تقع “باتارا” ضمن حدود قضاء قاش بولاية أنطاليا جنوبي تركيا، وتعرف بأنها عاصمة اتحاد “ليكيا” الذي كان يضم 23 مدينة في منتصف القرن الأول الميلادي، وتضم أقدم منارة بحرية وحمّامًا شُيّد في عصر نيرون كما تحتضن المدرج الروماني الذي يمثل مرحلة الانتقال العمراني بين العصرين الهلنستي والروماني.

مدة الفيديو 01 minutes 41 seconds

قالت البروفيسورة حواء إيشكان إيشيق، رئيسة أعمال الحفر بالمدينة الأثرية “باتارا”، إن المدينة المعروفة بـ”مهد الحضارات” تأخذ زوارها في رحلة عبر التاريخ بما تضمّه من آثار تعود إلى حقب زمنية وحضارات مختلفة، ابتداء بالإمبراطورية الرومانية وانتهاء بالعهد العثماني.

وتقع “باتارا” التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد ضمن حدود قضاء قاش بولاية أنطاليا جنوبي تركيا، وتجاورها تلال رملية شبيهة بتلك الموجودة في صحارى مصر.

وتضم المدينة آثارًا تدل على وجود حياة بشرية فيها قبل نحو 4 آلاف عام، كما تعرف بأنها عاصمة اتحاد “ليكيا” الذي كان يضم 23 مدينة في منتصف القرن الأول الميلادي.

عاصمة اتحاد ليكيا

خلال أعمال الحفر بالمدينة اكتُشف مبنى مجلس اتحاد “ليكيا” (ليقيا) الذي يعدّ من أقدم نماذج الديمقراطية في العالم، وفيه كان يلتقي ممثلو مدن اتحاد منطقة ليكيا، وكان المجلس مصدر إلهام للمدن المتحدة في المنطقة أثناء تأسيسها.

وتنسب فكرة نظام الديمقراطية إلى المدن اليونانية القديمة بخاصة أثينا، واختلفت نظم الديمقراطية وقواعدها من مدينة إلى أخرى لكن معظم تلك التجارب لم توثّق في السجلات التاريخية باستثناء تجربة أثينا القصيرة في انتهاج نموذج الديمقراطية المباشرة للمواطنين الرجال من سكان أثينا البالغين.

باتارا تأخذ زوارها في رحلة عبر التاريخ بما تضمّه من آثار تعود لحقب زمنية وحضارات مختلفة (الأناضول)

وتلقب باتارا بـ”مهد الحضارات” لأنها تضم آثارًا لحضارات استضافتها على مر التاريخ، ولذلك يشعر زوارها كأنهم انطلقوا في رحلة عبر الزمن.

وتضم المدينة آثارا وحكايات من عصور مختلفة منذ عهد الإسكندر الأكبر حتى عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.

كما تشير أعمال الحفر إلى أن القديس نيكولاس المعروف بـ”بابا نويل” ولد في باتارا في القرن الرابع وعاش فيها طفولته، وتدرّج في مناصب الكنيسة حتى أُرسل ليكون أسقفًا في منطقة “دمره” في أنطاليا وتوفي هناك.

وإلى جانب مبنى مجلس اتحاد ليكيا تضم “باتارا” أقدم منارة بحرية، وحمّامًا شُيّد في عصر الإمبراطور الروماني نيرون، ومجرى للمياه، ومدخل المدينة التاريخية، والمسرح الروماني المدرج الذي يمثل مرحلة الانتقال العمراني بين العصرين الهلنستي والروماني ويعدّ من أكبر المسارح الرومانية في الأناضول وتبلغ سعته 6 آلاف شخص.

وتنتظر المدينة زوارها للاستمتاع بهذا الثراء الثقافي والتاريخي، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد زوار المدينة في العام الجاري 500 ألف زائر.

محطة التلغراف اللاسلكية

وفي حديث للأناضول، قالت إيشيق إن مدينة باتارا التاريخية بدأت استضافة فعاليات فنية وثقافية مع الانتهاء من ترميم المسرح الروماني فيها.

وأضافت أن المسرح حافظ على طبيعته وأصالته بعد أعمال الترميم، وأن مبنى اجتماعات مجلس اتحاد ليكيا يقع إلى جوار المسرح مباشرة.

المدينة تضم آثارًا تدل على وجود حياة بشرية بها قبل نحو 4 آلاف عام كما تعرف بأنها عاصمة اتحاد ليكيا (الأناضول)

وأوضحت أن المبنى يعدّ واحدًا من أكثر الآثار التاريخية بالمدينة التي يقبل الزوار على رؤيتها، وأن الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو صاحب نظرية فصل السلطات وصف اتحاد ليكيا بأنه أفضل نموذج لنظام الجمهورية في العالم.

وأشارت إيشيق إلى أن بوابة باتارا تعدّ من أهم بوابات المدن الأثرية التي ينصح بزيارتها لخصائصها العمرانية الفريدة ومحافظتها على حالتها حتى يومنا هذا.

وتابعت “من الآثار الأخرى التي تلفت الانتباه في باتارا المنارة البحرية، وحمام الميناء، وشارع الأعمدة، كما أنها تضم إرثًا تكنولوجيا مهمًّا هو محطة التلغراف اللاسلكية التي أنشئت عام 1906 وكانت الرابط الوحيد بين الدولة العثمانية وآخر أراضيها في شمال أفريقيا (طرابلس الغرب)”.

وأفادت إيشيق بأن أعمال ترميم المحطة وتحويلها إلى متحف لا تزال مستمرة.

ولفتت إلى أن أعداد الزوار بدأت تزداد مع انحسار تأثيرات وباء كورونا، وأن عدد زوار المدينة العام الماضي بلغ 400 ألف، مشيرة إلى أنهم يتوقعون تجاوز عدد الزوار 500 ألف خلال العام الجاري.

وشددت على أن مدينة باتارا من أهم المدن التاريخية التي ينصح بزيارتها والاستمتاع بثرائها الطبيعي من سواحل وشواطئ وتلال رملية وآثار تاريخية تعود لحضارات مختلفة.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply