نشرت صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) مقالا للمؤلفة والناشطة ليلى الشامي علقت فيه على ما وصفته بسوريا التي يود الرئيس بشار الأسد أن يراها العالم من خلال فيلم صيني، “هوم أوبريشن” (Home Operation) من إنتاج الممثل الشهير جاكي شان، يُصور في حي الحجر الأسود، جنوب دمشق والذي كان موطنا لآلاف الأشخاص، على أنه مدينة في اليمن. والفيلم مستوحى من بعثة صينية لإجلاء رعايا صينيين وأجانب من اليمن عام 2015.

وأشارت الكاتبة إلى أن المشهد كان يصور في ظلال المباني التي تعرضت للقصف والتي لا تشبه اليمن كثيرا، وهو ما يجعل المشهد مزيفا رغم أن المباني السكنية كانت حقيقية، لكنها ليست في اليمن.

ولفتت إلى أنه في الصورة يبدو حي الحجر الأسود وكأنه خراب من صراع قديم، أعيد توظيفه كخلفية لبطولات نجوم السينما الصينية.

وأردفت أنه عندما بدأت الثورة السورية في عام 2011، كان حي الحجر الأسود معقلا للمعارضة، واستولى عليه تنظيم الدولة في 2015. ثم استعادته القوات الموالية لبشار الأسد في 2018 بعد أن سواه القصف بالأرض. وهو الآن الحي الذي يتوق إليه السكان الذين أجبروا على هجره.

وترى الكاتبة أن تصوير فيلم صيني ضخم في منطقة دمرها الأسد هي سرقة سينمائية، يمكن أن تفيد الرجل الذي دمرها في المقام الأول. وأضافت أن الأسد يود بذلك أن يرسم صورة لسوريا ما بعد الصراع، ويأمل أن يصدقها العالم، لكن المشكلة هي أنها ليست صورة حقيقية.

تصوير فيلم صيني ضخم في منطقة دمرها الأسد هي سرقة سينمائية، يمكن أن تفيد الرجل الذي دمرها في المقام الأول

فلا يزال الثوار يسيطرون على جزء كبير من شمال غرب سوريا، حيث يعيش العديد من النازحين داخليا في مخيمات، كما لا يزال النظام يقاتل تمردا في درعا مركز الانتفاضة المناهضة للحكومة في 2011.

واعتبرت الكاتبة أن الفيلم هو أحدث تكرار لحملة النظام لجعل العالم يرى البلد من منظور مختلف. وأشارت إلى أن محاولات النظام الأخرى لإصلاح صورته كانت أكثر تشويشا، حيث اعتمد على مدوني فيديوهات السفر أو “الفلوغرز” والمؤثرين لتصوير سوريا آمنة ومناقشة الحرب، في أحسن الأحوال، بعبارات غامضة.

وضربت مثلا بفلوغر ياباني زار مدينة صيدنايا في 2019 وتجول في ديرها الشهير، لكنه فشل في ذكر سجنها الشهير الذي أسمته منظمة العفو الدولية “المذبح البشري” ولا يزال يعمل حتى الآن. وعلقت بأن المؤثرين المسموح لهم بدخول البلاد هم أولئك الذين يرددون كالببغاء ما يقوله لهم المرشدون المعينون.

ومع ذلك اعتبرت الكاتبة الفيلم الصيني مختلفا قليلا، وأنه ربما يكون دليلا على أن محاولات الأسد لتحسين صورته في الخارج بدأت تؤتي ثمارها الحقيقية. وألمحت إلى أن الفيلم أنتجته شركة صينية في الإمارات، وأن الصين واحدة من الدول القليلة التي حافظت على علاقات دبلوماسية مع النظام السوري.

ورأت أنه إذا كان الأمل هو أن إعادة المشاركة الثقافية أو الدبلوماسية ستجعل حكومة الأسد تغير سلوكها، فلا يوجد دليل حتى الآن على أن هذا هو الحال. وقالت إن الضغط هو الذي يمكن أن يفعل ذلك، ولكن في الوقت الحالي سوريا ليست قريبة من قمة قائمة أولويات الغرب.

وبدلا من ذلك، يبدو أنه سيُسمح للأسد بمواصلة محاولة جعل العالم يعتقد أن الحرب في سوريا قد انتهت وأن نظامه هو حكومتها الشرعية. وإذا نجح، فلن تكون الرسالة الموجهة إلى المستبدين في أماكن أخرى أكثر وضوحا، ألا وهي أن العالم قد لا يغفر لكنه، مع الانتظار فترة طويلة بما فيه الكفاية، سينسى.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply