منذ احتلالها شرقي القدس عام 1967 سعت إسرائيل إلى السيطرة على قطاع التعليم في المدينة باعتباره عاملا مهما في صنع الوعي وتشكيل هوية المقدسي
القدس المحتلة– أطلق ملتقى “كلنا مريم” العالمي في الأول من مارس/آذار الجاري حملة “مدرستي في القدس” الرقمية والميدانية، لإنقاذ التعليم في المدينة المحتلة، والتي ستمتد حتى أكتوبر/تشرين الأول القادم ليُعلن عن نتائجها الختامية في مؤتمر الملتقى الدولي السنوي بمدينة إسطنبول.
تركز الحملة على سد الثغرات التي تضعف التعليم في القدس على صعيد المنهاج والبنية التحتية للمدارس والطلبة، وذلك من خلال إجراءات توعوية ومادية تنطلق من مقر ملتقى “كلنا مريم” في تركيا لتشمل دولا عربية وإسلامية وتصل إلى دول وبرلمانات أوروبية أيضا كما قالت مسؤولة المشاريع في الملتقى جلنار فهيم للجزيرة نت.
7 مليار شيكل لتهويد التعليم في القدس #مدرستي_في_القدس#أنقذوا_التعليم_في_القدس pic.twitter.com/TI1xWQXatO
— كلنا مريم (@weareallmaryam1) March 3, 2022
دعم مادي ميداني
أبرز الإجراءات التي ميزت حملة “مدرستي في القدس” عن غيرها من الحملات المشابهة هو تقديم الدعم المادي للنهوض بواقع التعليم، وذلك من خلال دعم المعلمين ماليا لمساعدتهم في الحفاظ على وظائفهم، ودعم أهالي الطلبة الذين يتسرب أبناؤهم من المدرسة للعمل، بالإضافة إلى صيانة وترميم المدارس من خلال مشروع كفالة مدرسة.
وحسب فهيم، فإن الحملة ستقدم الدعم للطلبة المحتاجين -خصوصا الأيتام- لمساعدتهم على دفع الأقساط المدرسية وتوفير القرطاسية، إلى جانب تدريب وتأهيل وتطوير المعلمين وتوفير أحدث الوسائل التعليمية.
خارج فلسطين
أما خارج مدينة القدس فستنشط الحملة في دول مختلفة لتعريف الطلبة والمعلمين في المدراس بمشكلة التعليم في المدينة، وذلك من خلال عرض مقاطع توضيحية مصورة، وأخرى لشهادات الأهالي والطلبة والمعلمين الذين يواجهون المصاعب في القدس.
كما سترسل الحملة رسائل إلى منظمات الأمم المتحدة لحثها على حماية الطلبة المقدسيين الذين يعبرون الحواجز الإسرائيلية نحو مدارسهم.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي أطلق الملتقى حملة إلكترونية عالمية لتسليط الضوء على مشكلة التعليم في القدس من خلال نشر التصاميم والمضامين المصورة والمكتوبة، وتفعيل التغريد على وسمي “#مدرستي_في_القدس”، و”#أنقذوا_التعليم_في_القدس”.
مصادر الدعم وسبل وصوله
تؤكد جلنار فهيم أن الدعم المالي المخصص لحملة “مدرستي في القدس” سيُجمع من المؤسسات العاملة في مجال التعليم حول العالم، معتمدا بشكل كبير على تبرعات الأفراد من محبي القدس في العالمين العربي والإسلامي، ويُتوقع أن يكتمل جمع المخصصات بعد شهرين من انطلاق الحملة، لينتقل بعدها إلى المدارس التي تستحقه، والتي تعتمد المنهاج الفلسطيني.
وعن كيفية وصول الدعم إلى مدينة القدس، لم تخفِ فهيم العوائق الكبيرة التي تواجه تنفيذ المشاريع في المدينة بفعل الاحتلال، لكنها أكدت أن الدعم سيجد طريقه عبر المؤسسات العاملة فيها ذات الصلة بمؤسسات كبيرة في الخارج، خاصة التركية منها، والتي ستسهل المهمة وتذلل العوائق.
واقع التعليم في القدس
منذ احتلالها شرقي القدس عام 1967 سعت إسرائيل إلى السيطرة على قطاع التعليم في المدينة باعتباره عاملا مهما في صنع الوعي وتشكيل هوية المقدسي، وأُخضعت بعض المدارس في القدس لسلطة وزارة المعارف ببلدية الاحتلال في المدينة، وفُرض عليها المنهاج الإسرائيلي، ويعمل الاحتلال حتى اليوم على تعميم منهاجه في جميع المدارس بطرق عدة.
يبلغ عدد الطلبة في شرقي القدس اليوم نحو 90 ألف طالب يتوزعون على قرابة 300 مدرسة مقسمة وفق تبعيتها إلى مدارس تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ومدارس وزارة المعارف الإسرائيلية، ومدارس شبه معارف (تتبع بشكل جزئي لوزارة المعارف)، ومدارس خاصة أهلية.
وتلتزم المدارس التابعة بشكل كلي أو جزئي لوزارة المعارف بالمنهاج الإسرائيلي، وتحظى بدعم مادي واسع على صعيد البنية التحتية والتسهيلات الإدارية والمالية، وتحظى طواقمها برواتب مرتفعة، ويدفع طلبتها أقساطا رمزية.
أما المدارس الأخرى التي تدرس المنهاج الفلسطيني فتتعرض لتضييق وابتزاز إسرائيلي متواصل لتتبنى منهاجه.
وعدا عن إغلاق مكتب التربية والتعليم الفلسطيني في القدس عام 2019 وإصدار قرار في العام ذاته يهدد مدارس الأونروا بالإغلاق تعاني تلك المدارس من ضائقة مالية وشح في الغرف الصفية وتدهور في المباني والبنية التحتية، كما أن رواتب طواقمها منخفضة مقارنة بالحد الأدنى للأجور في القدس، فيما تُفرض على الطلبة في المدارس الخاصة أقساط مرتفعة تصل في متوسطها إلى 2500 دولار سنويا.
مدارس البلدة القديمة… ١٢ مدرسة تهود في ظل ممارسات الاحتلا.ل#مدرستي_في_القدس#انقذوا_التعليم_في_القدس pic.twitter.com/gp3T5lyowj
— كلنا مريم (@weareallmaryam1) March 2, 2022
تهديد مدارس البلدة القديمة
وكان اتحاد أولياء أمور الطلبة في مدارس القدس أصدر بيانا في فبراير/شباط الماضي ناشد فيه الجهات الرسمية الفلسطينية التحرك لإنقاذ مدارس البلدة القديمة داخل سور المدينة بسبب انخفاض عدد طلبتها والتخوف من إغلاقها.
وقال البيان إن تلك المدارس -التي تدرس المنهاج الفلسطيني- تتعرض لمضايقات من قبل الاحتلال تتمثل في اقتحام المدرسة واعتقال الطلبة كما حصل في مدرسة دار الأيتام الإسلامية، واعتراض بعضهم وتفتيشهم أثناء التوجه إلى الدوام، ومنع إدخال الكتب المدرسية كما جرى في مدارس رياض الأقصى الشرعية، ومحاولة الاستيلاء على بعض المباني الأثرية ذات الموقع الإستراتيجي والنجاح في تحويل بعضها إلى مدارس تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية.