بغداد – شكلت الحرب الروسية على أوكرانيا التي انطلقت قبل 11 يوما تداعيات عالمية بلغ صداها العراق، وولّد انقساما داخليا على المستويين السياسي والشعبي، حتى ذهب بعض العراقيين في التعبير عن تأييده إلى وضع لافتة ضخمة تحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاملة توقيع أصدقاء الرئيس.

هذا الموقف اختلف تماما عن الموقف الرسمي الذي اختصر بمتابعة أوضاع الجالية العراقية في أوكرانيا وتنقلهم إلى البلدان المجاورة هربا من الحرب أو رجوعهم إلى البلد، من دون الإدلاء بأي موقف رسمي مؤيد أو معارض للحرب.

قدرت وزارة الخارجية العراقية عدد أبناء الجالية العراقية في أوكرانيا بأكثر من 5500، أغلبهم طلاب في الجامعات.

كما خصصت السفارة العراقية في العاصمة الأوكرانية (كييف) رقما للعراقيين في أوكرانيا للتواصل في الحالات الطارئة.

وقامت السلطات العراقية في الأيام الأخيرة بإجلاء 223 عراقيا لجؤوا إلى بولندا من أوكرانيا.

والأربعاء الماضي امتنع العراق في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن التصويت لمصلحة قرار يدين الحرب الروسية على أوكرانيا، ويطالب روسيا بالكف عن استخدام القوة ضد أوكرانيا.
وصوّتت لمصلحة القرار 141 دولة في حين صوّتت 5 دول ضد القرار وامتنعت 35 دولة أخرى، وكان القرار بحاجة إلى ثلثي الأصوات لاعتماده.

الرديني: الحرب لم تكن يوما مكسبا حتى للمنتصر فيها بسبب ما تخلفه من مآس ومرارة وخسائر على الجانبين (الجزيرة نت)

حياد العراق

وعن الحرب الروسية على أوكرانيا، قال المتحدث باسم ائتلاف النصر عقيل الرديني إن الحرب لم تكن يومًا مكسبا حتى للمنتصر فيها بسبب ما تخلفه من مآس ومرارة وخسائر على الجانبين.

وأضاف -للجزيرة نت- أن الدستور العراقي المعتمد في ٢٠٠٥ يمنع أن تكون البلاد ممرا أو مقرا لأي اعتداء على الجيران أو الآخرين، مشيرا إلى أن بغداد تحرص على الحياد بل الحياد الإيجابي، مثل الموقف إزاء الخلاف الأميركي الإيراني، أو الإيراني السعودي حيث تلعب بغداد دور الوسيط.

من جهته، قال المحلل السياسي علي البيدر إنه يجب على العراق بوصفه دولة أن تكون له مواقف مبنية على معايير إنسانية ومحاولة تفضيل مصلحة البلاد.

البيدر رأى أن نظرة العراقيين للحرب على أوكرانيا غير واقعية وتميل إلى المشاعر أكثر من مراعاة مصلحة بلدهم (الجزيرة نت)

انقسام

ويضيف للجزيرة نت أن النظرة إلى الحرب الروسية على أوكرانيا من قبل الشعب العراقي نظرة غير واقعية تميل إلى المشاعر أكثر من ميلها إلى مصلحة الدولة والشعب؛ فالعراقيون لم ينظروا إلى تلك الحرب وتبعاتها من خلال ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية والسلع التي تأثرت نتيجة الحرب، بل من خلال التخندقات العاطفية والولاء للمعسكر الشرقي أو الغربي.

من جانبه، رأى الباحث السياسي صالح لفتة أن انقسام العراقيين تجاه الأزمة الأوكرانية مستمر سواء كان على المستوى الشعبي أو السياسي، وظهر ذلك جليا على مواقع التواصل الاجتماعي وهو امتداد للانقسام في كل المسائل السياسية والدينية والاجتماعية والدولية في هذا البلد.

وأضاف للجزيرة نت أن ذلك الانقسام حالة صحية وطبيعة ما دام في إطار السلمية واختلاف وجهات النظر، ولم يتعدّ ذلك الإطار إلى الاصطفاف وانتهاج سياسة المحاور الدولية وتعريض العراق لأزمات ومشاكل هو في غنى عنها، خصوصا عند الانحياز لأحد المعسكرين المتناقضين اللذين لا توافق بينهما في كثير من القضايا والملفات.

صالح لفتة (الجزيرة نت)
لفتة رأى أن الانقسام بين العراقيين حالة صحية وطبيعة ما دام في إطار السلمية واختلاف وجهات النظر (الجزيرة نت)

أوكرانيا كالعراق

وذهب لفتة إلى اعتبار حالة أوكرانيا شبيهة بما حدث للعراق رغم وجود بعض الاختلافات بين البلدين وفي أسباب الاجتياح والحرب، مع أن كل طرف يدّعي الحق بالخطوة التي اتخذها.

واستذكر لفتة “ينبغي لكلا الجانبين المؤيد لروسيا وأوكرانيا أن يتذكر حجم الدماء التي سالت في العراق والخراب والتهجير الذي شهده البلد بسبب الحروب والذي ما زال العراقيون يدفعون ثمنه حتى الآن وكذلك الأجيال القادمة، وألا يتمنى أن يتكرر ما حدث في العراق في أي بلد آخر، فالشعوب هي من تتحمل تبعات الحروب أما السياسيون فتفرقهم وتجمعهم المصالح بغض النظر عن الخسائر البشرية”.

Share.

رئيسة تحرير موقع شام بوست والمشرف العام عليه

Leave A Reply