تحتاج البكتيريا الزرقاء إلى شيء يربطها لتشكيل مجتمع بكتيري. وهنا يأتي دور الأقطاب الكهربائية التي تحقق التوازن بين الكثير من مساحة المسطحات والكثير من الضوء كما لو كانت ناطحة سحاب زجاجية

تمكن باحثون من جامعة كامبريدج (Cambridge University) من تصنيع “ناطحات سحاب” متناهية الصغر لمجتمعات بكتيريا التمثيل الضوئي، وذلك لمساعدتهم في توليد الكهرباء من ضوء الشمس والماء فقط.

وللوصول لتلك النتائج، استخدم الباحثون الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء شبكات من “مساكن نانوية” برجية بحيث تؤمن مسكنا ملائما لنمو البكتيريا المحبة للشمس بسرعة.

وتمكنوا أيضا من استخراج النفايات الإلكترونية الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي، والتي يمكن استخدامها لتشغيل الإلكترونيات متناهية الصغر.

Researchers from the University of Cambridge used 3D printing to create grids of high-rise ‘skyscrapers’ where sun-loving bacteria can grow quickly. The researchers were then able to extract the bacteria’s waste electrons, left over from photosynthesis, which could be used to power small electronics.
الطباعة ثلاثية الأبعاد تساعد في رفع كفاءة توليد الكهرباء من بكتيريا التمثيل الضوئي المحبة للشمس (يوريك ألرت)

البحث عن سكن بكتيري مناسب

لا يعتبر موضوع استخراج الطاقة من بكتيريا التمثيل الضوئي أمرا جديدا، إلا أن الدراسة التي نشرت في دورية “نيتشر ماتيريالز” (Nature Materials) بتاريخ 7 مارس/آذار الجاري، أظهرت أن تأمين السكن المناسب لهذه البكتيريا يزيد من كمية الطاقة التي يمكنهم استخلاصها إلى حد كبير بما ينافس الأساليب التقليدية المستخدمة في توليد الطاقة الحيوية المتجددة.

وعلى الرغم من أن التقنيات المستدامة الحالية، مثل الخلايا الشمسية والوقود الحيوي القائمة على السيليكون، تتمتع بمزايا كثيرة تتفوق بها على كثير من أنواع الوقود الأحفوري من حيث انبعاثات الكربون، فإنها محكومة ببعض القيود كالاعتماد على التعدين والزراعة واستخدام الأراضي وتحديات إعادة التدوير، مما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي.

وفي بيان رسمي نشر على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert)، أوضحت الدكتورة جيني جانغ من قسم يوسف حميد للكيمياء (Yusuf Hamied Department of Chemistry) أن النهج الذي اتبعته مع زملائها ما هو إلا “خطوة نحو صنع أجهزة طاقة متجددة أكثر استدامة للمستقبل”.

البكتيريا الزرقاء من أكثر الكائنات الحية وفرة على الأرض مما يجعلها مصدرا مهما للطاقة المستدامة (غيتي)

أبراج نانوية تؤدي دور الأقطاب الكهربائية

لطالما حفزت البكتيريا الزرقاء (cyanobacteria) أو بكتيريا التمثيل الضوئي، التي تعتبر من أكثر الكائنات الحية وفرة على الأرض، الباحثين على استخلاص الطاقة منها عبر “إعادة ربط” آليات التمثيل الضوئي الخاصة بها.

ولكي تنمو، تحتاج البكتيريا الزرقاء إلى الكثير من ضوء الشمس، مثل سطح البحيرة في فصل الصيف، ولا بد من ربط البكتيريا بأقطاب كهربائية من أجل استخلاص الطاقة التي تنتجها خلال عملية التمثيل الضوئي.

وهكذا قام فريق كامبريدج بطباعة أقطاب ثلاثية الأبعاد من جزيئات أكسيد المعادن النانوية مخصصة للعمل مع البكتيريا الزرقاء أثناء قيامها بعملية التمثيل الضوئي. وتمت طباعة الأقطاب الكهربائية على هيئة هياكل أعمدة شديدة التفرع ومكثفة بحيث باتت تشبه مدينة صغيرة.

وقد طوّر فريق جانغ تقنية طباعة تسمح بالتحكم في مقاييس الطول للنموذج المطبوع، مما يجعل الهياكل قابلة للتخصيص بدرجة عالية، وهكذا يمكن تنفيذ مجموعة واسعة من الأبراج بارتفاعات مختلفة حسب الطلب.

الأقطاب الكهربائية البرجية تتمتع بخصائص ممتازة لمعالجة الضوء، مثل برج سكني عال يحتوي على الكثير من النوافذ (غيتي)

مصانع كيميائية متعددة الاستخدامات

وأوضحت جانغ أن الأقطاب الكهربائية البرجية التي طوروها في بحثهم الجديد “تتمتع بخصائص ممتازة لمعالجة الضوء، مثل برج سكني عال يحتوي على الكثير من النوافذ”.

وأضافت “تحتاج البكتيريا الزرقاء إلى شيء يربطها مع بعضها بعضا لتشكيل مجتمع بكتيري. وهنا يأتي دور الأقطاب الكهربائية التي تحقق التوازن ما بين الكثير من مساحة المسطحات والكثير من الضوء، كما هي الحال في ناطحة سحاب زجاجية”.

وأوضحت جانغ أن البكتيريا الزرقاء هي مصانع كيميائية متعددة الاستخدامات، مؤكدة أن “استخدام الأقطاب الكهربائية النانوية البرجية التي طوروها يتيح لنا الاستفادة من مسار تحويل الطاقة في مرحلة مبكرة، مما يساعدنا على فهم كيفية تنفيذ عملية تحويل الطاقة حتى نتمكن من استخدامها لتوليد الوقود المتجدد أو لتوليد المواد الكيميائية”.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply