ينظر الفلسطينيون إلى قرار واشنطن رفع اسم تنظيم سلفي وهمي يُدعى “مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس” من قائمة الإرهاب، باعتباره محاولة مكشوفة لإظهار “التوازن”، بغرض “شرعنة حركة “كاخ” وعدم وصمها بالإرهاب.

غزة- كان لافتا العنوان الذي تناولته وسائل إعلام عالمية بأن “واشنطن تزيل منظمة يهودية متطرفة وأخرى فلسطينية من قائمة الإرهاب”، في مسعى أميركي رأت فيه أطراف فلسطينية “محاولة للتضليل وبيع الوهم”.

ولاقى القرار الأميركي برفع حركة “كاخ” الإسرائيلية المتطرفة، انتقادات حادة على لسان الرئاسة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومكونات مجتمعية، رأت فيه “مكافأة” لنشطاء منظمة إرهابية إسرائيلية، تاريخها حافل بارتكاب الجرائم ولا تزال ترتكبها.

وفي الوقت نفسه، نظر الفلسطينيون إلى قرار واشنطن رفع اسم تنظيم سلفي وهمي يُدعى “مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس”، محاولة مكشوفة لإظهار “التوازن”، بغرض “شرعنة” كاخ” وعدم وصمها بالإرهاب.

 

 

ما هو مجلس شورى المجاهدين؟

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية هذا التنظيم السلفي على قائمة الإرهاب عام 2014، وبررت القرار في حينه، بأن التنظيم يضم ائتلافا “من منظمات جهادية تتخذ من غزة مقرا وتبنت مسؤوليتها عن الكثير من الهجمات ضد إسرائيل منذ إنشائه عام 2012″، رغم أن الفلسطينيين لم يلمسوا أثرا لهذه الهجمات سوى بضع بيانات تبنّت إطلاق صواريخ بدائية.

وينسب تأسيس “مجلس شورى المجاهدين” إلى هشام السعيدني، قبل اغتياله في أكتوبر/تشرين الأول 2012، عندما استهدفت طائرة إسرائيلية الدراجة النارية التي كان يستقلها في شمال قطاع غزة.

وكان السعيدني يقود “جماعة التوحيد والجهاد”، قبل اتفاق دمجها مع جماعات سلفية جهادية أخرى، وتكوين “مجلس شورى المجاهدين”.

والسعيدني، الذي كان يعرف بين أنصاره بـ “أبو الوليد المقدسي”، من مواليد عام 1965، وهو فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية، ودخل غزة عام 2008، مستغلا تحطيم الجدار على الحدود الفلسطينية المصرية، واقتحام الآلاف للأراضي المصرية، سعيا لكسر الحصار الإسرائيلي.

ودخل السعيدني مع حركة حماس في صدامات دامية، أسفرت عن اعتقاله لنحو عامين بتهمة “الإخلال بالأمن الداخلي في قطاع غزة”، وأُفرج عنه قبل اغتياله بشهور قليلة، استجابة لوساطة جهات عشائرية أردنية.

ووقع الصدام الأكبر بين حماس وتنظيم السعيدني “جماعة التوحيد والجهاد”، عندما اختطفت الجماعة المتضامن الإيطالي فيكتور أريغوني في أبريل/نيسان 2011 في غزة، وهددت بقتله ما لم تفرج الحركة عن السعيدني وسجناء سلفيين آخرين، وقد نفذت الجماعة تهديدها وقتلت الناشط الإيطالي، عقب مواجهات عنيفة مع حماس أسفرت عن مقتل اثنين من العناصر السلفية.

ومنذ اغتيال السعيدني، اختفى وجود تنظيم “مجلس شورى المجاهدين” في غزة، ولم يسمع به أحد، باستثناء بيان أصدرته عام 2014، ترفض فيه المصالحة بين حركتي حماس والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بدعوى أنها “تخالف الشريعة الإسلامية”.

انحياز أميركي

ووصف رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية لحركة حماس في غزة باسم نعيم “مجلس شورى المجاهدين” بأنه “جسم وهمي لا يوجد له أي فعل على الأرض”.

ورأى نعيم في حديث للجزيرة نت، أن القرار الأميركي بشطب هذا التنظيم عن قائمة الإرهاب جاء لتمرير شطب حركة “كاهانا حي” (كاخ) الصهيونية. وحمّل واشنطن المسؤولية عن أية جرائم يرتكبها إرهابيون من أنصار هذه الحركة من أمثال “الإرهابي الصهيوني إيتمار بن غفير” بحق الشعب الفلسطيني.

وتساءل نعيم “كيف ينسجم إبقاء واشنطن على منظمة التحرير الفلسطينية على قائمة الإرهاب، وهي التي وقعت اتفاق أوسلو للسلام، وتنادي في كل المحافل بالتعايش السلمي، في حين يتم شطب كاخ وشرعنتها ورفع صفة الإرهاب عنها بينما أتباعها لا يزالون يرتكبون الجرائم بحقنا؟”.

وقال “هذا القرار تجاه كاخ التي لا تزال تتمسك بالفكر المتطرف والأيديولجيا الإرهابية، يؤكد المؤكد بالانحياز الصارخ لإسرائيل من جانب واشنطن، التي تدعم بكل السبل مقاومة الأوكرانيين ضد روسيا، وتُنكر وتجرّم حقنا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي”.

وتعد حركة “كاخ” -التي تغير اسمها إلى جماعة ” كاهانا حي” نسبة لأبرز مؤسسيها عام 1972 الحاخام مائير كاهانا- أشد المنظمات اليهودية تطرفا، وتدعو إلى تهجير الفلسطينيين ورفض أية عبادة غير اليهودية في “جبل الهيكل” (الاسم الذي يطلقونه على المسجد الأقصى)، كما ترفض السلام مع الفلسطينيين والعرب.

وعُرف من بين أبرز أعضاء هذه الحركة ومؤيديها المستوطن باروخ غولدشتاين منفذ مذبحة المسجد الإبراهيمي في الخليل، والذي راح ضحيتها عشرات المصلين الفلسطينيين عام 1994. وكذلك منفذو محرقة عائلة دوابشة في نابلس عام 2015، وأخيرا النائب الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير.

النائب الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير (يسار) إلى جانب المستوطن باروخ مارزل زعيم حرة “كاخ ” المتطرفة (الجزيرة)

ازدواجية المعايير

وقال أستاذ العلوم السياسية والباحث في الشأن الفلسطيني والشرق أوسطي حسام الدجني إن “صورة أميركا تتكشف يوما بعد يوم، من حيث ازدواجية المعايير وعدم النزاهة وغياب العدالة”.

وانتقد الدجني -في حديث للجزيرة نت- الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بادين، الذي وعد بـ “إنصاف الشعب الفلسطيني”، وقال إن “دونالد ترامب (الجمهوري) بكل دعمه لإسرائيل، لم يتخذ هذا القرار الصارخ برفع حركة صهيونية متطرفة معروفة بسجلها الإجرامي الحافل عن قائمة الإرهاب”.

واتهم إدارة بايدن بتضليل الشعب الأميركي، خاصة أنصار الحزب الديمقراطي، عبر إظهار “التوازن” بشطب تنظيم فلسطيني لا فعل سياسي أو عسكري أو تاريخي له، واختفى عن الوجود منذ سنوات طويلة، لتبرير شطب حركة كاخ، التي لم يتخلَّ أتباعها عن فكرهم الإرهابي والمجاهرة به.

وقال الدجني “إذا أرادت واشنطن المنطق والتوازن فعلا، فلترفع عن قائمة الإرهاب منظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد الإسلامي وقوى فلسطينية تتمسك بحقها المكفول في القوانين الدولية بمقاومة الاحتلال طلبا للحرية”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply