدتي إلى موسكو عشية الهجوم الروسي على أوكرانيا، ومكث هناك 6 أيام طويلة برفقة وزراء الطاقة والمناجم والزراعة والمالية، ليعلن بوضوح التزام “انقلابيي الخرطوم” بالوقوف إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ وبالتالي أصبح السودان مختبرا حقيقيا للتوسع الروسي في القارة، في الوقت الذي يتركز فيه الاهتمام في فرنسا أكثر على جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي.

من البشير إلى البرهان

وذكّر الكاتب بقدم العلاقات بين الجيشين الروسي والسوداني؛ إذ إن العديد من القادة في المجلس العسكري الحاكم تم تدريبهم في موسكو، غير أن ما يعزز الروابط في قمة السلطات السودانية مع الروس هو العزلة التي عانى منها الرئيس السابق عمر البشير الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بالإبادة الجماعية.

وربما يكون الكرملين -كما يرى فيليو- هو الذي شجع الجنرالات السودانيين على تخريب الانتقال الديمقراطي، لتصل الأمور في أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى تدبير انقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان بدعم نشط من حميدتي.

وكدليل على ذلك، يسوق الكاتب ما دأبت عليه موسكو من معارضة لإدانة المجلس العسكري الحاكم في الخرطوم من قبل الأمم المتحدة، تماما كعرقلتها الدائمة للملف السوري، فضلا عن عودة المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر إلى السودان علانية، بعد أن أضعفها عدم قدرتها على الدفاع عن نظام البشير الذي ضاعف التسهيلات الممنوحة لها، وجعل من السودان رأس جسر لتقدم تلك المرتزقة في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة.

وقامت شركة “إم إنفيست” (إحدى شركات إفغيني بريغوجين، المدير الفعلي لشركة فاغنر) بتأسيس فرع لها في السودان لاستغلال رواسب الذهب على حدود جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تعمل المجموعة هناك في هذا النوع من الأنشطة، خاصة أن انقلاب أكتوبر/تشرين الثاني 2021 مكّن مجموعة فاغنر من إعادة إطلاق عمليات التعدين في السودان، كما في جمهورية أفريقيا الوسطى التي اتهم المرتزقة الروس بقتل مئات المدنيين فيها لتعزيز احتكارهم استغلال مناجم الذهب.

معارضة موالية لأوكرانيا

وفي مواجهة المجلس العسكري المرتبط ارتباطا وثيقا بموسكو، أظهرت المعارضة الديمقراطية في السودان دعمها لأوكرانيا المعتدى عليها -حسب تعبير الكاتب- وازدهرت الأعلام الصفراء والزرقاء ولافتات الدعم للمقاومة الأوكرانية في مسيرات الاحتجاج على النظام العسكري في الخرطوم، ليصبح الشعار الأكثر شيوعا في هذا الصدد “الثورة السودانية تقف مع الشعب الأوكراني ضد الغزو الروسي”.

ونبه الكاتب إلى أن مثل هذه الديناميكية المتمثلة في التماهي مع القضية الأوكرانية تردد صداها لدى القوات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، وهي تردد “من سوريا إلى أوكرانيا العدو هو نفسه”، وذلك ما يلقي الضوء -حسب الكاتب- على أهداف الكرملين المضادة للثورة، التي غالبا يتم تجاهلها لصالح موقفه المعادي للغرب.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply