تزامنت مظاهرة اليوم مع الاحتفال بذكرى عيد الشهداء وقد رفع المشاركون خلالها شعارات تمجد رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي يمثل الخصم السياسي الأبرز للرئيس التونسي، في حين تعالت أصوات المتظاهرين لإسقاط ما اعتبروه انقلابا على الدستور والشرعية من قبل قيس سعيد.

تونس- يظل سيناريو إفشال مسار الرئيس التونسي قيس سعيد للتفرد بالحكم مطروحا بقوة، حسب بعض القيادات المعارضة التي شاركت -اليوم الأحد- في مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس للمطالبة بالعودة للديمقراطية، لكن سياسيين داعمين للرئيس يرون أنه لا يمكن إسقاط مسار الرئيس بمسيرات تكررت سابقا ثم فشلت، حسب تعبيرهم.

وتزامنت مظاهرة اليوم الأحد مع الاحتفال بذكرى عيد الشهداء، وقد رفع المشاركون خلالها شعارات تمجد رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي يمثل الخصم السياسي الأبرز للرئيس التونسي، في حين تعالت أصوات المتظاهرين لإسقاط ما عدوه انقلابا على الدستور والشرعية من قبل قيس سعيد.

وفي خضم هذه الجولة الجديدة من الاحتجاجات ضد مسار قيس سعيد، يرى القيادي بحركة النهضة عبد اللطيف المكي أن المسيرات الشعبية ستغير من دون شك المسار الذي يسير فيه الرئيس، قائلا “هذه الاحتجاجات أسقطت مقولة الرئيس أن الشعب كله معه، وأثبتت أن غالبية الشارع تقف ضد مشروعه وأن مسانديه يعدون على أصابع اليد”.

التيار المعارض لمسار الرئيس سعيد السياسي يتزايد انتشاره في الشارع التونسي (الجزيرة)

ويقول للجزيرة نت إن الوقفة الاحتجاجية برهنت أن ثمّ جزءا كبيرا من الرأي العام التونسي مستمرا في مقاومة ما يعده “انقلابا” ومحاولة، لترسيخ نظام استبدادي فردي من قبل قيس سعيد، ويرى أن مشروع الرئيس “سينتهي بإسقاطه من قبل المحتجين، الذين صمموا على إنقاذ التجربة الديمقراطية وعدم الدوس عليها”.

وحول السيناريوهات القادمة للتصعيد في حال بقي الوضع على ما هو عليه، يقول المكي إن المعارضة تراهن على استمرار الاحتجاجات في الشارع للضغط على الرئيس في كل الاتجاهات، معتبرا أن الأخير سيدفع ثمن قيادته البلاد إلى انسداد خطير، جراء رفض الحوار وسوء إدارة الشأن العام وتأزيم الأوضاع.

ويرى المكي أن الرئيس قيس سعيد أصبح في عزلة جراء هروبه إلى الأمام، سعيا إلى ترسيخ مشروع التفرد بالحكم، كما كشف القيادي بحركة النهضة عن مبادرة سياسية جديدة طرحها السياسي المخضرم محمد نجيب الشابي، لتوحيد المعارضة حول رؤية لكيفية الخروج من هذا المأزق السياسي بطريقة مؤسساتية وتشاركية لقطع الطريق أمام تسلط الرئيس التونسي.

مبادرة سياسية

يعد نجيب الشابي أحد الوجوه المعارضة لمسار 25 يوليو/تموز 2021 الذي اتخذ فيه الرئيس قيس سعيد جملة من التدابير الاستثنائية من تجميد البرلمان -قبل حلّه كليا لاحقا- وإقالة الحكومة، ورفع الحصانة عن نواب البرلمان، وإلغاء العمل بأجزاء كبيرة من الدستور، وحكم البلاد بمراسيم رئاسية تفوض له صلاحيات واسعة جدا.

وحسب المكي، فإن هذه المبادرة السياسية الجديدة ستزيد في حشد المعارضة ورص صفوفها للتكتل في جبهة موحدة ضد الرئيس، موضحا أنها تطرح العديد من الإصلاحات السياسية على غرار تنقيح الدستور والقانون الانتخابي وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، كما تتحدث عن عودة مشروطة للبرلمان لسن بعض القوانين المهمة.

وهذه المبادرة لتوحيد المعارضة في جبهة واحدة سيكون لها تأثير حتمي على المشهد التونسي كما يقول عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني، للجزيرة نت، إذ يرى أن توافق الطيف السياسي بمختلف توجهاته على خطة موحدة سيعزز مواجهة مشروع الرئيس الطامح للتفرد بالحكم، بعيدا عن تلبية أي مطالب شعبية اجتماعية.

ورغم أنه لا يعتقد أن المسيرات الاحتجاجية قادرة على تغيير مسار الرئيس قيس سعيد بحكم إصراره على المضي في فرض سياسة الأمر الواقع لبسط نظام يكرس حكمه الفردي، فإنه لا يستبعد انتفاضة الشعب على “كل محاولات العودة إلى الدكتاتورية والتجويع”؛ فيقول إن “إرادة الشعب هي من ستحدد المسار المقبل عن قريب”.

طرفا الأزمة السياسية في تونس يحتجان بأنهما ينحازان إلى الدستور ويعملان على الحفاظ عليه (الجزيرة)

مسيرات فاشلة

في المقابل، يقول الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي إنه لا يمكن لمسيرة احتجاجية “تتراوح بين ألفين أو 3 آلاف مشارك أن تغير أو تسقط المسار السياسي للرئيس”، مشيرا إلى أنه منذ تاريخ 25 يوليو/تموز الماضي خرجت عديد من المسيرات التي تقف وراءها حركة النهضة، لكن جميعها فشلت في التعبئة.

ويضيف للجزيرة نت “أعتقد أن مسيرة اليوم بصدد بعث رسائل إلى الخارج للاستقواء بالأجنبي أكثر من الداخل”، مستبعدا أن ينخرط عموم الناس في هذه المسيرات بسبب رفضهم للمنظومة التي كانت تحكم قبل 25 يوليو/تموز 2021 ضمن تحالفات سياسية مغشوشة تقودها حركة النهضة طبقا لمصالحها الذاتية والخاصة”.

وبالنسبة إليه لم تترك حركة النهضة أي إنجازات يؤسف عليها، بل ترسخت لدى الشعب قناعة أن همها الوحيد هو السيطرة على أجهزة الدولة والحصول على التعويضات، معتبرا أن كل تقوم به حاليا لإعادة نشاط البرلمان المنحل أو تحريك الشارع هو محاولة فاشلة لن تلقى أي دعم شعبي أو أي تأثير، حسب رأيه.

ورغم أن حزبه كان من أكبر الأحزاب الداعمين للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، فإنه يؤكد للجزيرة نت أن لديه العديد من التحفظات على هذا المسار بسبب عدم إيلاء الرئيس -أي الحكومة- أي أولوية ملموسة لتحسين الأوضاع الاجتماعية أو لفتح الحوار والتشاركية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply