منظمة الصحة العالمية: امرأة واحدة تموت كل دقيقتين بسبب الحمل أو الولادة | مرأة

تشير أحدث التقديرات -التي صدرت أمس الخميس، في تقرير أعدته وكالات تابعة للأمم المتحدة- إلى أن امرأة تموت كل دقيقتين أثناء الحمل أو الولادة، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

وأصدرت المنظمة هذا التقرير نيابة عن الفريق الأممي المشترك بين الوكالات المعنية بتقدير وفيات الأمهات، والذي يضم اليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومجموعة البنك الدولي وشعبة السكان بإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، إضافة لمنظمة الصحة العالمية.

وتعرف “وفاة الأم” بأنها بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل أو الولادة، وتحدث عندما تكون المرأة حاملا، أو خلال 6 أسابيع من نهاية الحمل.

ويكشف التقرير، المعنون “الاتجاهات السائدة في وفيات الأمهات”، عن تراجع مقلق في صحة المرأة خلال السنوات الأخيرة، حيث زادت وفيات الأمهات أو ظلت كما هي دون تغيير في جميع مناطق العالم تقريبا.

واستنكر المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبريسوس هذا الوضع قائلا “في حين أن الحمل ينبغي أن يكون فترة مفعمة بالأمل وتجربة إيجابية لجميع النساء، فمن المحزن أنه لا يزال يمثل تجربة محفوفة بمخاطر جمّة بالنسبة لملايين من النساء في جميع أنحاء العالم اللواتي هن بحاجة إلى الحصول على رعاية صحية تتسم بجودتها العالية وسمعتها الطيبة”.

وأضاف “وتكشف هذه الإحصاءات الجديدة عن الحاجة الملحة لضمان حصول كل امرأة وفتاة على الخدمات الصحية الحيوية قبل الولادة وخلالها وبعدها، وأن تتمكن كلٌ منهن من ممارسة حقوقها الإنجابية كاملة”.

ويشير التقرير، الذي يرصد وفيات الأمهات على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية من عام 2000 إلى عام 2020، إلى أن هناك ما يقدر بحوالي 287 ألف وفاة للأمهات في جميع أنحاء العالم عام 2020.

وهذا يمثل انخفاضًا طفيفًا فقط من 309 آلاف عام 2016 عندما دخلت أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة حيز التنفيذ، وإن كان التقرير يشير إلى وجود تقدم كبير في خفض وفيات الأمهات بين عامي 2000 و2015، فإن ذلك التقدم قد تعثر تعثرًا كبيرًا، بل إنه تراجع في بعض الحالات، عقب تلك الفترة.

وفي اثنتين من مناطق الأمم المتحدة الثماني -وهما أوروبا وأميركا الشمالية، وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي- ارتفع معدل وفيات الأمهات من 17% عام 2016 إلى 15% عام 2020.

وفي أماكن أخرى، ظل المعدل كما هو دون تغيير. غير أن التقرير يشير إلى إمكانية إحراز تقدم. فمثلا، شهدت منطقتا أستراليا-نيوزيلندا، ووسط وجنوب آسيا انخفاضًا كبيرًا، بنسبة 35% و16% على التوالي، في معدلات وفيات الأمهات خلال الفترة نفسها، مثلما حدث في 31 دولة في مناطق أخرى من العالم.

الإنصاف في الرعاية الصحية

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسيف كاثرين راسل “بالنسبة لملايين الأسر، فإن معجزة ميلاد طفل تتحطم بمأساة وفاة الأم، فلا ينبغي لأي أم أن تخشى على حياتها عندما تهب للعالم طفلاً، خاصة في وجود المعرفة والأدوات اللازمة لعلاج المضاعفات الشائعة”. وتابعت “إن الإنصاف في الرعاية الصحية يتيح لكل أم، بصرف النظر عمن هي وأين تكون، فرصة لولادة آمنة والتمتع بصحة موفورة وسط أسرتها”.

وتبين الأرقام الإجمالية أن وفيات الأمهات لا تزال تتركز إلى حد كبير في أفقر أجزاء العالم وفي البلدان المتأثرة بالصراعات. وعام 2020 شهد حوالي 70% من جميع وفيات الأمهات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي 9 بلدان تواجه أزمات إنسانية حادة، كانت معدلات وفيات الأمهات أكثر من ضعف المتوسط العالمي (551 حالة وفاة للأمهات لكل 100 ألف مولود حي، مقارنة بـ 223 حالة على الصعيد العالمي).

وقال خوان بابلو أوريبي، المدير العالمي للصحة والتغذية والسكان في البنك الدولي، ومدير مرفق التمويل العالمي “يقدم هذا التقرير تذكيرا جليًا آخر بالحاجة الملحة إلى مضاعفة التزامنا بصحة المرأة والمراهقات”.

وأضاف “ومن خلال اتخاذ إجراءات فورية، وزيادة الاستثمارات في الرعاية الصحية الأولية، وتصميم نظم صحية أقوى وأكثر قدرة على الصمود، يمكننا إنقاذ الأرواح، وتحسين الصحة والرفاه، وتعزيز حقوق النساء والمراهقات والفرص المتاحة لهن”.

ويمكن للرعاية الصحية الأولية التي تركز على المجتمع أن تلبي احتياجات النساء والأطفال والمراهقات، وتمكن من مراعاة الإنصاف في الحصول على الخدمات الحيوية مثل حالات الولادة التي تتطلب المساعدة والرعاية قبل الولادة وبعدها، وتطعيم الأطفال، والتغذية، وتنظيم الأسرة.

أرقام مرعبة

ولا يتلقى ما يقرب من ثلث النساء  أربعة من ثمانية فحوصات موصى بها قبل الولادة، كما لا يتلقين الرعاية الأساسية لما بعد الولادة، في حين أن حوالي 270 مليون امرأة تنقصهن فرص الحصول على الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة.

وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانيم “من غير المعقول أن تصل الوفيات في العام الواحد إلى ما يزيد على 280 ألفا”.

وأضافت “يمكننا أن نفعل ما هو أفضل، بل يجب علينا ذلك من خلال الاستثمار العاجل في تنظيم الأسرة وسد النقص العالمي في القابلات الذي يبلغ 900 ألف قابلة حتى تتمكن كل امرأة من الحصول على ما تحتاجه من رعاية منقذة للحياة. ولدينا الأدوات والمعرفة والموارد اللازمة لإنهاء حالات وفيات الأمهات التي يمكن منع حدوثها. وما نحتاجه الآن هو الإرادة السياسية”.

تأثير جائحة كورونا على وفيات الأمهات

وربما تكون جائحة كورونا (كوفيد-19) قد أعاقت التقدم المحرز في مجال صحة الأم. وبملاحظة أن سلسلة البيانات الحالية تنتهي عام 2020، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتبيان التأثير الحقيقي للجائحة في وفيات الأمهات.

ومع ذلك، يمكن أن تزيد عدوى كوفيد-19 من المخاطر أثناء الحمل، لذلك ينبغي للبلدان اتخاذ إجراءات لضمان أن تحصل الحوامل ومن يخططن للحمل على لقاحات كوفيد-19 والرعاية الفعالة السابقة للولادة.

مليون امرأة في خطر بحلول عام 2030

وقال جون ويلموث، مدير شعبة السكان بإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية “يظل خفض وفيات الأمهات أحد التحديات الصحية العالمية الأكثر إلحاحا”. وأضاف أن القضاء على وفيات الأمهات التي يمكن منع حدوثها وتيسير حصول جميع الأمهات على الرعاية الصحية الجيدة النوعية “يقتضيان بذل جهود وطنية ودولية مستمرة والتزامًا صارمًا، خاصة من أجل المجموعات السكانية المهمشة. وتحتم علينا مسؤوليتنا الجماعية ضمان أن تضع كل أم في كل مكان طفلها بسلام حتى يمكن لها ولطفلها العيش في هناء”.

ويكشف التقرير أنه يجب على العالم الإسراع في إحراز تقدم صوب الوفاء بالأهداف العالمية المتعلقة بخفض وفيات الأمهات، وإلا فإنه سيعرض حياة أكثر من مليون امرأة إلى الخطر بحلول عام 2030.

ويتمثل هدف التنمية المستدامة لوفيات الأمهات في خفض معدل وفيات الأمهات في العالم إلى أقل من 70 حالة وفاة لكل 100 ألف مولود حي بحلول عام 2030. وقدر المعدل العالمي لوفيات الأمهات عام 2020 بحوالي 223 حالة وفاة للأمهات لكل 100 ألف مولود حي، أي أنه انخفض من 227 عام 2015، ومن 339 عام 2000.

وخلال حقبة الأهداف الإنمائية للألفية من 2000 إلى عام 2015، كان معدل الانخفاض السنوي العالمي 2.7%، لكنه انخفض بقدر ضئيل خلال السنوات الخمس الأولى من حقبة أهداف التنمية المستدامة (من 2016 إلى 2020).