وصل نعش الملكة إليزابيث إلى إدنبره بعد 6 ساعات من مغادرة منزلها الصيفي بالمرتفعات الأسكتلندية مرورا بعشرات الآلاف الذين اصطفوا على جوانب الطرق والشوارع لتوديع الملكة الراحلة، حيث التزم كثير منهم الصمت وأخذ بعضهم يصفق ويهتف وانفجر البعض الآخر في البكاء. في الأثناء، توجه الملك تشارلز الثالث إلى أسكتلندا للمشاركة في تشييع والدته.

وفي نهاية رحلته البطيئة عبر الريف الأسكتلندي الخلاب والقرى والبلدات والمدن الصغيرة، نقل جنود يرتدون التنانير النعشَ إلى غرفة العرش في قصر هوليرود هاوس، مقر الإقامة الأسكتلندي الرسمي لإليزابيث، حيث سيُسجى طوال الليل.

وفي رثاء مؤثر لوالدته يوم الجمعة، قال الملك الجديد إنها بدأت “رحلة عظيمة أخيرة” للحاق بزوجها الأمير فيليب الذي توفي العام الماضي بعد زواج استمر 73 عاما.

وفي وقت سابق، شقت عربة تحمل النعش المصنوع من خشب البلوط طريقها عبر بوابات قلعة بالمورال، حيث تُوفيت الملكة الخميس الماضي عن عمر ناهز 96 عاما، في بداية الرحلة إلى العاصمة الأسكتلندية.

وجرت تغطية النعش بالراية الملكية لأسكتلندا، يعلوه إكليل من الزهور التي اقتطفت من بالمورال، وبينها زهرة البازلاء الحلوة التي كانت واحدة من الزهور المفضلة عند الراحلة.

وتجمعت الحشود بأعداد كبيرة وسط إدنبره لتحية الموكب الذي ضم الأميرة آن ابنة الملكة، ووصل إلى قصر هوليرود هاوس حيث استقبله حرس الشرف العسكري.

وانحنت آن وشقيقاها الأصغر، أندرو وإدوارد، بينما كان الجنود من الفوج الملكي الأسكتلندي يحملون النعش.

وقالت إيلده ماكينتوش (62 عاما) التي غادرت منزلها السادسة صباحا لضمان أخذها موقعا جيدا في شارع رويال مايل الشهير في إدنبره يمكنها من إلقاء نظرة الوداع على الملكة وسط الجموع الغفيرة “لم يكن هناك سبيل لتفويت هذا الحدث. كنت سأندم على ذلك بقية حياتي”.

والموكب البطيء الذي انطلق من بالمورال هو الأول ضمن سلسلة من الفعاليات التي تنتهي بالجنازة الرسمية في كنيسة وستمنستر في لندن يوم 19 من الشهر الجاري.

وأثارت وفاتها حزنا عميقا وإشادات كثيرة بالملكة الراحلة، ليس فقط من المقربين في عائلتها والكثيرين في بريطانيا، ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم في انعكاس لحضورها الذي استمر على الساحة الدولية 7 عقود.

وأينما توجه الموكب، يصطف الناس على الطرقات أو يوقفون سياراتهم وينزلون منها لمتابعته. وفي مرحلة ما، مر الموكب “بحرس شرف” من عشرات الجرارات التي قام مزارعون بصفها في الحقول المجاورة.

وشاهد كثيرون بصمت الموكب في ضوء الشمس الساطع. وألقى البعض الزهور على الطريق. كما لم يتمالك آخرون أنفسهم من البكاء.

وقالت إليزابيث ألكسندر، التي تبلغ من العمر 69 عاما ووُلدت يوم تتويج الملكة عام 1953 “لقد كانت مثل فرد من العائلة، يغمرنا الحزن لأنها لن تكون معنا”.

ويواصل الآلاف تجمعهم عند قصور ملكية في أنحاء بريطانيا لوضع الزهور وإبداء الاحترام والتعازي، وكتب آخرون رسائل التعزية على الأشجار.

واعتلت إليزابيث العرش بعد وفاة والدها الملك جورج السادس يوم 6 فبراير/شباط 1952، عندما كانت تبلغ 25 عاما فقط. وجرت مراسم تتويجها بعد عام من ذلك.

وعلى الرغم من أن وفاة إليزابيث لم تكن مفاجأة بالكامل نظرا لعمرها وحقيقة تدهور صحتها الفترة الأخيرة، فقد اتسم استقبال النبأ بحالة من الصدمة.

وقال حفيدها الأمير وليام، الذي أصبح الآن وريث العرش، للمعزين أول أمس لدى لقائه الحشود عند قلعة وندسور “كنا جميعا نظن أنها لا تُقهر”.

تشارلز يتوجه إلى أسكتلندا

وبينما تتواصل خطط الحداد المعدة بدقة، يتوقع أن ينضم الملك تشارلز إلى كبار أفراد العائلة المالكة الآخرين في إدنبره، حيث سيُنقل النعش في موكب من قصر هوليرود هاوس إلى كاتدرائية سانت جايلز بالمدينة.

وسيبقى هناك لمدة 24 ساعة للسماح للناس بإلقاء نظرة الوداع، كما سيظل الملك وأفراد العائلة هناك للمشاركة في صلوات ليلية بالكنيسة حيث سيسجى النعش قبل نقله إلى لندن الثلاثاء.

وقبل السفر إلى أسكتلندا، سيتوجه تشارلز البالغ 73 عاما والذي أصبح تلقائيا ملكا للمملكة المتحدة، و14 دولة أخرى منها أستراليا وكندا وجاميكا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة، إلى البرلمان البريطاني لحضور مراسم تقليدية أخرى.

وأعلن مسؤولون أن يوم جنازة إليزابيث سيكون عطلة رسمية في بريطانيا، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه سيحضر الجنازة، على الرغم من عدم الكشف بعد عن التفاصيل الكاملة للحدث والحضور.

وقبل ذلك، سيُحمل النعش جوا إلى لندن حيث يظل في قصر بكنغهام ثم يُنقل اليوم التالي إلى قاعة وستمنستر، ويبقى هناك مكشوفا 4 أيام.

وقالت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء للصحفيين “من البديهي القول إننا يمكن أن نتوقع أعدادا كبيرة من الناس”.

وتنضم رئيسة الحكومة ليز تراس، التي كان تنصيبها الثلاثاء الماضي آخر عمل علني لإليزابيث، إلى الملك تشارلز ليقوما معا بجولة في دول المملكة المتحدة الأربع الأيام القليلة المقبلة.

وأصبح تشارلز الملك رقم 41 الذي يعتلي عرش بريطانيا من سلسلة تعود أصولها إلى الملك النورماندي وليام الأول الفاتح الذي استولى على عرش إنجلترا عام 1066.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply