تقول الكاتبة والمدونة عبير قبطي -في مقال لها- عن كيفية نشر الإعلام الغربي الدعاية الإسرائيلية إن ذلك الإعلام يقوم بإعادة تدوير نقاط الحديث الإسرائيلية، بدلا من الثقة في شهادات شهود العيان الفلسطينيين.

وأوضحت قبطي -في مقالها الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) البريطاني- أن وسائل الإعلام الغربية خذلت الفلسطينيين مرة أخرى وهم يعيشون حالة صدمة جراء اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، مشيرة إلى أنه عندما تقتل القوات الإسرائيلية فلسطينيا، يوصف الفعل دائما بعبارات مبنية للمجهول من دون إعطاء سياق حول كيفية اندلاع المشاجرة أو اختلال توازن القوى.

وأشارت إلى أنه بعد ذلك يأتي التبني التلقائي لنقاط الحديث الإسرائيلية، التي هي دائما خادعة. فإستراتيجية إسرائيل تتمثل في إنكار المسؤولية على الفور، ثم التشكيك في الشهادات الفلسطينية، ووضع الأساس للتأكيد على وجود “نسختين” من القصة، ثم تكرر وسائل الإعلام هذا من دون انتقاد.

ترديد نقاط الحديث الإسرائيلية

وقالت إنها وفي اليوم الذي اغتيلت فيه شيرين، استمعت إلى خدمة “بي بي سي” (BBC) العالمية لبضع ساعات، حيث كان مراسلها يردد نقطة حديث إسرائيلية مفادها أنها قُتلت بنيران فلسطينية، ثم أشار إلى أن فلسطينيين قالوا إنها قتلت بنيران إسرائيلية، كما تضمن التقرير تأكيد إسرائيل أنها دعت السلطة الفلسطينية إلى إجراء تحقيق مشترك، لكن العرض قوبل بالرفض، ونفت السلطة الفلسطينية في البداية أن السلطات الإسرائيلية اتصلت بها، لكن وسائل الإعلام واصلت نقل ما قالته إسرائيل.

وأكدت الكاتبة أن معظم وسائل الإعلام الدولية تبنت الرواية الإسرائيلية نفسها، كما لو كانوا قد كتبوا مقالاتهم بشكل تعاوني مع وسائل الإعلام الإسرائيلية على “مستند غوغل” (Google Document) مشترك.

ومع التأكد من بث جميع نقاط الحديث الإسرائيلية، فشل الإعلام الغربي في إعطاء الاعتبار نفسه للجانب الفلسطيني. فرغم أن السلطة الفلسطينية أوضحت الخميس الماضي سبب رفضها المشاركة في تحقيق إلى جانب إسرائيل، وتسعى بدلا من ذلك إلى التحقيق في الأمر بشكل مستقل، فإن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت ذلك، لأنها لم تشأ الاهتمام بهذا السياق الحيوي.

الحفر أعمق

وأضافت قبطي أن التغطية الغربية المنحازة استمرت حتى في أثناء تشييع جنازة شيرين. فبعد أن هاجمت القوات الإسرائيلية المعزين الفلسطينيين، مع لقطات حية تظهر هجوما متعمدا وغير مبرر، كتبت المنافذ الإخبارية الغربية الكبرى بشكل مخادع عن اندلاع “اشتباكات” أو “اندلاع أعمال عنف”.

في الواقع، تستمد معظم وسائل الإعلام الغربية قواعد عملها من كتاب واحد. فبدلا من التعمق في البحث عن الحقيقة وتحدي التصريحات الإسرائيلية، يساعد المراسلون إسرائيل بدلا من ذلك على إغراق الأحداث في الغموض، وبغض النظر عما سيأتي بعد ذلك -حتى لو تضمنت القصة التالية سطرا حول الرد الفلسطيني- فقد تم بالفعل وضع الانطباع الأول.

وقالت الكاتبة إن إفادة صحفيين مثل شذى حنيشة، التي كانت بجانب الراحلة شيرين عند وفاتها، وإفادة علي الصمودي، الذي أصيب برصاصة بقرب الراحلة، وإفادة مجاهد الساعدي، الذي شهد الاغتيال أيضا، لم يتم قبولها، من دون مزيد من المصادقة من قبل مجموعات حقوقية إسرائيلية مثل بتسيلم، أو مصادر إخبارية مثل صحيفة “هآرتس”.

ما يبقى عالقا بالأذهان

وأشارت إلى أنه حتى عندما لم يعد بإمكان وسائل الإعلام الغربية تجنب فضح أكاذيب إسرائيل، فقد تضيف بضعة أسطر إلى قصصها هنا وهناك، ولكن عندما تكون سلامة هذه القصص أمرا حاسما حقا، في الساعات التي تلي مباشرة هذه الأنواع من الأحداث، فإن المراسلين عادة يتمسكون بالدعاية الإسرائيلية. وهذا بدوره يبقى عالقا في أذهان القراء والمشاهدين.

وعندما يتعلق الأمر بالحرب الروسية الأوكرانية، تقول قبطي، فإننا لا نرى مثل هذا التردد في وضع المسؤولية في مكانها. عندما يُقتل صحفيون في أوكرانيا، تشير التقارير الواردة من وسائل الإعلام الغربية على الفور إلى القصف الروسي. وتُعد المصادر والصحفيون الأوكرانيون موثوقين بدرجة كافية للاقتباس منهم، وليست هناك حاجة إلى رد روسي، ولا توجد دعوات لإجراء تحقيق لتحديد المخطئ.

وتختم الكاتبة بالقول إن هذه الازدواجية في المعايير تفضح تواطؤ وسائل الإعلام الغربية في التستر على الجرائم الإسرائيلية، مضيفة أن إنهاء هذا التواطؤ لن يتطلب الكثير، “فقط على وسائل الإعلام الدولية أن تعامل الفلسطينيين، بمن فيهم الصحفيون، بالمصداقية التي اكتسبوها”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply